الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أركان الوضوء أربعة

عبر بالأركان ; لأنه أفيد مع سلامته عما يقال إن أريد بالفرض القطعي يرد تقدير المسموح بالربع ، وإن أريد العملي يرد المغسول ، وإن أجيب عنه بما لخصناه في شرح الملتقى . [ ص: 94 ] ثم الركن ما يكون فرضا داخل الماهية ، وأما الشرط فما يكون خارجها ، فالفرض أعم منهما ، وهو ما قطع بلزومه حتى يكفر جاحده كأصلي مسح الرأس . وقد يطلق على العملي وهو ما تفوت الصحة بفواته ، كالمقدار الاجتهادي في الفروض [ ص: 95 ] فلا يكفر جاحده :

( غسل الوجه ) أي إسالة الماء مع التقاطر [ ص: 96 ] ولو قطرة . وفي الفيض أقله قطرتان في الأصح ( مرة ) لأن الأمر لا يقتضي التكرار ( وهو ) مشتق من المواجهة ، واشتقاق الثلاثي من المزيد إذا كان أشهر في المعنى شائع كاشتقاق الرعد من الارتعاد واليم من التيمم ( من مبدإ سطح جبهته ) أي المتوضئ بقرينة المقام ( إلى أسفل ذقنه ) [ ص: 97 ] أي منبت أسنانه السفلى ( طولا ) كان عليه شعر أو لا ، عدل عن قولهم من قصاص شعره الجاري على الغالب إلى المطرد ليعم الأغم والأصلع والأنزع ( وما بين شحمتي الأذنين عرضا ) وحينئذ ( فيجب غسل المياقي ) وما يظهر من الشفة عند انضمامها ( وما بين العذار والأذن ) لدخوله في الحد وبه يفتى ( لا غسل باطن العينين ) والأنف والفم وأصول شعر الحاجبين واللحية والشارب [ ص: 98 ] وونيم ذباب للحرج

التالي السابق


( قوله : عبر بالأركان ) أي ولم يعبر بالفرائض كما عبر غيره .

( قوله : لأنه ) أي التعبير المأخوذ من عبر ط .

( قوله : أفيد ) أي أكثر فائدة : قال في المنح : لأن الركن أخص ، ولينبه على أن مراد من عبر بالفرض الأركان . ا هـ .

( قوله : مع سلامته إلخ ) اعترض بأن كما اعترف به فرض داخل الماهية ، فهو أخص من مطلق الفرض ولازم الأعم لازم للأخص . وأجيب عنه بأن مفهوم الركن ما كان جزء الماهية وإن لزم هنا أن يكون فرضا ; لأن المعتبر في الماهيات الاعتبارية ما اعتبره الواضع عند وضع الاسم لها ، ولم يعتبر في الركن ثبوته بقطعي أو ظني .

( قوله : بالربع ) أي ربع الرأس ، ومثله غسل المرفقين والكعبين ، فإن لم يثبت شيء منها بقطعي ولذا لم يكفر المخالف فيها إجماعا كذا في الحلية .

( قوله : يرد المغسول ) أي من الأعضاء الثلاثة سوى المرفقين والكعبين ، زاد في الدر المنتقى وإن أريدا يلزم عموم المشترك أو إرادة الحقيقة والمجاز . ا هـ .

( قوله : بما لخصناه إلخ ) أي من أنه من عموم المجاز . [ ص: 94 ] مطلب الفرق بين عموم المجاز والجمع بين الحقيقة والمجاز

والفرق بينه وبين الجمع بين الحقيقة والمجاز أن الحقيقة في الأول تجعل فردا من الأفراد ، بأن يراد معنى يتحقق في كلا الأفراد ، بخلاف الثاني فإن الحقيقة يراد بها الوضع الأصلي ، والمجاز يراد به الوضع الثانوي ، فهما استعمالان متباينان ، أو من أن المراد القطعي . ويجاب عن إيراد الممسوح بأن المراد أصل المسح فيه ، وذلك قطعي لثبوته بالكتاب أو العملي :

ويجاب عن إيراد المغسول بأن المراد القدر في الكل ، ولا شك أنه من هذه الحيثية عملي ، لخلاف زفر في المرفقين والكعبين وأبي يوسف فيما بين العذار والأذن ط . قال بعض الفضلاء : والمخلص من ذلك كله أن نقول : إطلاق الفرض عليهما حقيقة في اصطلاح الفقهاء فيسقط السؤال من أصله . ا هـ .

