الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويجيب ) وجوبا ، وقال الحلواني ندبا ، والواجب الإجابة بالقدم ( من سمع الأذان ) ولو جنبا لا حائضا ونفساء وسامع خطبة وفي صلاة جنازة وجماع ، ومستراح وأكل وتعليم علم وتعلمه ، [ ص: 397 ] بخلاف قرآن ( بأن يقول ) بلسانه ( كمقالته ) إن سمع المسنون منه ، وهو ما كان عربيا لا لحن فيه ، ولو تكرر أجاب الأول ( إلا في الحيعلتين ) فيحوقل ( وفي الصلاة خير من النوم ) فيقول : صدقت وبررت . ويندب القيام عند سماع الأذان بزازية ، ولم يذكر [ ص: 398 ] هل يستمر إلى فراغه أو يجلس ، ولو لم يجبه حتى فرغ لم أره . وينبغي تداركه إن قصر الفصل ، ويدعو عند فراغه بالوسيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولو كان في المسجد حين سمعه ليس عليه الإجابة ، ولو كان خارجه أجاب ) بالمشي إليه ( بالقدم ، ولو أجاب باللسان لا به لا يكون مجيبا ) وهذا ( بناء على أن الإجابة المطلوبة بقدمه لا بلسانه ) كما هو قول الحلواني ، وعليه ( فيقطع قراءة القرآن لو ) كان يقرأ ( بمنزله ، ويجيب ) لو أذان مسجده كما يأتي ( ولو بمسجد لا ) [ ص: 399 ] لأنه أجاب بالحضور ، وهذا متفرع على قول الحلواني ، وأما عندنا فيقطع ويجيب بلسانه مطلقا ، والظاهر وجوبها باللسان لظاهر الأمر في حديث " { إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول } " كما بسط في البحر ، وأقره المصنف ، وقواه في النهر ناقلا عن المحيط وغيره بأنه على الأول لا يرد السلام ولا يسلم ولا يقرأ بل يقطعها ويجيب ، ولا يشتغل بغير الإجابة . قال : وينبغي أن لا يجيب بلسانه اتفاقا في الأذان بين يدي الخطيب ، وأن يجيب بقدمه اتفاقا في الأذان الأول يوم الجمعة لوجوب السعي بالنص . وفي التتارخانية إنما يجيب أذان مسجده . وسأل ظهير الدين عمن سمعه في آن من جهات ماذا يجب عليه ؟ [ ص: 400 ] قال : إجابة أذان مسجده بالفعل .

التالي السابق


( قوله : وقال الحلواني ندبا إلخ ) أي قال الحلواني : إن الإجابة باللسان مندوبة والواجبة هي الإجابة بالقدم . قال في النهر : وقوله بوجوب الإجابة بالقدم مشكل ; لأنه يلزم عليه وجوب الأداء في أول الوقت وفي المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وما في شهادات المجتبى : سمع الأذان وانتظر الإقامة في بيته لا تقبل شهادته مخرج على قوله كما لا يخفى . وقد سألت شيخنا الأخ عن هذا فلم يبد جوابا ا هـ . مطلب في كراهة تكرار الجماعة في المسجد

أقول وبالله التوفيق : ما قاله الإمام الحلواني مبني على ما كان في زمن السلف من صلاة الجماعة مرة واحدة وعدم تكرارها كما هو في زمنه صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء بعده ، وقد علمت أن تكرارها مكروه في ظاهر الرواية إلا في رواية عن الإمام ورواية عن أبي يوسف كما قدمناه قريبا ، وسيأتي أن الراجح عند أهل المذهب وجوب الجماعة وأنه يأثم بتفويتها اتفاقا . وحينئذ يجب السعي بالقدم لا لأجل الأداء في أول الوقت أو في المسجد ، بل لأجل إقامة الجماعة وإلا لزم فوتها أصلا أو تكرارها في مسجد إن وجد جماعة أخرى وكل منهما مكروه فلذا قال بوجوب الإجابة بالقدم .

