الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتتم ) الهبة ( بالقبض ) الكامل ( ولو الموهوب شاغلا لملك الواهب لا مشغولا به ) والأصل أن الموهوب إن مشغولا بملك الواهب منع تمامها ، [ ص: 691 ] وإن شاغلا لا ، فلو وهب جرابا فيه طعام الواهب أو دارا فيها متاعه ، أو دابة عليها سرجه وسلمها كذلك لا تصح وبعكسه تصح في الطعام والمتاع والسرج فقط لأن كلا منها شاغل الملك لواهب لا مشغول به لأن شغله بغير ملك واهبه لا يمنع تمامها كرهن وصدقة لأن القبض شرط تمامها وتمامه في العمادية

التالي السابق


( قوله : بالقبض ) فيشترط القبض قبل الموت ، ولو كانت في مرض الموت للأجنبي كما سبق في كتاب الوقف كذا في الهامش ( قوله : بالقبض الكامل ) وكل الموهوب له رجلين بقبض الدار فقبضاها جاز خانية ( قوله منع تمامها ) إذ القبض شرط فصولين ، وكلام الزيلعي يعطي أن هبة المشغول فاسدة والذي في العمادية أنها غير تامة قال الحموي في حاشية الأشباه : فيحتمل أن في المسألة روايتين كما وقع الاختلاف في هبة المشاع المحتمل للقسمة ، هل هي فاسدة أو غير تامة ؟ والأصح كما في البناية أنها غير تامة ، فكذلك هنا كذا بخط شيخنا ومنه يعلم ما وقعت الإشارة إليه في الدر المختار ، فأشار إلى أحد القولين بما ذكره أولا من عدم التمام ، وإلى الثاني مما ذكره آخرا من عدم الصحة فتدبر أبو السعود .

واعلم أن الضابط في هذا المقام أن الموهوب إذا اتصل بملك الواهب اتصال خلقة ، وأمكن فصله لا تجوز هبته ما لم يوجد الانفصال ، والتسليم كما إذا وهب الزرع ، أو الثمر بدون الأرض والشجر أو بالعكس ، وإن اتصل اتصال [ ص: 691 ] مجاورة فإن كان الموهوب مشغولا بحق الواهب لم يجز ، كما إذا وهب السرج على الدابة ، لأن استعمال السرج إنما يكون للدابة فكانت للواهب عليه يد مستعملة ، فتوجب نقصانا في القبض ، وإن لم يكن مشغولا جاز كما إذا وهب دابة مسرجة دون سرجها لأن الدابة تستعمل بدونه ، ولو وهب الحمل عليها دونها جاز ; لأن الحمل غير مستعمل بالدابة ، ولو وهب دارا دون ما فيها من متاعه لم يجز ، وإن وهب ما فيها ، وسلمه دونها جاز كذا في المحيط شرح مجمع ( قوله : وإن شاغلا ) تجوز هبة الشاغل لا المشغول فصولين .

أقول : هذا ليس على إطلاقه فإن الزرع والشجر في الأرض شاغل لا مشغول ، ومع ذلك لا تجوز هبته لاتصاله بها تأمل خير الدين على الفصولين ( قوله : فلو وهب إلخ ) وإن وهب دارا فيها متاع ، وسلمها كذلك ثم وهب المتاع منه أيضا جازت الهبة فيهما ; لأنه حين وهب الدار لم يكن للواهب فيها شيء وحين وهب المتاع في الأولى زال المانع عن قبض الدار لكن لم يوجد بعد ذلك فعل في الدار ليتم قبضه فيها فلا ينقلب القبض الأول صحيحا في حقها بحر عن المحيط ( قوله : وسلمها كذلك إلخ ) قال صاحب الفصولين : فيه نظر ; إذ الدابة شاغلة للسرج واللجام لا مشغولة يقول الحقير صل : أي الأصل عكس في هذا ، والظاهر أن هذا هو الصواب يؤيده ما في قاضي خان وهب أمة عليها حلي وثياب ، وسلمها جاز ، ويكون الحلي ، وما فوق ما يستر عورتها من الثياب للواهب لمكان العرف ، ولو وهب الحلي والثياب دونها لا يجوز حتى ينزعهما ، ويدفعهما إلى الموهوب له ، لأنهما ما دام عليها يكون تبعا لها ومشغولا بالأصل فلا تجوز هبته نور العين ( قوله لأن شغله ) تعليل لقوله لا مشغول به أي بملك الواهب حيث قيده بملك الواهب فافهم .

أقول : الذي في البحر والمنح وغيرهما تصوير المشغول بملك الغير بما إذا ظهر المتاع مستحقا أو كان غصبه الواهب أو الموهوب له وانظر ما كتبناه على البحر عن جامع الفصولين ( قوله بغير ملك واهبه ) وفي بعض النسخ بملك غير واهبه ا هـ .

( قوله : كرهن وصدقة ) أي كما أن شغل الرهن والصدقة بملك غير الراهن وغير المتصدق لا يمنع تمامها كما في المحيط وغيره مدني قال في المنح : وكل جواب عرفته في هبة الدار والجوالق بما فيها من المتاع فهو الجواب في الرهن والصدقة ; لأن القبض شرط تمامها كالهبة .




الخدمات العلمية