الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكره ) تحريما ( التقلد ) أي أخذ القضاء ( لمن خاف الحيف ) أي الظلم ( أو العجز ) يكفي أحدهما في الكراهة ابن كمال ( وإن تعين له أو أمنه لا ) يكره فتح ثم إن انحصر فرض عينا وإلا كفاية بحر [ ص: 368 ] ( والتقلد رخصة ) أي مباح ( والترك عزيمة عند العامة ) بزازية فالأولى عدمه ( ويحرم على غير الأهل الدخول فيه قطعا ) من غير تردد في الحرمة ففيه الأحكام الخمسة ( ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر ) ولو كافرا ذكره مسكين وغيره إلا إذا كان يمنعه عن القضاء بالحق فيحرم ولو فقد وال لغلبة كفار وجب على [ ص: 369 ] المسلمين تعيين وال وإمام للجمعة فتح ( ومن ) سلطان الخوارج و ( أهل البغي ) وإذا صحت التولية صح العزم وإذا رفع قضاء الباغي إلى قاضي العدل نفذه ، وقيل لا وبه جزم الناصحي ( فإذا تقلد طلب ديوان قاض قبله ) يعني السجلات [ ص: 370 ] ( ونظر في حال المحبوسين ) في سجن القاضي وأما المحبوسون في سجن الوالي فعلى الإمام النظر في أحوالهم فمن لزمه أدب أدبه وإلا أطلقه ولا يبيت أحدا في قيد إلا رجلا مطلوبا بدم ونفقة ومن ليس له مال في بيت المال بحر ( فمن أقر ) منهم ( بحق أو قامت عليه بينة ألزمه ) الحبس ذكره مسكين وقيل الحق ( وإلا نادى عليه ) بقدر ما يرى ثم أطلقه بكفيل بنفسه فإن أبى نادى عليه شهرا ثم أطلقه ( وعمل في الودائع وغلات الوقف بينة أو إقرار ) [ ص: 371 ] ذي اليد ( ولم يعمل ) المولى ( بقول المعزول ) لالتحاقه بالرعايا وشهادة الفرد لا تقبل خصوصا بفعل نفسه درر ومفاده ردها ولو مع آخر نهر . قلت : لكن أفتى قارئ الهداية بقبولها وتبعه ابن نجيم فتنبه ( إلا أن يقر ذو اليد أنه ) أي المعزول ( سلمها ) أي الودائع والغلات ( إليه فيقبل قوله فيهما ) أنها لزيد إلا إذا بدأ ذو اليد بالإقرار للغير ثم أقر بتسليم القاضي إليه فأقر القاضي بأنها لآخر فيسلم للمقر له الأول ويضمن المقر قيمته أو مثله للقاضي بإقراره الثاني يسلمه لمن أقر له [ ص: 372 ] القاضي ( ويقضي في المسجد ) ويختار مسجدا في وسط البلد تيسيرا للناس ويستدبر القبلة كخطيب ومدرس خانية وأجرة المحضر على المدعي هو الأصح بحر عن البزازية وفي الخانية على المتمرد وهو الصحيح وكذا السلطان والمفتي والفقيه ( أو ) في ( داره ) ويأذن عموما .

التالي السابق


( قوله : أي أخذ القضاء ) هذا يناسب كون العبارة التقلد قال في البحر وهما نسختان أي في الكنز التقليد أي النصب من السلطان والتقلد أي قبول تقليد القضاء وهي الأولى ا هـ ، وهي التي شرح عليها المصنف وقال أيضا إنها أولى

قلت : ويمكن إرجاع الأولى إلى الثانية بتقدير مضاف أي قبول التقليد ، وهو معنى قول الشارح أي أخذ القضاء .

( قوله : لمن خاف الحيف ) فلو كان غالب ظنه أنه يجوز في الحكم ينبغي أن يكون حراما بحر .

( قوله : أو العجز ) يحتمل أن يراد به العجز عن سماع دعاوى كل الخصوم بأن قدر على البعض فقط وأن يراد العجز عن القيام بواجباته ومن إظهار الحق وعدم أخذه الرشوة فعلى الأول هو مباين وعلى الثاني أعم تأمل .