لا يقال : يمكنه أن يجمع بأهله في بيته : فلا يلزم شيء من المحذورين ; لأنا نقول : إن مذهب الإمام الحلواني أنه بذلك لا ينال ثواب الجماعة وأنه يكون بدعة ومكروها بلا عذر ، نعم قد علمت أن الصحيح أنه لا يكره تكرار الجماعة إذا لم تكن على الهيئة الأولى وسيأتي في الإمامة أن الأصح أنه لو جمع بأهله لا يكره وينال فضيلة الجماعة لكن جماعة المسجد أفضل ، فاغتنم هذا التحرير الفريد ، ويأتي له قريبا بعض مزيد .

( قوله : من سمع الأذان ) يفهم منه أنه لو لم يسمع لصمم أو لبعد أنه لا يجيب ، وهو ظاهر الحديث الآتي إذا سمعتم الأذان حيث علق على السماع ، وقد صرح بعض الشافعية بأنه الظاهر ، وبأنه يجيب في جميعه إذا لم يسمع إلا بعضه .

( قوله : ولو جنبا ) لأن إجابة المؤذن ليست بأذان بحر عن الخلاصة .

( قوله : لا حائضا ونفساء ) لأنهما ليسا من أهل الإجابة بالفعل فكذا بالقول إمداد : أي بخلاف الجنب فإنه مخاطب بالصلاة ; ولأن حدثه أخف من الحيض والنفاس لإمكان إزالته سريعا .

( قوله : وسامع خطبة ) أي خطبة كانت ط ، وهذا وما بعده معطوف على قوله حائضا .

( قوله : وفي صلاة جنازة ) سقط من بعض النسخ لفظ صلاة موافقا لما في البحر عن المجتبى ، وعبارة الإمداد : وصلاة ولو جنازة .

( قوله : ومستراح ) أي بيت الخلاء .

( قوله : وتعليم علم ) أي شرعي فيما يظهر ، ولذا عبر في الجوهرة بقراءة الفقه .

( قوله : بخلاف قرآن ) لأنه لا يفوت ، جوهرة ، ولعله لأن تكرار القراءة إنما هو للأجر فلا يفوت بالإجابة ، بخلاف التعلم ، فعلى هذا لو يقرأ تعليما أو تعلما لا يقطع سائحاني . [ ص: 397 ]

[ تنبيه ] هل يجيب بعد الفراغ من هذه المذكورات أم لا ؟ ينبغي أنه إن لم يطل الفصل فنعم ، وإن طال فلا ، أخذا مما يأتي ، لكن صرح في الفيض أنه لو سلم على المؤذن أو المصلي أو القارئ أو الخطيب ، فعن أبي حنيفة لا يلزمه الرد بعد الفراغ ، بل يرد في نفسه . وعن محمد : يرد بعده : وعن أبي يوسف : لا يرد مطلقا ، هو الصحيح ، وأجمعوا أن المتغوط لا يلزمه مطلقا ا هـ تأمل .

( قوله : كمقالته ) أي مثلها في القول لا في الصفة من رفع صوت ونحوه .

( قوله : إن سمع المسنون منه ) الظاهر أن المراد ما كان مسنونا جميعه ، فمن لبيان الجنس لا للتبعيض ، فلو كان بعض كلماته غير عربي أو ملحونا لا تجب عليه الإجابة في الباقي ; لأنه حينئذ ليس أذانا مسنونا ، كما لو كان كله كذلك ، أو كان قبل الوقت ، أو من جنب أو امرأة . ويحتمل أن المراد ما كان مسنونا من أفراد كلماته ، فيجيب المسنون منها دون غيره ، وهو بعيد تأمل ; لأنه يستلزم استماعه والإصغاء إليه وقد ذكر في البحر أنهم صرحوا بأنه لا يحل سماع المؤذن إذا لحن كالقارئ ، وقدمنا أنه لا يصح بالفارسية وإن علم أنه أذان في الأصح بقي هل يجيب أذان غير الصلاة كالأذان للمولود ؟ لم أره لأئمتنا ، والظاهر نعم ; ولذا يلتفت في حيعلته كما مر ، وهو ظاهر الحديث ، إلا أن يقال : إن أل فيه للعهد ، وهل يجيب الترجيع إذا سمعه من شافعي بناء على اعتقاده أنه سنة ؟ محل تردد كما تردد بعض الشافعية فيمن سمع الإقامة من حنفي يثنيها ، واستوجبه بعضهم أنه لا يجيب في الزيادة كما لو زاد في الأذان تكبيرا ، لكن قياسه على الزيادة فيه نظر ; لأنه لا قائل بها ، بخلاف ما نحن فيه فإنه مجتهد فيه تأمل .

