الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كما لا يصح ) تعليق الإبراء عن الدين بشرط محض كقوله لمديونه : إذا جاء غد أو إن مت بفتح التاء فأنت بريء من الدين أو إن مت من مرضك هذا أو إن مت من مرضي هذا فأنت في حل من مهري فهو باطل ; لأنه مخاطرة وتعليق ( إلا بشرط كائن ) ليكون تنجيزا كقوله لمديونه : إن كان لي عليك دين أبرأتك عنه ، صح وكذا إن مت بضم التاء فأنت بريء منه أو في حل جاز وكان وصية خانية ( جاز العمرى ) للمعمر له ولورثته بعده لبطلان الشرط ( لا ) تجوز ( الرقبى ) لأنها تعليق بالخطر وإذا لم تصح تكون عارية شمني لحديث أحمد وغيره { من أعمر عمرى فهي لمعمره في حياته وموته لا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث } .

التالي السابق


( قوله بشرط محض إلخ ) .

[ فروع ] .

وهبت مهرها لزوجها على أن يجعل أمر كل امرأة يتزوجها عليها بيدها ، ولم يقبل الزوج قيل : لا يبرأ ، والمختار أن الهبة تصح بلا قبول المديون ، وإن قيل : إن جعل أمرها بيدها فالإبراء ماض ، وإن لم يجعل فكذلك عند البعض ، والمختار أنه يعود ، وكذا لو أبرأته على أن لا يضربها ، ولا يحجرها أو يهب لها كذا ، فإن لم يكن هذا شرطا في الهبة لا يعود المهر .

منعها من المسير إلى أبويها حتى تهب مهرها ، فالهبة باطلة لأنها كالمكرهة .

وذكر شمس الإسلام خوفها بضرب حتى تهب مهرها فإكراه ، إن كان قادرا على الضرب ، وذكر بكر سقوط المهر .

لا يقبل التعليق بالشرط ألا ترى أنها لو قالت لزوجها : إن فعلت كذا فأنت بريء من المهر لا يصح .

قال لمديونه : إن لم أقتض مالي عليك حتى تموت ، فأنت في حل فهو باطل ; لأنه تعليق ، والبراءة لا تحتمله بزازية ( قوله : لأنه مخاطرة ) لاحتمال موت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون ونحو ذلك ; لأن المعنى إذا مت قبلي ، وإن جاء الغد ، والدين عليك فيحتمل أن يموت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون ، فكان مخاطرة كذا قرره شيخنا .

وأقول : الظاهر أن المراد أنه مخاطرة في مثل : إن مت من مرضك هذا ، وتعليق في مثل إن جاء الغد والإبراء لا يحتملهما ، وأن المراد بالشرط الكائن الموجود حالة الإبراء وأما قوله : إن مت بضم التاء فإنما صح ، وإن كان تعليقا ; لأنه وصية : وهي تحتمل التعليق فافهم وتقدمت المسألة في متفرقات البيوع فيما يبطل بالشرط ، ولا يصح تعليقه به ( قوله جاز العمرى ) بالضم من الإعمار كما في الصحاح قال في الهامش : العمرى هي أن يجعل داره له عمره فإذا مات ترد عليه ا هـ ( قوله : لا تجوز الرقبى ) هي أن تقول : إن مت قبلك فهي لك لحديث أحمد وأبي داود والنسائي مرفوعا " من أعمر عمرى إلخ " كذا في الهامش في كافي الحاكم الشهيد باب الرقبى .

رجل حضرته الوفاة فقال : داري هذه حبيس ، لم تكن حبيسا وهي ميراث وكذا إن قال داري هذه حبيس على عقبى من بعدي والرقبى هو الحبيس وليس بشيء .

رجل قال لرجلين : عبدي هذا لأطولكما حياة ، أو قال : عبدي هذا حبيس على أطولكما حياة ، فهذا باطل وهو الرقبى وكذا لو قال لرجل : داري لك حبيس ، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف : أما أنا فأرى أنه إذا قال : لك حبيس ، فهي له إذا قبضها وقوله : حبيس ، باطل وكذلك إذا قال : هي لك رقبى . ا هـ أيضا فإذا [ ص: 708 ] قال : داري هذه لك عمرى تسكنها ، وسلمها إليه ، فهي هبة وهي بمنزلة قوله : طعامي هذا لك تأكله وهذا الثوب لك تلبسه ، وإن قال : وهبت لك هذا العبد حياتك وحياته ، فقبضه فهي هبة جائزة وقوله : حياتك ، باطل وكذا لو قال : أعمرتك داري هذه حياتك أو قال : أعطيتكها حياتك فإذا مت فهي لي ، وإذا مت أنا فهي لوارثي وكذا لو قال : هو هبة لك ولعقبك من بعدك وإن قال : أسكنتك داري هذه حياتك ولعقبك من بعدك فهي عارية وإن قال : هي لك ولعقبك من بعدك فهي هبة له ، وذكر العقب لغو ا هـ . .




الخدمات العلمية