( قوله : ابن كمال ) أي نقلا عن القدوري .

( قوله : وإن تعين له ) أي مع خوف الحيف قال في الفتح ومحل الكراهة ما إذا لم يتعين عليه فإن انحصر صار فرض عين عليه ، وعليه ضبط نفسه إلا إذا كان السلطان يمكن أن يفصل الخصومات ويتفرغ لذلك ا هـ . [ ص: 368 ] مطلب للسلطان أن يقضي بين الخصمين وهذا صريح في أن للسلطان أن يقضي بين الخصمين ، وقدمنا التصريح به عن ابن الغرس عند قوله وحاكم قال الرملي وفي الخلاصة وفي النوازل : أنه لا ينفذ وفي أدب القاضي للخصاف ينفذ وهو الأصح ، وقال القاضي الإمام ينفذ وهذا أصح وبه يفتى ا هـ . [ تنبيه ]

لو تعين عليه هل يجبر على القبول لو امتنع قال في البحر : لم أره والظاهر نعم وكذا جواز جبر واحد من المتأهلين ا هـ لكن صرح في الاختيار بأن من تعين له يفترض عليه ولو امتنع لا يجبر عليه .

( قوله : والتقلد ) أي الدخول فيه عند الأمن وعدم التعين . مطلب ما كان فرض كفاية يكون أدنى فعله الندب .

( قوله : والترك عزيمة إلخ ) هو الصحيح كما في النهر عن النهاية ، وبه جزم في الفتح معللا بأن الغالب خطأ ظن من ظن من نفسه الاعتدال ، فيظهر منه خلافه ، وقيل : وإن الدخول فيه عزيمة والامتناع رخصة ، فالأولى الدخول فيه قال في الكفاية فإن قيل : إذا كان فرض كفاية كان الدخول فيه مندوبا لما أن أدني درجات فرض الكفاية الندب كما في صلاة الجنازة ونحوها قلنا نعم كذلك إلا أن فيه خطرا عظيما ، وأمرا مخوفا لا يسلم في بحره كل سابح ، ولا ينجو منه كل طامح إلا من عصمه الله تعالى وهو عزيز وجوده . مطلب أبو حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى ألا ترى أن أبا حنيفة دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى حتى ضرب في كل مرة ثلاثين سوطا ، فلما كان في المرة الثالثة قال حتى أستشير أصحابي ، فاستشار أبا يوسف فقال لو تقلدت لنفعت الناس فنظر إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى نظر المغضب ، وقال : أرأيت لو أمرت أن أعبر البحر سباحة أكنت أقدر عليه وكأني بك قاضيا ، وكذا دعي محمد رحمه الله إلى القضاء فأبى حتى قيد وحبس واضطر فتقلد ا هـ .

( قوله : ويحرم على غير الأهل ) الظاهر أنه ليس المراد بالأهل هنا ما مر في قوله : وأهله أهل الشهادة ; لأن المراد به من تصح توليته ولو فاسقا أو جائرا أو جاهلا مع قطع النظر عن حله أو حرمته ، بل المراد به هنا ما مر في قوله : وينبغي أن يكون موثوقا به في عفافه وعقله إلخ ، ويحتمل أن يراد به الجاهل تأمل . وفي الفتح وأخرج أبو داود عن بريدة عن أبيه قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاة ثلاثة : اثنان في النار وواحد في الجنة رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ورجل عرف الحق فلم يقض وجار في الحكم فهو في النار ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار } .

( قوله : ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر ) أي الظالم وهذا ظاهر في اختصاص تولية القضاء بالسلطان ونحوه كالخليفة ، حتى لو اجتمع أهل بلدة على تولية واحد القضاء لم يصح بخلاف ما لو ولوا سلطانا بعد موت سلطانهم كما في البزازية نهر وتمامه فيه . قلت : وهذا حيث لا ضرورة وإلا فلهم تولية القاضي أيضا كما يأتي بعده .