أقول : وإلى هذا أشار في النهاية حيث أجاب بأن الفرض على نوعين : قطعي وظني ، وهو الفرض على زعم المجتهد كإيجاب الطهارة بالفصد والحجامة ، فإنهم يقولون يفترض عليه الطهارة عند إرادة الصلاة . ا هـ . ويأتي بيانه قريبا .

( قوله : ثم الركن ) ترتيب إخباري ط .

( قوله : ما يكون فرضا ) ومعناه لغة الجانب الأقوى كما قدمناه .

( قوله : داخل الماهية ) يعني بأن يكون جزءا منها يتوقف تقومها عليه ، والماهية ما به الشيء هو هو ، سميت بها لأنه يسأل عنها بما هو .

( قوله : وأما الشرط ) هو في اللغة العلامة . وفي الاصطلاح ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ، وقوله فما يكون خارجها بيان للمراد به هنا ، والمراد ما يجب تقديمه عليها واستمراره فيها حقيقة أو حكما ، فالشرط والركن متباينان كذا في الحلية . مطلب قد يطلق الفرض على ما ليس بركن ولا شرط

. ( قوله : فالفرض أعم منهما ) وقد يطلق على ما ليس واحدا منهما ، كترتيب ما شرع غير مكرر في ركعة ، كترتيب القراءة على القيام ، والركوع على القراءة ، والسجود على الركوع ، والقعدة على السجود ، فإن هذه التراتيب كلها فروض ليست بأركان ولا شروط ، كذا في شرح المنية للحلبي .

( قوله : وهو ما قطع بلزومه ) مأخوذ من فرض : بمعنى قطع تحرير ، ويسمى فرضا علما وعملا للزوم اعتقاده والعمل به .

( قوله : حتى يكفر ) بالبناء للمجهول : أي ينسب إلى الكفر من أكفره : إذا دعاه كافرا ، وأما يكفر من التكفير فغير ثابت هنا وإن كان جائزا لغة كما في المغرب ، والأصل حتى يكفر الشارع جاحده ، سواء أنكره قولا أو اعتقادا كذا في شرح المنار لابن نجيم فقال ( قوله : كأصل مسح الرأس ) أي مجردا بربع أو غيره . مطلب في فرض القطعي والظني

. ( قوله : وقد يطلق إلخ ) قال في البحر : والظاهر من كلامهم في الأصول والفروع . أن الفرض على نوعين : قطعي وظني ، هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته ، والمقدار في مسح الرأس من قبيل الثاني . وعند الإطلاق ينصرف إلى الأول لكماله . والفارق بين الظني القوي المثبت للفرض وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام . ا هـ . [ ص: 95 ]

أقول : بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة : الأول قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي . الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة . الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي . الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني ، فبالأول يثبت الفرض والحرام ، وبالثاني والثالث الواجب وكراهة التحريم ، وبالرابع السنة والمستحب .

ثم إن المجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريبا عنده من القطعي ، فما ثبت به يسميه فرضا عمليا ; لأنه يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل ، ويسمى واجبا نظرا إلى ظنية دليله ، فهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض ، بل قد يصل خبر الواحد عنده إلى حد القطعي ; ولذا قالوا إنه إذا كان متلقى بالقبول جاز إثبات الركن به حتى ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله صلى الله عليه وسلم { الحج عرفة } وفي التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني . والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض ، فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر ، وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء ، وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن تجب سجدة السهو . ا هـ . وتمام تحقيق هذا المقام في فصل المشروعات من حواشينا على شرح المنار فراجعه فإنك لا تجده في غيرها .

