الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقالوا الإساءة أدون من الكراهة ، ثم هي على ما ذكره ثلاثة وعشرون ( رفع اليدين للتحريمة ) في الخلاصة إن اعتاد تركه أثم ( ونشر الأصابع ) أي تركها بحالها [ ص: 475 ] ( وأن لا يطأطئ رأسه عند التكبير ) فإنه بدعة ( وجهر الإمام بالتكبير ) بقدر حاجته للإعلام بالدخول والانتقال . وكذا بالتسميع والسلام . وأما المؤتم والمنفرد فيسمع نفسه

التالي السابق


مطلب في قولهم الإساءة دون الكراهة ( قوله وقالوا إلخ ) نص على ذلك في التحقيق وفي التقرير الأكملي من كتب الأصول ، لكن صرح ابن نجيم في شرح المنار بأن الإساءة أفحش من الكراهة ، وهو المناسب هنا لقول التحرير : وتاركها يستوجب إساءة : أي التضليل واللوم . وفي التلويح ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام ، وقد يوفق بأن مرادهم بالكراهة التحريمية والمراد بها في شرح المنار التنزيهية ، فهي دون المكروه تحريما وفوق المكروه تنزيها ، ويدل على ذلك ما في النهر عن الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر : حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير ا هـ . وعن هذا قال في البحر : إن الظاهر من كلامهم أن الإثم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة لتصريحهم بإثم من ترك سنن الصلوات الخمس على الصحيح ، وتصريحهم بإثم من ترك الجماعة مع أنها سنة على الصحيح . ولا شك أن الإثم بعضه أشد من بعض فالإثم لتارك السنة المؤكدة أخف منه لتارك الواجب ا هـ ملخصا . وظاهره حصول الإثم بالترك مرة ، ويخالفه ما في شرح التحرير أن المراد الترك بلا عذر على سبيل الإصرار ، وكذا ما يأتي قريبا عن الخلاصة ، وكذا ما مر من سنن الوضوء من أنه لو اكتفى بالغسل مرة ، إن اعتاده أثم وإلا لا ، وكذا ما في شرح الكيدانية عن الكشف ، وقال محمد في المصرين على ترك السنة بالقتال وأبو يوسف بالتأديب ا هـ فيتعين حمل الترك فيما مر عن البحر على الترك على سبيل الإصرار توفيقا بين كلامهم ( قوله على ما ذكره ) وإلا فهي أكثر كما سيأتي ، وقد عد منها الشرنبلالي في مقدمته نور الإيضاح إحدى وخمسين ( قوله ثلاثة وعشرون ) أنث لفظ العدد لحذف المعدود ح ( قوله للتحريمة ) أي قبلها ، وقيل معها كما سيذكره الشارح في الفصل الآتي ( قوله في الخلاصة إلخ ) حكى في الخلاصة أولا خلافا ، قيل يأثم ، وقيل لا . ثم قال : والمختار إن اعتاده أثم لا إن كان أحيانا . ا هـ . وجزم به في الفيض وكذا في المنية . قال شارحها : يأثم لا لنفس الترك ، بل لأنه استخفاف وعدم مبالاة بسنة واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم مدة عمره ، وهذا مطرد في جميع السنن المؤكدة ا هـ والتعليل المذكور مأخوذ من الفتح . ورده في البحر بقوله بعد ما قدمناه عنه .

فالحاصل أن القائل بالإثم في ترك الرفع بناه على أنه من سنن الهدى فهو سنة مؤكدة ، والقائل بعدمه بناه على أنه من سنن الزوائد بمنزلة المستحب إلخ .

قلت : لكن كونه سنة مؤكدة لا يستلزم الإثم بتركه مرة واحدة بلا عذر ، فيتعين تقييد الترك بالاعتياد والإصرار توفيقا بين كلامهم كما قدمناه ، فإن الظاهر أن الحامل على الإصرار على الترك هو الاستخفاف بمعنى التهاون وعدم المبالاة ، لا بمعنى الاستهانة والاحتقار ، وإلا كان كفرا كما مر خلافا لما فهمه في النهر فتدبر ( قوله أي تركها بحالها ) قال في الحلية : ظن بعضهم أنه أراد بالنشر تفريج الأصابع وهو غلط ، بل أراد به النشر [ ص: 475 ] عن الطي يعني برفعهما منصوبتين لا مضمومتين حتى تكون الأصابع مع الكشف مستقبلة للقبلة . ثم لا يخفى أنه لا تتوقف السنة على ضم الأصابع أولا ، بل لو كانت منشورة غير متفرجة كل التفريج ولا مضمومة كل الضم ثم رفعها كذلك مستقبلا بهما القبلة فقد أتى بالسنة ا هـ ( قوله وأن لا يطأطئ رأسه ) أي لا يخفضه ، والمسألة في البحر عن المبسوط ( قوله بقدر حاجته للإعلام إلخ ) وإن زاد كره ط .

قلت : هذا إن لم يفحش كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في آخر باب الإمامة عند قوله وقائم بقاعد ، وأشار بقوله والانتقال إلى أن المراد بالتكبير هنا ما يشمل تكبير الإحرام وغيره ، وبه صرح في الضياء .




الخدمات العلمية