( قوله : ولو كافرا ) في التتارخانية الإسلام ليس بشرط فيه أي في السلطان الذي يقلد ، وبلاد الإسلام التي في أيدي الكفرة لا شك أنها بلاد الإسلام [ ص: 369 ] لا بلاد الحرب ; لأنهم لم يظهروا فيها حكم الكفر ، والقضاة مسلمون والملوك الذين يطيعونهم عن ضرورة مسلمون ولو كانت عن غير ضرورة منهم ففساق وكل مصر فيه وال من جهتهم تجوز فيه إقامة الجمع والأعياد وأخذ الخراج وتقليد القضاة ، وتزويج الأيامى لاستيلاء المسلم عليه وأما إطاعة الكفر فذاك مخادعة ، وأما بلاد عليها ولاة كفار فيجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين ، فيجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما منهم ا هـ وعزاه مسكين في شرحه إلى الأصل ونحوه في جامع الفصولين . مطلب في حكم تولية القضاء في بلاد تغلب عليها الكفار

وفي الفتح : وإذا لم يكن سلطان ، ولا من يجوز التقلد منه كما هو في بعض بلاد المسلمين غلب عليهم الكفار كقرطبة الآن يجب على المسلمين أن يتفقوا على واحد منهم ، ويجعلونه واليا فيولى قاضيا ويكون هو الذي يقضي بينهم وكذا ينصبوا إماما يصلي بهم الجمعة ا هـ . وهذا هو الذي تطمئن النفس إليه فليعتمد نهر ، والإشارة بقوله : وهذا إلى ما أفاده كلام الفتح من عدم صحة تقلد القضاء من كافر على خلاف ما مر عن التتارخانية ، ولكن إذا ولى الكافر عليهم قاضيا ورضيه المسلمون صحت توليته بلا شبهة تأمل ، ثم إن الظاهر أن البلاد التي ليست تحت حكم سلطان بل لهم أمير منهم مستقل بالحكم عليهم بالتغلب أو باتفاقهم عليه يكون ذلك الأمير في حكم السلطان فيصح منه تولية القاضي عليهم .

( قوله : ومن سلطان الخوارج وأهل البغي ) تقدم الفرق بينهما في باب البغاة .

( قوله : صح العزل ) فإذا ولى سلطان البغاة باغيا وعزل العدل ، ثم ظهرنا عليهم احتاج قاضي أهل العدل إلى تجديد التولية نهر .

( قوله : نفذه ) أي حيث كان موافقا أو مختلفا فيه كما في سائر القضاة وهو مصرح به في فصول العمادي ، ويدل بمفهومه على أن القاضي لو كان من البغاة فإن قضاياه تنفذ كسائر فساق أهل العدل ; ولأن الفاسق يصلح قاضيا في الأصح ، وذكر في الفصول ثلاثة أقوال فيه :

الأول ما ذكرنا وهو المعتمد .

الثاني عدم النفاذ ، فإذا رفع إلى العادل لا يمضيه .

الثالث حكمه حكم المحكم بمضيه لو وافق رأيه وإلا أبطله ا هـ بحر .

( قوله : وبه جزم الناصحي ) لكن قد علمت ما هو المعتمد . مطلب في العمل بالسجلات وكتب الأوقاف القديمة .