( قوله : فلا يكفر جاحده ) لما في التلويح من أن الواجب لا يلزم اعتقاد حقيقته لثبوته بدليل ظني ، ومبنى الاعتقاد على اليقين ، لكن يلزم العمل بموجبه للدلائل الدالة على وجوب اتباع الظن ، فجاحده لا يكفر ، وتارك العمل به إن كان مؤولا لا يفسق ولا يضلل ; لأن التأويل في مظانه من سيرة السلف ، وإلا فإن كان مستخفا يضلل ; لأنه رد خبر الواحد والقياس بدعة ، وإن لم يكن مؤولا ولا مستخفا يفسق لخروجه عن الطاعة بترك ما وجب عليه . ا هـ .

أقول : وما ذكره العلامة الأكمل في العناية من أنا لا نسلم عدم التكفير لجاحد مقدار المسح بلا تأويل لعله مبني على ما ذهب هو إليه كصاحب الهداية من أن الآية مجملة في حق المقدار ، وأن حديث المغيرة من مسحه عليه الصلاة والسلام بناصيته التحق بيانا لها فيكون ثابتا بقطعي ; لأن خبر الواحد إذا التحق بيانا للمجمل كان الحكم بعده مضافا للمجمل لا للبيان . وما رد به في البحر على صاحب الهداية أجبت عنه فيما علقته عليه .

( قوله : غسل الوجه ) الغسل بفتح الغين لغة : إزالة الوسخ عن الشيء بإجراء الماء عليه ، وبضمها اسم لغسل تمام الجسد وللماء الذي يغسل به ، وبكسرها ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره بحر ، والمراد الأول ، وإضافته إلى الوجه من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف أي غسل المتوضئ وجهه ; ولكن يرد عليه أنه يكون صفة للفاعل وهو غير شرط إذ لو أصابه الماء من غير فعل كفى ، فالأولى جعله مصدر المبني للمجهول على إرادة الحاصل بالمصدر أي مغسولية الوجه . قال في حواشي المطول : المصدر يستعمل في أصل النسبة وفي الهيئة الحاصلة منها للمتعلق معنوية أو حسية كهيئة المتحركية الحاصلة من الحركة وتسمى الحاصلة بالمصدر ، وتلك الهيئة للفاعل فقط في اللازم كالمتحركية والقائمية من الحركة والقيام ، أو للفاعل والمفعول للمتعدي كالعالمية من العلم واستعمال المصدر بالمعنى الحاصل بالمصدر استعمال الشيء في لازم معناه انتهى أي فهو مجاز مرسل .

( قوله : أي إسالة الماء إلخ ) قال في البحر : واختلف في معناه الشرعي ، فقال أبو حنيفة ومحمد : هو الإسالة مع التقاطر ولو قطرة حتى لو لم يسل الماء بأن استعمله [ ص: 96 ] استعمال الدهن لم يجز في ظاهر الرواية ، وكذا لو توضأ بالثلج ولم يقطر منه شيء لم يجز . عن أبي يوسف هو مجرد بل المحل بالماء سال أو لم يسل . ا هـ .

واعلم أنه صرح كغيره بذكر التقاطر مع الإسالة وإن كان حد الإسالة أن يتقاطر الماء للتأكيد ، وزيادة التنبيه على الاحتراز عن هذه الرواية على أنه ذكر في الحلية عن الذخيرة وغيرها أنه قيل في تأويل هذه الرواية إنه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك . ا هـ . ، والظاهر أن معنى لم يتدارك لم يقطر على الفور بأن قطر بعد مهلة ، فعلى هذا يكون ذكر السيلان المصاحب للتقاطر احترازا عما لا يتدارك فافهم ، ثم على هذا التأويل يندفع ما أورد على هذه الرواية من أن البل بلا تقاطر مسح ، فيلزم أن تكون الأعضاء كلها ممسوحة مع أنه تعالى أمر بالغسل والمسح .

( قوله : ولو قطرة ) على هذا يكون التقاطر بمعنى أصل الفعل . ا هـ . ح .

( قوله : أقله قطرتان ) يدل عليه صيغة التفاعل . ا هـ . ح .

ثم لا يخفى أن هذا بيان للفرض الذي لا يجزئ أقل منه ; لأنه في صدد بيان الغسل المفروض وسيأتي أن التقتير مكروه ، ولا يمكن حمل التقتير على ما دون القطرتين ; لأن الوضوء حينئذ لا يصح لما علمت ، فتعين أنه لا ينتفي التقتير إلا بالزيادة على ذلك ، بأن يكون التقاطر ظاهرا ليكون غسلا بيقين ، وبدونها يقرب إلى حد الدهن وربما لا يتيقن بسيلان الماء على جميع أجزاء العضو فلذاكره فافهم .

