الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وحد الكساد ) ( أن تترك المعاملة بها في جميع البلاد ) فلو راجت في بعضها لم يبطل - [ ص: 269 ] بل يتخير البائع لتعيبها ( و ) حد ( الانقطاع عدم وجوده في السوق وإن وجد في أيدي الصيارفة ) و ( في البيوت ) كذا ذكره العيني وابن الملك بالعطف خلافا لما في نسخ المصنف وقد عزاه للهداية ، ولم أره فيها ، والله أعلم وفي البزازية لو راجت قبل فسخ البائع البيع عاد جائز لعدم انفساخ العقد بلا فسخ ، وعليه فقول المصنف بطل البيع : أي ثبت للبائع ولاية فسخه ، والله الموفق ( و ) قيد بالكساد ; لأنه ( لو نقصت قيمتها قبل القبض فالبيع على حاله ) إجماعا ولا يتخير البائع ( و ) عكسه ( ولو غلت قيمتها وازدادت فكذلك البيع على حاله ، ولا يتخير المشتري ويطالب بنقد ذلك العيار الذي كان ) وقع ( وقت البيع ) فتح ، وقيد بقوله قبل التسليم ; لأنه ( لو باع دلال ) وكذا فضولي ( متاع الغير بغير إذنه بدراهم معلومة واستوفاها فكسدت قبل دفعها إلى رب المتاع لا يفسد [ ص: 270 ] البيع ) لأن حق القبض له عيني وغيره .

التالي السابق


( قوله : بل يتخير البائع لتعيبها ) قال في البحر وإن كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل لكنه تعيب إذا لم ترج في بلدهم فيتخير البائع ، وإن شاء أخذه وإن شاء أخذ قيمته ا هـ . ومفاده أن التخيير خاص بما إذا كان الكساد في بلد العقد . ( قوله : خلافا لما في نسخ المصنف ) حيث قال في البيوت بدون عطف . ( قوله : لو راجت ) أي بعد الكساد . ( قوله : عاد جائزا ) الأولى أن يقول بقي على الصحة بدليل التعليل أفاده ط . ( قوله : أي ثبت للبائع ولاية فسخه ) هذا تفسير المحذوف وهو مؤول وذلك المحذوف خبر المبتدإ وهو قول ثم إن ما ذكره مأخوذ من البحر استدلالا بعبارة البزازية ، والظاهر أن ما فيها مبني على قول البعض ، ففي الفتح : لو اشترى مائة فلس بدرهم فكسدت قبل القبض بطل البيع استحسانا ; لأن كسادها كهلاكها ، وهلاك المعقود عليه قبل القبض يبطل العقد . وقال بعض مشايخنا إنما يبطل العقد إذا اختار المشتري إبطاله فسخا ; لأن فسادها كعيب فيها والمعقود عليه إذا حدث به عيب قبل القبض ثبت للمشتري فيه الخيار ، والأول أظهر ا هـ ومثله في غاية البيان .

( قوله : لو نقصت قيمتها ) أي قيمة غالبة الغش ويعلم منه أنه لا يبطل في غالبة الفضة بالأولى أفاده ط عن أبي السعود . ( قوله : وعكسه ) لا حاجة إليه . ( قوله : ويطالب بنقد ذلك العيار ) أي بدفع ذلك المقدار الذي جرى عليه العقد ولا ينظر إلى ما عرض بعده من الغلاء أو الرخص ، وهذا عزاه الشارح إلى الفتح ومثله في الكفاية ، والظاهر أنه المراد مما نقله في البحر عن الخانية والإسبيجابي من أنه يلزم المثل ولا ينظر إلى القيمة ، فمراده بالمثل المقدار تأمل وفيه عن البزازية والذخيرة والخلاصة عن المنتقى : غلب الفلوس القرض أو رخصت فعند الإمام الأول والثاني أولا ليس عليه غيرها وقال الثاني ثانيا عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض وعليه الفتوى : أي يوم البيع في البيع ويوم القبض في القرض ، ومثله في النهر ، فهذا ترجيح لخلاف ما مشى عليهالشارح ، ورجحه المصنف أيضا كما قدمناه في فصل القرض وعليه فلا فرق بين الكساد والرخص والغلاء في لزوم القيمة . ( قوله : وكذا فضولي ) يعني غير دلال ولا حاجة إليه ; لأن الدلال إذا باع بغير إذن كان فضوليا ولعله زاده ; لأن الدلال في العادة يبيع بالإذن كما هو مقتضى اشتقاقه من الدلالة فإنه يدل البائع على المشتري أو بالعكس ليتوسط بينهما في البيع فزاد قوله أو فضولي ليناسب قول [ ص: 270 ] المصنف بغير إذنه ، ويشير إلى أنه لا فرق بين كونه بالإذن أو لا ; ولذا قال في النهر قيدنا بعدم قبض البائع ; لأنه لو قبضها ولو فضوليا فكسدت لا يفسد البيع ولا شيء . ( قوله : عيني وغيره ) اعتراض بأن عبارة الفتح والعيني والخلاصة دلال باع متاع الغير بإذنه . قلت : لكن الذي رأيته في الفتح عن الخلاصة كعبارة المصنف . ولفظه : وفي الخلاصة عن المحيط : دلال باع متاع الغير بغير إذنه إلخ نعم الذي في العيني والبحر عن الخلاصة عن المحيط ، وكذا في متن المصنف مصلحا بإذنه وهو المناسب لقوله لا يفسد البيع ، ولقوله : لأن حق القبض له وعلى ما في الفتح يكون المراد أن المالك أجاز البيع ليناسب ما ذكر تأمل .




الخدمات العلمية