( قوله : فإذا تقلد طلب ديوان قاض قبله ) في القاموس الديوان ويفتح مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش ، وأهل العطية وأول من وضعه عمر رضي الله تعالى عنه جمعه دواوين ودياوين ا هـ فقوله : مجتمع الصحف بمعنى قول الكنز ، وهو الحوائط التي فيها السجلات والمحاضرات وغيرها ، والخرائط جمع خريطة شبه الكيس ، وقول الشارح : يعني السجلات تفسير بالمعنى الثاني ، وقول البحر تبعا لمسكين أن ما في الكنز مجاز ; لأن الديوان نفس السجلات والمحاضر لا الكيس فيه نظر فافهم والسجل لغة : كتاب القاضي والمحاضر جمع محضر وفي الدرر أن المحضر ما كتب فيه ما جرى بين الخصمين من إقرار أو إنكار ، والحكم ببينة أو نكول على وجه يرفع الاشتباه ، وكذا السجل والصك ما كتب فيه البيع والرهن والإقرار وغيرها والحجة والوثيقة ; يتناولان الثلاثة ا هـ ، والعرف الآن ما كتب في الواقعة وبقي عند القاضي وليس عليه خطه والحجة ما عليه علامة القاضي أعلاه وخط الشاهدين أسفله وأعطي [ ص: 370 ] للخصم . بحر ملخصا وإنما يطلبه ; لأن الديوان وضع ليكون حجة عند الحاجة فيجعل في يده ومن له ولاية القضاء ، وما في يد الخصم لا يؤمن عليه التغيير بزيادة أو نقصان ثم إن كانت الأوراق من بيت المال فلا إشكال في وجوب تسليمها إلى الجديد ، وكذا لو من مال الخصوم أو من مال القاضي في الصحيح ; لأنهم وضعوها في يد القاضي لعمله وكذا القاضي يحمل على أنه عمل ذلك تدينا لا تمولا وتمامه في الزيلعي ، [ تنبيه ] مفاد قول الزيلعي ليكون حجة عند الحاجة ، ومثله في الفتح أنه يجوز للجديد الاعتماد على سجل المعزول مع أنه يأتي أنه لا يعمل بقول المعزول وفي الأشباه لا يعتمد على الخط ولا يعمل بمكتوب الوقف الذي عليه خطوط القضاة الماضين ، لكن قال البيري المراد من قوله لا يعتمد أي لا يقضي بذلك عند المنازعة ; لأن الخط مما يزور ويفتعل كما في مختصر الظهيرية .

وليس منه ما في الأجناس بنص وما وجده القاضي بأيدي القضاة الذين كانوا قبله لها رسوم في دواوين القضاة أجريت على الرسوم الموجودة في دواوينهم ، وإن كان الشهود الذين شهدوا عليها قد ماتوا قال الشيخ أبو العباس يجوز الرجوع في الحكم إلى دواوين من كان قبله ومن الأمناء ا هـ ، أي لأن سجل القاضي لا يزور عادة ، وحيث كان محفوظا عند الأمناء ، بخلاف ما كان بيد الخصم وقدمنا في الوقف عن الخيرية أنه إن كان للوقف كتاب في سجل القضاة وهو في أيديهم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه ، وصرح أيضا في الإسعاف وغيره بأن العمل بما في دواوين القضاة استحسان ، والظاهر أن وجه الاستحسان ضرورة إحياء الأوقاف ونحوها عند تقادم الزمان بخلاف السجل الجديد ، لإمكان الوقف على حقيقة ما فيه بإقرار الخصم أو البينة ، فلذا لا يعتمد عليه وعلى هذا فقول الزيلعي ، وليكون حجة عند الحاجة معناه عند تقادم الزمان ، وبهذا يتأيد ما قاله المحقق هبة الله البعلي في شرحه على الأشباه بعد ما مر عن البيري من أن هذا صريح في جواز العمل بالحجة ، وإن مات شهودها حيث كان مضمونها ثابتا في السجل المحفوظ ا هـ . لكن لا بد من تقييده بتقادم العهد كما قلنا توفيقا بين كلامهم ، ويأتي تمام الكلام على الخط في باب كتاب القاضي وانظر ما كتبناه في دعوى تنقيح الفتاوى الحامدية .

( قوله : ونظر في حال المحبوسين إلخ ) بأن يبعث إلى السجل من يعدهم بأسمائهم ثم يسأل عن سبب حبسهم ، ولا بد أن يثبت عنده سبب وجوب حبسهم وثبوته عند الأول ليس بحجة يعتمدها الثاني في حبسهم ; لأن قوله لم يبق حجة كذا في الفتح نهر .

( قوله : إلا أطلقه ) أي إن لم يكن له قضية ، وعبارة النهر عن كتاب الخراج لأبي يوسف ، فمن كان منهم من أهل الدعارة والتلصص والجنايات ، ولزمه أدب أدبه ومن لم يكن له قضية خلى سبيله .