( قوله : لأن الأمر ) وهو هنا قوله تعالى - { فاغسلوا } - .

( قوله : لا يقتضي التكرار ) أي لا يستلزمه بل ولا يحتمله في الصحيح عندنا ، وإنما يستفاد من دليل خارجي كتكرر الصلاة لتكرر أوقاتها . مطلب في معنى الاشتقاق وتقسيمه إلى ثلاثة أقسام

. ( قوله : مشتق إلخ ) المراد بالاشتقاق الأخذ مجازا علاقته الإطلاق والتقييد ، إذ الاشتقاق في الصرف أخذ واحد من الأشياء العشرة من المصدر وهي الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل واسم الزمان والمكان والآلة والوجه ليس منها ا هـ ح لكن في تعريفات السيد ، الاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة ، فإن كان بينهما تناسب في الحروف والترتيب كضرب من الضرب فهو اشتقاق صغير ، أو في اللفظ والمعنى دون الترتيب كجبذ من الجذب فكبير ، أو في المخرج كنعق من النهق فأكبر ا هـ ونحوه في شرح التحرير قال : وقد تسمى أصغر وصغيرا وأكبر ، وقد تسمى أصغر وأوسط وأكبر ، الأول أشهر ، وما نحن فيه من القسم الأول فافهم .

( قوله : شائع ) خبر اشتقاق ; وذلك لأن معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فأكثر معنى واحد وفي هذا لا توقيت ، بأن يكون المشتق منه ثلاثيا ، فجاز أن يكون المزيد أشهر وأقرب للفهم من الثلاثي لكثرة الاستعمال ، فصح ذكر الاشتقاق لإيضاح معناه وإن لم يكن المزيد أصلا له أفاده في النهاية .

( قوله : من الارتعاد ) أي الاضطراب أخذ منه الرعد ، لاضطرابه في السماء أو اضطراب السحاب منه .

( قوله : واليم ) وهو البحر ، من التيمم : وهو القصد : قال في الكشاف : لأن الناس يقصدونه . وقال أيضا : واشتقاق البرج من التبرج لظهوره . وقال في الفائق : والجن من الاجتنان ، لاستتارهم عن العيون .

( قوله : سطح جبهته ) أي أعلاها ط .

( قوله : بقرينة المقام ) وهي كون المتوضئ أو المكلف فاعل المصدر الذي [ ص: 97 ] هو غسل . ا هـ . ط .

( قوله : أي منبت أسنانه السفلى ) تفسير للذقن بالتحريك : أي إلى أسفل العظم الذي عليه الأسنان السفلى : وهو ما تحت العنفقة .

( قوله : طولا ) منصوب على التمييز ط .

( قوله : كان عليه ) أي على الوجه .

( قوله : شعر ) بالإسكان ويحرك قاموس .

( قوله : عدل عن قولهم ) أي عدل المصنف عن قول بعض الفقهاء في تعريف الوجه طولا كالكنز والملتقى ط .

( قوله : قصاص ) بتثليث القاف والضم أعلاها حيث ينتهي نباته في الرأس نهر .

( قوله : الجاري ) صفة لقولهم ط .

( قوله : على الغالب ) أي في الأشخاص ، إذ الغالب فيهم طلوع الشعر من مبدأ سطح الجبهة ، ومن غير الغالب الأغم وأخواه ط .

( قوله : إلى المطرد ) أي العام في جميع الأفراد ط .

( قوله ليعم الأغم إلخ ) هو الذي سال شعر رأسه حتى ضيق الجبهة . والأصلع : هو الذي انحسر مقدم شعر رأسه : والأنزع : هو الذي انحسر شعره من جانبي جبهته . ا هـ . ح عن جامع اللغة . أقول : وبقي الأقرع ، وهو من ذهب شعر رأسه قاموس .