( قوله : ولو تكرر ) أي بأن أذن واحد بعد واحد ، أما لو سمعهم في آن واحد من جهات فسيأتي .

( قوله : أجاب الأول ) سواء كان مؤذن مسجده أو غيره بحر عن الفتح بحثا . ويفيده ما في البحر أيضا عن التفاريق : إذا كان في المسجد أكثر من مؤذن أذنوا واحدا بعد واحد ، فالحرمة للأول ا هـ لكنه يحتمل أن يكون مبنيا على أن الإجابة بالقدم ، أو على أن تكراره في مسجد واحد يوجب أن يكون الثاني غير مسنون ، بخلاف ما إذا كان من محلات مختلفة تأمل . ويظهر لي إجابة الكل بالقول لتعدد السبب وهو السماع كما اعتمده بعض الشافعية .

( قوله : فيحوقل ) أي يقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " وزاد في عمدة المفتي " ما شاء الله كان " وخير بينهما في الكافي . وفصل في المحيط بأن يأتي بالحوقلة مكان الصلاة ، وبالمشيئة مكان الفلاح إسماعيل والمختار الأول نوح أفندي . ثم إن الإتيان بالحوقلة وإن خالف ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام " { فقولوا مثل ما يقول } " لكنه ورد فيه حديث مفسر لذلك رواه مسلم ، واختار في الفتح الجمع بينهما عملا بالأحاديث ، قال : فإنه ورد في بعضها صريحا " { إذا قال حي على الصلاة قال حي على الصلاة إلخ } " وقولهم إنه يشبه الاستهزاء لا يتم ، إذ لا مانع من اعتباره مجيبا بهما داعيا نفسه مخاطبا لها ، وقد رأينا من مشايخ السلوك من كان يجمع بينهما فيدعو نفسه ثم يتبرأ من الحول والقوة ليعمل بالحديثين ، وقد أطال في ذلك وأقره في البحر والنهر وغيرهما . قلت : وهو مذهب سلطان العارفين سيدي محيي الدين نص عليه في الفتوحات المكية .

( قوله : فيقول صدقت وبررت ) بكسر الراء الأولى وحكي فتحها : أي صرت ذا بر : أي خير كثير ، قيل يقول للمناسبة ، ولورود خبر فيه . ورد بأنه غير معروف وأجيب بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ . ونقل الشيخ إسماعيل عن شرح الطحاوي زيادة " وبالحق نطقت " .

( قوله : بزازية ) كذا نقله في النهر ولم أره فيها ، فلتراجع نسخة أخرى ، نعم رأيت فيها سمع وهو يمشي ، فالأفضل أن يقف للإجابة ليكون في مكان واحد . ا هـ .

( قوله : ولم يذكر إلخ ) هو لصاحب النهر . [ ص: 398 ] قلت : ويحتمل أن يراد بالقيام الإجابة بالقدم . وقد أخرج السيوطي عن أبي نعيم في الحلية بسند فيه مقال " { إذا سمعتم النداء فقوموا فإنها عزمة من الله } " قال شارحه المناوي : أي اسعوا إلى الصلاة ، أو المراد بالنداء الإقامة . والعزمة بالفتح : الأمر .

( قوله : لم أره إلخ ) البحث لصاحب البحر ، وصرح به ابن حجر في شرح المنهاج ، حيث قال : فلو سكت حتى فرغ كل الأذان ثم أجاب قبل فاصل طويل كفى في أصل سنة الإجابة كما هو ظاهر . ا هـ .