( قوله : أو قامت عليه بينة ) أعم من أن تشهد بأصل الحق أو بحكم القاضي عليه بحر .

( قوله : ألزمه الحبس ) أي أدام حبسه ، بحر .

( قوله : وقيل الحق ) قائله في الفتح حيث قال : من اعترف بحق ألزمه إياه ورده إلى السجن ، واعترضه في البحر بأنه لو اعترف بأنه أقر عند المعزول بالزنا لا يعتبر ; لأنه بطل ، بل يستقبل الأمر فإن أقر أربعا في أربعة مجالس حده ا هـ وفيه أن المتبادر من الحق حق العبد .

( قوله : وإلا ) أي وإن لم يقر بشيء ولم تقم عليه بينة بل ادعى أنه حبس ظلما نهر .

( قوله : نادى عليه ) ويقول المنادي : من كان يطالب فلان بن فلان الفلاني بحق فليحضر زيلعي .

( قوله : فإن أبى ) عن إعطاء الكفيل وقال : لا كفيل لي بحر .

( قوله : نادى عليه شهرا ) أي يستأنفه بعد مدة المناداة الأولى .

( قوله : في الودائع ) أي ودائع اليتامى نهر .

( قوله : ببينة ) أي يقيمها الوصي مثلا على من هي تحت يده [ ص: 371 ] أنها ليتيم فلان أو ناظر الوقف أن هذه الغلة لوقف فلان ، وكأنه مبني على عرفهم ومن أن الكل تحت يد أمين القاضي ، وفي زماننا أموال الأوقاف تحت يد نظارها وودائع اليتامى تحت يد الأوصياء ، ولو فرض أن المعزول وضع ذلك تحت يد أمين عمل القاضي بما ذكر نهر .

( قوله : المولى ) بتشديد اللام المفتوحة أي القاضي الجديد .

( قوله : درر ) ومثله في الهداية وغيرها .

( قوله : ومفاده ) أي مفاد قوله خصوصا بفعل نفسه ، وأصل البحث لصاحب البحر ، وقد رأيته صريحا في كافي الحاكم ونصه وإذا عزل عن القضاء ، ثم قال : كنت قضيت لهذا على هذا بكذا وكذا لم يقبل قوله فيه وإن شهد مع آخر لم تقبل شهادته حتى يشهد شاهدان سواه ا هـ ومثله في القهستاني عن المبسوط .

( قوله : وتبعه ابن نجيم ) أي في فتاواه وأما ما ذكره في بحره ، فقد علمت موافقته لما في النهر وعبارة فتاواه التي رتبها له تلميذه المصنف هكذا سئل عن الحاكم إذا أخبر حاكما آخر بقضية هل يكتفي بإخباره ويسوغ له الحكم بذلك أم لا بد من شاهد آخر معه ؟ أجاب : لا يكتفي بإخباره ولا بد من شاهد آخر معه قال المرتب لهذه الفتاوى ، وقد تبع شيخنا في ذلك ما أفتى به الشيخ سراج الدين قارئ الهداية ولا شك أن هذا قول محمد ، وأن الشيخين قالا بقبول إخباره عن إقراره بشيء مطلقا إذا كان لا يصح رجوعه عنه ، ووافقهما محمد ثم رجع عنه وقال : لا يقبل إلا بضم رجل آخر عدل إليه وهو المراد بقول من روى عنه أنه لا يقبل مطلقا ، ثم صح رجوعه قولهما كما في البحر ثم قال : وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شيء يصح رجوعه كالحد لم يقبل قوله بالإجماع وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك بينة ، وعدلوا أو قبلت شهادتهم على ذلك يقبل في الوجهين جميعا انتهى كلامه ، انتهى ما في الفتاوى .

