الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويمنع ) حتى انعقادها ( كشف ربع عضو ) قدر أداء ركن بلا صنعه ( من ) عورة غليظة أو خفيفة [ ص: 409 ] على المعتمد ( والغليظة قبل ودبر وما حولهما ، والخفيفة ما عدا ذلك ) من الرجل والمرأة ، وتجمع بالأجزاء لو في عضو واحد ، وإلا فبالقدر ; فإن بلغ ربع أدناها كأذن منع ( والشرط سترها عن غيره ) ولو حكما كمكان مظلم [ ص: 410 ] ( لا ) سترها ( عن نفسه ) به يفتى ، فلو رآها من زيقه لم تفسد وإن كره .

التالي السابق


( قوله ويمنع إلخ ) هذا تفصيل ما أجمله بقوله وستر عورته ح ( قوله حتى انعقادها ) منصوب عطفا على محذوف أي ويمنع صحة الصلاة حتى انعقادها . والحاصل أنه يمنع الصلاة في الابتداء . ويرفعها في البقاء ح ( قوله قدر أداء ركن ) أي بسنته منية . قال شارحها : وذلك قدر ثلاث تسبيحات ا هـ وكأنه قيد بذلك حملا للركن على القصير منه للاحتياط ، وإلا فالقعود الأخير والقيام المشتمل على القراءة المسنونة أكثر من ذلك ، ثم ما ذكره الشارح قول أبي يوسف . واعتبر محمد أداء الركن حقيقة ، والأول المختار للاحتياط كما في شرح المنية ، واحترز عما إذا انكشف ربع عضو أقل من قدر أداء ركن فلا يفسد اتفاقا لأن الانكشاف الكثير في الزمان القليل عفو كالانكشاف القليل في الزمن الكثير ، وعما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد اتفاقا قال ح : واعلم أن هذا التفصيل في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة ، أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها مطلقا اتفاقا بعد أن يكون المكشوف ربع العضو ، وكلام الشارح يوهم أن قوله قدر أداء ركن قيد في منع الانعقاد أيضا . ا هـ . ( قوله بلا صنعه ) فلو به فسدت في الحال عندهم قنية قال ح : أي وإن كان أقل من أداء ركن . ا هـ . وفي الخانية إذا طرح المقتدي في الزحمة أمام الإمام ، أو في صف النساء أو مكان نجس ، أو حولوه عن القبلة أو طرحوا إزاره ، أو سقط عنه ثوبه ، أو انكشفت عورته ، ففيما إذا تعمد ذلك فسدت صلاته وإن قل ، وإلا فإن أدى ركنا فكذلك ، وإلا فإن مكث بعذر لا تفسد في قولهم ، وإلا ففي ظاهر الرواية عن محمد تفسد ا هـ لكن في الخانية أيضا ما يدل على عدم اشتراط قوله بلا صنع ، فإنه قال لو تحول إلى مكان نجس ، إن لم يمكث على النجاسة قدر أدنى ركن جازت صلاته وإلا فلا ، وكذا في منية المصلي . قال : وكذا إن رفع نعليه وعليهما قذر مانع إن أدى معهما ركنا فسدت وذكر نحو ذلك في الحلية عن الذخيرة والبدائع وغيرهما . ثم قال : والأشبه الفساد مع التعمد إلا لحاجة كرفع نعله [ ص: 409 ] لخوف الضياع ما لم يؤد ركنا كما في الخلاصة ، وتمامه فيما علقناه على البحر ( قوله على المعتمد ) رد على الكرخي حيث قال : المانع في الغليظة ما زاد على الدرهم قياسا على النجاسة المغلظة ، كذا في البحر ( قوله والغليظة إلخ ) لا يظهر فرق بينها وبين الخفيفة إلا من حيث إن حرمة النظر إليها أشد . وفي الظهيرية : حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ ، فلو رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه إن لج . وفي الفخذ بعنف ولا يضربه إن لج . وفي السوأة يؤدبه على ذلك إن لج . ا هـ . قال في البحر : وهو يفيد أن لكل مسلم التعزير بالضرب فإنه لم يقيده بالقاضي ( قوله ما عدا ذلك ) أفرد اسم الإشارة وإن تعدد المشار إليه بتأويل المذكور . [ تتمة ] أعضاء عورة الرجل ثمانية : الأول الذكر وما حوله . الثاني الأنثيان وما حولهما . الثالث الدبر وما حوله . الرابع والخامس الأليتان . السادس والسابع الفخذان مع الركبتين . الثامن ما بين السرة إلى العانة مع ما يحاذي ذلك من الجنبين والظهر والبطن . وفي الأمة ثمانية أيضا : الفخذان مع الركبتين ، والأليتان والقبل مع ما حوله ، والدبر كذلك ، والبطن والظهر مع ما يليهما من الجنبين . وفي الحرة هذه الثمانية ، ويزاد فيها ستة عشر : الساقان مع الكعبين ، والثديان المنكسران ، والأذنان ، والعضدان مع المرفقين ، والذراعان مع الرسغين والصدر ، والرأس ، والشعر ، والعنق ، وظهر الكفين . وينبغي أن يزاد فيها أيضا الكتفان ولا يجعلان مع الظهر عضوا واحدا ، بدليل أنهم جعلوا ظهر الأمة عورة دون كتفيها وكذلك بطنا القدمين عورة في رواية أي وهي الأصح كما قدمناه عن إعانة الحقير للمصنف ، فتصير ثمانية وعشرين كذا حرره ح . قلت : وقدمنا عن التتارخانية أن صدر الأمة وثدييها عورة ، وقدمنا أيضا عن القنية أن جنبيها عورة مستقلة على أحد قولين ، وعليه فتزاد الأمة خمسة على الثمانية المارة فتصير أعضاؤها ثلاثة عشر ، والله تعالى أعلم ( قوله بالأجزاء ) المراد بها الكسور المصطلح عليها في الحساب وهي النصف والربع والثلث إلخ . مثاله انكشف ثمن فخذه من موضع وثمن ذلك الفخذ من موضع آخر يجمع الثمن إلى الثمن حسابا فيكون ربعا فيمنع ، ولو انكشف ثمن من موضع من فخذه ونصف ثمن ذلك الفخذ من موضع آخر لا يمنع ح ( قوله وإلا فبالقدر ) أي المساحة ، فإن بلغ المجموع بالمساحة ربع أدناها : أي أدنى الأعضاء المنكشف بعضها ، كما لو انكشف نصف ثمن الفخذ ونصف ثمن الأذن من المرأة فإن مجموعهما بالمساحة أكثر من ربع الأذن التي هي أدنى العضوين المنكشفين ، وهذا التفصيل ذكره ابن مالك في شرح المجمع موافقا لما في الزيادات ، وقوله في البحر أنه تفصيل لا دليل عليه ممنوع كما حققه في النهر ح . قلت : وعلى هذا التفصيل أعني اعتبار ربع أدنى الأعضاء المنكشفة لا ربع مجموعها مشى في القنية والحلية وشرح الوهبانية والإمداد وشرح زاد الفقير للمصنف ، خلافا للزيلعي وإن تبعه في الفتح والبحر فتدبر ، وقد أوضحنا ذلك فيما علقناه على البحر ( قوله عن غيره ) أي عن رؤية غيره من الجوانب لا من أسفل ، وقوله ولو حكما : أي ولو كانت الرؤية حكيمة ; كما في المكان المظلم أو المكان الخالي فإن العورة فيها مرئية حكما ; فيشترط فيها سترها فيه ، ولا يصح كون المعنى ولو كان الستر حكما لأنه يصير المعنى يشترط ستر العورة ولو كان [ ص: 410 ] ذلك الستر المشروط حكما ، وإذا ستر العورة في الظلمة بثوب كان ذلك سترا حقيقة وحكما لا في حكم الشرع فقط فافهم ( قوله به يفتى ) لأنه روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف نصا أنه لا تفسد صلاته كما في المنية وغيرها ( قوله فلو رآها من زيقه ) أي ولو حكما بأن كان بحيث لو نظر رآها كما في البحر ، وزيق القميص بالكسر : ما أحاط بالعنق منه قاموس ( قوله وإن كره ) لقوله في السراج فعليه أن يزره ، لما روي عن { سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله أصلي في قميص واحد ، فقال : زره عليك ولو بشوكة } " بحر . ومفادة الوجوب المستلزم تركه للكراهة ، ولا ينافيه ما مر من نصهما على أنها لا تفسد ، فكان هذا هو المختار ، كما في شرح المنية ، وتمامه فيما علقناه على البحر




الخدمات العلمية