واستفيد من هذا أن المجيب لا يسبق المؤذن بل يعقب كل جملة منه بجملة منه . قال في الفتح : وفي حديث عمر بن أبي أمامة التنصيص على ذلك . ا هـ .

قلت : وظاهره أنه لا تكفي المقارنة ; لأن الجواب يعقب الكلام بخلاف متابعة المقتدي للإمام إلخ .

( قوله : ويدعو إلخ ) أي بعد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم وغيره " { إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد مؤمن من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة } " وروى البخاري وغيره " { من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة } " وزاد البيهقي في آخره " { إنك لا تخلف الميعاد } " وتمامه في الإمداد والفتح . قال ابن حجر في شرح المنهاج : وزيادة والدرجة الرفيعة وختمه بيا أرحم الراحمين لا أصل لهما . ا هـ .

[ تتمة ] يستحب أن يقال عند سماع الأولى من الشهادة : صلى الله عليك يا رسول الله ، وعند الثانية منها : قرت عيني بك يا رسول الله ، ثم يقول : اللهم متعني بالسمع والبصر بعد وضع ظفري الإبهامين على العينين فإنه عليه السلام يكون قائدا له إلى الجنة ، كذا في كنز العباد . ا هـ . قهستاني ، ونحوه في الفتاوى الصوفية . وفي كتاب الفردوس " { من قبل ظفري إبهامه عند سماع أشهد أن محمدا رسول الله في الأذان أنا قائده ومدخله في صفوف الجنة } " وتمامه في حواشي البحر للرملي عن المقاصد الحسنة للسخاوي ، وذكر ذلك الجراحي وأطال ، ثم قال : ولم يصح في المرفوع من كل هذا شيء . ونقل بعضهم أن القهستاني كتب على هامش نسخته أن هذا مختص بالأذان ، وأما في الإقامة فلم يوجد بعد الاستقصاء التام والتتبع .

( قوله : ولو كان في المسجد إلخ ) هو مقابل قوله بأن يقول كمقالته ط .

( قوله : أجاب بالمشي إليه ) أي لئلا تفوته الجماعة فيأثم كما قررناه آنفا فافهم .

( قوله : وهذا ) راجع إلى قوله ولو كان في المسجد إلخ ح .

( قوله : المطلوبة ) أي طلب إيجاب كما قدمه .

( قوله : لا بلسانه ) أي لأن الإجابة به مندوبة على هذا القول كما مر .

( قوله : فيقطع قراءة القرآن ) الظاهر أن المراد المسارعة للإجابة وعدم القعود لأجل القراءة لإخلال القعود بالسعي الواجب . وإلا فلا مانع من القراءة ماشيا ، إلا أن يراد يقطعها ندبا للإجابة باللسان أيضا ، لكن لا يناسبه التفريع ولا قوله ولو بمسجد لا . لما علمت من أن الحلواني قائل بنسبها باللسان فافهم .

( قوله : ويجيب ) أي بالقدم .

( قوله : لو أذان مسجده كما يأتي ) أي عن التتارخانية ، هذا ساقط من بعض النسخ .

( قوله : ولو بمسجد لا ) [ ص: 399 ] أي لا يجب قطعها بالمعنى الذي ذكرناه آنفا ، فلا ينافي ما قدمه من أن إجابة اللسان مندوبة عند الحلواني فافهم .

( قوله : وهذا متفرع على قول الحلواني ) تكرار محض مع قوله وعليه فيقطع إلخ ط .

( قوله : والظاهر وجوبها باللسان إلخ ) كذا قاله في فتح القدير معللا بأنه لم تظهر قرينة تصرف الأمر عن الوجوب . ونازعه في شرح المنية بما في آخر الحديث ، من قوله عليه الصلاة والسلام " ثم صلوا علي فإن من صلى علي إلخ " لأن مثله من الترغيبات في الثواب يستعمل في المستحب غالبا . ا هـ .

