الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( اشترى شيئا ) منقولا ، إذ العقار لا يبيعه القاضي ( وغاب ) المشتري ( قبل القبض ونقد الثمن غيبة معروفة فأقام بائعه بينة أنه باعه منه لم يبع في دينه ) لإمكان ذهابه إليه [ ص: 231 ] ( وإن جهل مكانه بيع ) المبيع : أي باعه القاضي أو مأموره نظرا للغائب وأدى الثمن وما فضل يمسكه للغائب ، وإن نقص تبعه البائع إذا طفر به

التالي السابق


( قوله إذا العقار لا يبيعه القاضي ) في بعض النسخ لا يبيعه إلا القاضي بزيادة إلا ، والصواب الأول ، وهو الموجود في النهر وكذا في البحر عن النهاية وجامع الفصولين .

وعبارة جامع الفصولين : جاز للقاضي بيع المبيع وإبقاء الثمن لو كان منقولا لا لو عقارا ا هـ ( قوله قبل القبض ) فلو غاب بعده لا يبيعه القاضي لأن حقه غير متعلق بماليته بل بذمة المشتري ، وقيده في جامع الفصولين بما إذا لم يخف عليه التلف فإن خيف جاز له البيع حيث قال للقاضي إيداع مال غائب ومفقود ، وله إقراضه وبيع منقوله إذا خيف تلفه ولم يعلم مكان الغائب لا لو علم ا هـ . وينبغي أن يقال : إن خوف التلف مجوز للبيع علم مكانه أو لا ، وقدمنا نحوه في خيار الشرط فارجع إليه نهر ( قوله غيبة معروفة ) بأن كانت البلدة التي خرج إليها معرفة وإن بعدت نهر ( قوله فأقام بائعه بينة إلخ ) ليست البينة هنا للقضاء على الغائب ، بل لنفي التهمة وانكشاف الحال كما في الزيلعي ، فلا يحتاج إلى خصم حاضر لأن العبد في يده وقد أقر به للغائب على وجه يكون مشغولا بحقه بحر . قال في جامع الفصولين : الخصم شرط لقبول البينة لو أراد المدعي أن يأخذ من يد الخصم الغائب شيئا ، أما إذا أراد أن يأخذ حقه من مال كان للغائب في يده فلا يشترط ولا يحتاج لوكيل كهذه المسألة ، وكذا لو استأجر إبلا إلى مكة ذاهبا أو جائيا ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب فانفسخت الإجارة فله أن يركبها ولا يضمن ، وعليه أجرتها إلى مكة فإذا أتاها ورفع الأمر إلى القاضي فرأى بيعها ودفع بعض الأجر إلى المستأجر جاز ، وعلى هذا لو رهن المديون وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الأمر إلى القاضي ليبيع الرهن ينبغي أن يجوز كما في هاتين المسألتين ا هـ وأقره في البحر ( قوله أنه باعه منه ) وأنه لم ينقد إليه الثمن نهر وفتح . [ ص: 231 ]

مطلب للقاضي إيداع مال غائب وإقراضه وبيع منقوله إلخ

( قوله باعه القاضي أو مأموره ) ولو أذن له بأن يؤجر الدابة ويعلفها من أجرها جاز كما في جامع الفصولين ، وظاهر كلامهم أن البائع لا يملك البيع بلا إذن القاضي ، فإن باع كان فضوليا ، وإن سلم كان معتديا والمشتري منه غاصب بحر ، قلت : وفي الولوالجية : اشترى لحما فذهب ليجيء بالثمن فأبطأ فخاف البائع أن يفسد يسع البائع بيعه لأن المشتري يكون راضيا بالانفساخ ، فإن باع بزيادة تصدق بها أو بنقصان وضع على المشتري وهذا نوع استحسان ا هـ . وبه علم أن ما يسرع فساده لا يتوقف على القاضي لرضاه بالانفساخ ، بخلاف غيره فإن القاضي يبيعه على ملك المشتري ولذا كان الفضل له والنقص عليه ( قوله نظرا للغائب ) أي وللبائع لأن البائع يصل به إلى حقه ويبرأ عن ضمانه والمشتري أيضا تبرأ ذمته من دينه ومن تراكم نفقته بحر .

[ فرع ] في جامع الفصولين : سئل نجم الدين عمن وهبه أمير أمة فأخبرته أنها لتاجر قتل فأخذت وتداولتها الأيدي حتى وصلت إليه ولا يجد وارث القتيل ويعلم أنه لو خلاها ضاعت لو أمسكها يخاف الفتنة : فأجاب للقاضي بيعها من ذي اليد ، فلو ظهر المالك كان له على ذي اليد ثمنها




الخدمات العلمية