( قوله : شحمتي الأذنين ) أي ما لان منهما ، والأذن بضم الذال ولك إسكانها تخفيفا أفاده في النهر ، وانظر ما وجه التحديد بالشحمتين مع أن الظاهر أن يقال ما بين الأذنين ، ولعل وجهه أن الشحمتين لما اتصلتا ببعض الوجه وهو البياض الذي خلف العذار صار مظنة أن يجب غسلهما مثلا فجعلوا الحد بهما لدفع ذلك تأمل .

( قوله : وحينئذ ) أي حين إذ علمت حد الوجه طولا وعرضا ط .

( قوله : فيجب غسل المياقي ) جمع موق ، وهو على ما في النسخ بالياء الممدودة بعد الميم والصواب بالهمزة الممدودة ، فقد ذكر في القاموس في باب القاف عشر لغات في الموق : منها مأق بالهمزة وموق ومأقئ بهمزة قبل القاف وهمزة بعدها : وهو طرف العين المتصل بالأنف ، ثم ذكر بعد الكل أربعة جموع : آماق وإماق أي بهمزة ممدودة في أوله أو قبل آخره ومواق وماق ، ولم يذكر المياقي لا في المفردات ولا في الجموع هذا . وفي البحر لو رمدت عينه فرمصت يجب إيصال الماء تحت الرمص إن بقي خارجا بتغميض العين وإلا فلا ا هـ هذا . وفي بعض النسخ فيجب غسل الملاقي ، ويغني عنه قول المصنف الآتي وغسل جميع اللحية فرض ; لأن المراد بالملاقي ما لاقى البشرة منها كما في الدرر . وفي شرحها للشيخ إسماعيل : والملاقي هو ما كان غير خارج عن دائرة الوجه ، وهو احتراز عن المسترسل : وهو ما خرج عن دائرة الوجه ، فإنه لا يجب غسله ولا مسحه بل يسن . ا هـ . ويأتي تمام الكلام عليه .

( قوله : وما يظهر ) أي يفترض غسله كما صححه في الخلاصة ، وقيل الشفة تبع للفم أفاده في البحر .

( قوله : عند انضمامها ) أشار بصيغة الانفعال إلى أن المراد ما يظهر عند انضمامها الطبيعي لا عند انضمامها بشدة وتكلف . ا هـ . ح وكذا لو غمض عينيه شديدا لا يجوز بحر ، لكن نقل العلامة المقدسي في شرحه على نظم الكنز أن ظاهر الرواية الجواز ، وأقره في الشرنبلالية تأمل .

( قوله : وما بين العذار والأذن ) أي ما بينهما من البياض .

( قوله : وبه يفتى ) وهو ظاهر المذهب ، وهو الصحيح ، وعليه أكثر المشايخ : قال في البدائع : وعن أبي يوسف عدمه ، وظاهره أن مذهبه بخلافه بحر ; لأن كلمة عن تفيد أنه رواية عنه ، والخلاف في الملتحي ، أما المرأة والأمرد والكوسج فيفترض الغسل اتفاقا در منتقى .

( قوله : لا غسل باطن العينين إلخ ) لأنه شحم يضره الماء الحار والبارد ، وهذا لو اكتحل بكحل نجس لا يجب غسله كذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية .

( قوله : والأنف والفم ) معطوفان على العينين أي لا يجب غسل باطنهما أيضا .

( قوله : وأصول شعر الحاجبين ) يحمل هذا على ما إذا كانا [ ص: 98 ] كثيفين ، أما إذا بدت البشرة فيجب كما يأتي له قريبا عن البرهان ، وكذا يقال في اللحية والشارب ، ونقله ح عن عصام الدين شارح الهداية ط .

( قوله : وونيم ذباب ) أي خرؤه : قال في بحث الغسل : ولا يمنع الطهارة ونيم ذباب وبرغوث لم يصل الماء تحته وحناء ولو جرمه به يفتى ، ودرن ودهن وتراب وطين إلخ .

( قوله : للحرج ) علة لقوله لا غسل إلخ أي فإن هذه المذكورات وإن كانت داخلة في حد الوجه المذكور إلا أنها لا يجب غسلها للحرج . وعلل في الدرر بأن محل الفرض استتر بالحائل وصار بحال لا يواجه الناظر إليه فسقط الفرض عنه وتحول إلى الحائل .




الخدمات العلمية