أقول : وحاصله أن القاضي لو أخبر عن إقرار رجل بما لا يصح رجوعه عنه كبيع أو قرض مثلا يقبل عندهما مطلقا ووافقهما محمد أولا ثم رجع وقال لا يقبل ما لم يشهد معه آخر ثم رجوعه إلى قولهما بالقبول مطلقا كما لو أخبر عن حكمه بثبوت حق بالبينة ، فعلى هذا لم يبق خلاف في قبول قول القاضي ، ولا يخفى أن كلامنا في المعزول وهذا في المولى كما يعلم من شرح أدب القضاء وكذا مما سيأتي قبيل كتاب الشهادات عند قوله ولو قال قاض عدل قضيت على هذا بالرجم إلخ وبه يشعر أصل السؤال حيث عبر بالحاكم وعبارة قارئ الهداية كذلك وبه علم أن الاستدراك على ما في النهر في غير محله .

( قوله : فيقبل قوله ) أي قول المعزول وشمل ثلاث صور ما إذا قال ذو اليد بعد إقرار بتسليم القاضي المعزول إليه أنها لزيد الذي أقر له المعزول أو قال : إنها لغيره أو قال لا أدري ; لأنه في هذه الثلاث ثبت بإقراره أنه مودع المعزول ، ويد المودع كيده فصار كأنه في يد المعزول فيقبل إقراره به كما في الزيلعي بخلاف ما إذا أنكر ذو اليد التسليم فإنه لا يقبل قول المعزول كما في البحر .

( قوله : فيسلم لمقر له الأول ) لأنه لما بدأ بالإقرار صح إقراره ولزم ; لأنه أقر بما هو في يده فلما قال دفعه إلى القاضي فقد أقر أن اليد كانت للقاضي ، والقاضي يقر به لآخر فيصير هو بإقراره متلفا لذلك على من أقر له القاضي فتح ثم قال فرع يناسب هذا لو شهد شاهدان أن القاضي قضى لفلان على فلان بكذا ، وقال القاضي : لم أقض بشيء لا تجوز شهادتهما عندهما ويعتبر قول القاضي ، وعند محمد تقبل وينفذ ذلك ا هـ ، وقدمنا عن البحر أنه في جامع الفصولين رجح [ ص: 372 ] قول محمد لفساد الزمان .

( قوله : ويقضي في المسجد ) وبه قال أحمد ومالك وفي الصحيح عنه خلافا للشافعي له أن القضاء بحضرة المشرك وهو نجس بالنص وقد طال في الفتح في الاستدلال للمذهب ثم قال : وأما نجاسة المشرك ففي الاعتقاد على معنى التشبيه ، والحائض يخرج إليها أو يرسل نائبه كما لو كانت الدعوى في دابة ، وتمام الفروع فيه وفي البحر .

( قوله : ويستدبر ) أي ندبا كما في الذي قبله ط . مطلب في أجرة المحضر

. ( قوله : وأجرة المحضر إلخ ) بضم أوله وكسر ثالثه هو من يحضر الخصم ، وعبارة البحر هكذا وفي البزازية : ويستعين بأعوان الوالي على الإحضار ، وأجرة الأشخاص في بيت المال وقيل على المتردد في المصر ومن نصف درهم إلى درهم وفي خارجه لكل فرسخ ثلاثة دراهم أو أربعة ، وأجرة الموكل على المدعي وهو الأصح وفي الذخيرة أنه المشخص وهو المأمور بملازمة المدعى عليه ا هـ ، والإشخاص بالكسر بمعنى الإحضار فقد فرق بين المحضر وبين الملازم ، وهذا غير ما نقله الشارح فتأمل . وفي منية المفتي مؤنة المشخص قيل في بيت المال وفي الأصح على المتمرد ا هـ ، وهذا ما في الخانية . والحاصل : أن الصحيح أن أجرة المشخص بمعنى الملازم على المدعي وبمعنى الرسول المحضر على المدعى عليه لو تمرد بمعنى امتنع عن الحضور وإلا فعلى المدعي ، هذا خلاصة ما في شرح الوهبانية .

( قوله : أو في داره ) لأن العبادة لا تتقيد بمكان ، والأولى أن تكون الدار وفي وسط البلد كالمسجد نهر .




الخدمات العلمية