الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويفتي القاضي ) ولو في مجلس القضاء وهو الصحيح ( من لم يخاصم إليه ) ظهيرية وسيتضح ( ويأخذ ) القاضي كالمفتي ( بقول أبي حنيفة على الإطلاق ثم بقول أبي يوسف ثم بقول محمد ثم بقول زفر والحسن بن زياد ) وهو الأصح منية وسراجية وعبارة النهر ثم بقول الحسن فتنبه وصحح في الحاوي اعتبار قوة المدرك والأول أضبط نهر ( ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا ) بل المقلد متى خالف [ ص: 361 ] معتمد مذهبه لا ينفذ حكمه وينقض هو المختار للفتوى كما بسطه المصنف في فتاويه وغيره ، وقدمناه أول الكتاب وسيجيء . وفي القهستاني وغيره : اعلم أن في كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي فالمراد قاض له ملكة الاجتهاد انتهى وفي الخلاصة وإنما ينفذ القضاء وفي المجتهد فيه إذا علم أنه مجتهد فيه وإلا فلا .

التالي السابق


مطلب يفتى بقول الإمام على الإطلاق .

( قوله : ويفتي القاضي إلخ ) في الظهيرية ولا بأس للقاضي أن يفتي من لم يخاصم إليه ولا يفتي أحد الخصمين فيما خوصم إليه ا هـ بحر وفي الخلاصة : القاضي هل يفتي فيه أقاويل ، والصحيح أنه لا بأس به في مجلس القضاء وغيره في الديانات والمعاملات ا هـ ، ويمكن حمله على من لم يخاصم إليه فيوافق ما في الظهيرية ومن ثم عولنا عليه في هذا المختصر منح ، وقد جمع الشارح بين العبارتين بهذا الحمل وفي كافي الحاكم وأكره للقاضي أن يفتي في القضاء للخصوم كراهة أن يعلم خصمه قوله فيتحرز منه بالباطل ا هـ .

( قوله : وسيتضح ) لعله أراد به مسألة التسوية تأمل .

( قوله : على الإطلاق ) أي سواء كان معه أحد أصحابه أو انفرد لكن سيأتي قبيل الفصل أن الفتوى على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء لزيادة تجربته .

( قوله : وهو الأصح ) مقابله ما يأتي عن الحاوي وما في جامع الفصولين من أنه لو معه أحد صاحبيه أخذ بقوله : وإن خالفاه قيل كذلك وقيل يخير إلا فيما كان الاختلاف بحسب تغير الزمان كالحكم بظاهر العدالة وفيما أجمع المتأخرون عليه كالمزارعة والمعاملة فيختار قولهما .

( قوله : وعبارة النهر إلخ ) أي لإفادة أن رتبة الحسن بعد زفر ، بخلاف عبارة المصنف فإن عطفه بالواو يفيد أنهما في رتبة واحدة ، وعبارة المصنف هي المشهورة في الكتب .

( قوله : وصحح في الحاوي ) أي الحاوي القدسي وهذا فيما إذا خالف الصاحبان الإمام والمراد بقوة المدرك قوة الدليل أطلق عليه المدرك ; لأنه محل إدراك الحكم ; لأن الحكم يؤخذ منه .

( قوله : والأول أضبط ) لأن ما في الحاوي خاص فيمن له اطلاع على الكتاب والسنة وصار له ملكة النظر في الأدلة واستنباط الأحكام منها ، وذلك هو المجتهد المطلق ، أو المقيد بخلاف الأول فإنه يمكن لمن هو دون ذلك .

( قوله : ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا ) أي لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع [ ص: 361 ] على قوة المدرك ، وبهذا رجع القول الأول إلى ما في الحاوي من أن العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنه الحاوي ، فقد اتفق القولان على أن الأصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح ، ولا يلزمه الأخذ بقول الإمام على الإطلاق بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله ، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو أفتوا في حياتهم كما حققه الشارح في أول الكتاب نقلا عن العلامة قاسم ، ويأتي قريبا عن الملتقط أنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم ، فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه وفي فتاوى ابن الشلبي لا يعدل عن قول الإمام إلا إذا صرح أحد من المشايخ بأن الفتوى على قول غيره وبهذا سقط ما بحثه في البحر من أن علينا الإفتاء بقول الإمام وإن أفتى المشايخ بخلافه ، وقد اعترضه محشيه الخير الرملي بما معناه أن المفتي حقيقة هو المجتهد وأما غيره فناقل لقول المجتهد ، فكيف يجب علينا الإفتاء بقول الإمام وإن أفتى المشايخ بخلافه ونحن إنما نحكي فتواهم لا غير ا هـ ، وتمام أبحاث هذه المسألة حررناه في منظومتنا في رسم المفتي وفي شرحها وقدمنا بعضه في أول الكتاب والله الهادي إلى الصواب فافهم .

( قوله : معتمد مذهبه ) أي الذي اعتمده مشايخ المذهب سواء وافق قول الإمام أو خالفه كما قررناه آنفا .

( قوله : وسيجيء ) أي بعد أسطر عن الملتقط وكذا في الفصل الآتي عند قوله قضي في مجتهد فيه .

( قوله : اعلم أن في كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي إلخ ) أقول : قد عد في الأشباه من المسائل التي فوضت لرأي القاضي إحدى عشرة مسألة زاد محشيه الخير الرملي أربع عشرة مسألة أخرى ذكرها الحموي في حاشيته ، ولحفيد المصنف الشيخ محمد بن الشيخ صالح بن المصنف رسالة في ذلك سماها فيض المستفيض في مسائل التفويض ، فارجع إليها ولكن بعض هذه المسائل لا يظهر توقف الرأي فيها على الاجتهاد المصطلح فليتأمل وانظر ما نذكره في الفصل الآتي عند قوله فيحبسه بما رأى .

( قوله : وإنما ينفذ القضاء إلخ ) هذا في القاضي المجتهد أما المقلد فعليه العمل بمعتمد مذهبه علم فيه خلافا أو لا ا هـ ط وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة عند قول المصنف وإذا رفع إليه حكم قاض آخر نفذه .




الخدمات العلمية