أقول : فيه نظر ; لأن ما ذكر إنما هو للصلاة وسؤال الوسيلة لإجابة المدعي وجوبها والقران في النظم لا يوجد القران في الحكم كما تقرر في الأصول ، نعم أخرج الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح الآثار بسنده إلى { عبد الله رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فسمع مناديا وهو يقول : الله أكبر الله أكبر ، فقال صلى الله عليه وسلم على الفطرة ، فقال أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال صلى الله عليه وسلم خرج من النار } " فابتدرناه فإذا صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها . قال أبو جعفر : فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غير ما قال المنادي ، فدل أن الأمر للاستحباب والندب كأمره بالدعاء في أدبار الصلوات ونحوه ا هـ فهذه قرينة صارفة للأمر عن الوجوب ، وبه تأيد ما صرح به جماعة من أصحابنا ، من عدم وجوب الإجابة باللسان وأنها مستحبة . وهذا ظاهر في ترجيح قول الحلواني ، وعليه مشى في الخانية والفيض ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم " { إذا سمعت النداء فأجب داعي الله } " وفي رواية " فأجب ، وعليك السكينة " ويكفي في ترجيحه الأدلة على وجوب الجماعة ، فإنك علمت أن قول الحلواني مبني على أن الإجابة لقصد الجماعة . والذي ينبغي تحريره في هذا المحل أن الإجابة باللسان مستحبة وأن الإجابة بالقدم واجبة إن لزم من تركها تفويت الجماعة ، وإلا بأن أمكنه إقامتها بجماعة ثانية في المسجد أول بيته لا تجب ، بل تستحب مراعاة لأول الوقت والجماعة الكثيرة في المسجد بلا تكرار ، هذا ما ظهر لي .

( قوله : بأنه ) متعلق بقواه ، ولو قال وفرع عليه في النهر بأنه على الأول إلخ لكان أولى ط .

أقول : نعم قواه في النهر بما أورده على قول الحلواني من الإشكال بلزوم الأداء في أول الوقت وفي المسجد ، وقد علمت اندفاعه .

( قوله : على الأول ) أي القول بوجوب الإجابة باللسان .

( قوله : لا يرد السلام ) لم أره في النهر ، وإنما رأيته في البحر . وقال في المعراج : وفي التحفة : وينبغي للسامع أن لا يتكلم ولا يشتغل بشيء في حالة الأذان والإقامة ولا يرد السلام أيضا ; لأن الكل يخل بالنظم . ا هـ .

أقول : يظهر من هذا أن قوله لا يرد السلام ليس للوجوب ، أنه يتفرع على القولين وإلا لزم وجوب ذلك في الإقامة مع أن أصل إجابة الإقامة مستحبة كما يأتي فضلا عن وجوب ما ذكر فيها ; لأنه لا ينافي الإجابة ، فإنه يمكن أن يجيب ثم يرد السلام ، أو يسلم مثلا عند سكتات المؤذن ، لكنه لا ينبغي ; لأنه يخل بالنظم ; لأن المشروع [ ص: 400 ] إجابة لا حشو فيها ، ولعله إنما لم يجب رد السلام وإن قلنا إنه لا ينال الإجابة أو قلنا بعدم وجوبها ; لأن السلام عليه في هذه الحالة غير مشروع كالسلام على القارئ والمؤذن ، فلذا لم يجب رده كما قدمناه .

( قوله : قال ) أي في النهر .

( قوله : إنما يجيب أذان مسجده ) أي بالقدم ، وهو متفرع على قول الحلواني كما أشار إليه الشارح سابقا بقوله كما يأتي ط .

( قوله : قال إجابة أذان مسجده بالفعل ) قال في الفتح : وهذا ليس مما نحن فيه ; إذ مقصود السائل : أي مؤذن يجيب باللسان استحبابا أو وجوبا ، والذي ينبغي إجابة الأول سواء كان مؤذن مسجده أو غيره ، فإن سمعهم معا أجاب معتبرا كون إجابته لمؤذن مسجده ، ولو لم يعتبر ذلك جاز ، وإنما فيه مخالفة الأولى ا هـ ملخصا .

أقول : والظاهر أن عدول الإمام ظهير الدين إلى ما قال من باب أسلوب الحكيم ميلا منه إلى مذهب الحلواني ، ثم رأيت الرحمتي أجاب بذلك




الخدمات العلمية