الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فروع ] قرأ بالفارسية أو التوراة أو الإنجيل ، إن قصة تفسد ، وإن ذكرا لا ; وألحق به في البحر الشاذ ، لكن في النهر : الأوجه أنه لا يفسد ولا يجزئ [ ص: 486 ] كالتهجي . وتجوز كتابة آية أو آيتين بالفارسية لا أكثر ، ويكره كتب تفسيره تحته بها ( ولو شرع ب ) مشوب بحاجته كتعوذ وبسملة وحوقلة و ( اللهم اغفر لي أو ذكرها عند الذبح لم يجز ، بخلاف اللهم ) فقط فإنه يجوز فيهما في الأصح كيا الله .

التالي السابق


( قوله قرأ بالفارسية ) أي مع القدرة على العربية ( قوله أو التوراة إلخ ) بالنصب عطفا على مفعول قرأ المحذوف وهو القرآن ح ( قوله إن قصة إلخ ) اختار هذا التفصيل في الفتح توفيقا بين القولين وهما ما قاله في الهداية من أنه لا خلاف في عدم الفساد إذا قرأ معه بالعربية ما تجوز به الصلاة .

وما قاله النجم النسفي وقاضي خان من أنها تفسد عندهما فقال في الفتح : والوجه إذا كان المقروء من مكان القصص والأمر والنهي أن تفسد بمجرد قراءته لأنه حينئذ متكلم بكلام غير قرآن ، بخلاف ما إذا كان ذكرا أو تنزيها فإنها تفسد إذا اقتصر على ذلك بسبب إخلاء الصلاة عن القراءة ا هـ وتبعه في البحر وقواه في النهر فلذا جزم به الشارح . مطلب في حكم القراءة بالشاذ

( قوله وألحق به في البحر الشاذ ) أي فجعله على هذا التفصيل توفيقا بين القول بالفساد به والقول بعدمه ( قوله لكن في النهر إلخ ) حيث قال : عندي بينهما فرق ، وذلك أن الفارسي ليس قرآنا أصلا لانصرافه في عرف الشرع إلى العربي ، فإذا قرأ قصة صار متكلما بكلام الناس ، بخلاف الشاذ فإنه قرآن إلا أن في قرآنيته شكا فلا تفسد به ولو قصة ، وحكوا الاتفاق فيه على عدمه فالأوجه ما في المحيط من تأويله قول شمس الأئمة بالفساد بما إذا اقتصر عليه ا هـ أي فيكون الفساد لتركه القراءة بالمتواتر لا للقراءة بالشاذ ، لكن يرد عليه أن القرآن هو ما لا شك فيه ، وأن الصلاة يمنع فيها عن غير القراءة والذكر قطعا ، وما كان قصة ولم تثبت قرآنيته لم يكن قراءة ولا ذكرا فيفسد ; بخلاف ما إذا كان ذكرا فإنه وإن لم تثبت قرآنيته لم يكن كلاما لكونه ذكرا ، لكن إن اقتصر عليه تفسد ، وإن قرأ معه من المتواتر ما تجوز به الصلاة فلا ، فهذا ما وفق به في البحر ، ويتعين حمل كلام المحيط عليه فتأمل ، وفي منظومة ابن وهبان : [ ص: 486 ] وإن قرأ المكتوب في الصحف الألى إذا كان كالتسبيح ليس يغير والصحف الأولى جمع صحيفة : المراد بها التوراة والإنجيل والزبور وتمام الكلام في شروح الوهبانية مطلب بيان المتواتر والشاذ .

[ تتمة ] القرآن الذي تجوز به الصلاة بالاتفاق هو المضبوط في مصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار ، وهو الذي أجمع عليه الأئمة العشرة ، وهذا هو المتواتر جملة وتفصيلا ، فما فوق السبعة إلى العشرة غير شاذ ، وإنما الشاذ ما وراء العشرة وهو الصحيح ، وتمام تحقيق ذلك في فتاوى العلامة قاسم ( قوله كالتهجي ) قال في الوهبانية وليس التهجي في الصلاة بمفسد
ولا مجزئ عن واجب الذكر فاذكروا والمسألة في القنية : قال الشرنبلالي في شرحها : صورتها شخص قال في صلاته : س ب ح ا ن ا ل ل هـ بالتهجي أو قال أ ع و ذ ب ا ل ل هـ م ن ا ل ش ي ط ا ن لا تفسد ، لكن في البزازية خلافه حيث قال : تفسد بتهجيه قدر القراءة لأنه من كلام الناس ا هـ وهذا ذكره البزازي في كتاب الطلاق . قال ابن الشحنة : ووجهه ظاهر لكنه ذكر في كتاب الصلاة نحو ما في القنية ا هـ . ونص في الإمداد في باب سجود التلاوة عن التجنيس والخانية أنه لا يجب به السجود ولا يجزئ عن القراءة في الصلاة لأنه لم يقرأ القرآن ولا يفسد لأنه الحروف التي في القرآن . ا هـ .

وظاهر الرسم المذكور أن المراد قراءة مسميات الحروف لا أسماؤها ، مثل سين باء حاء ألف نون ، وهل حكمها كذلك ؟ لم أره ( قول ويجوز إلخ ) في الفتح عن الكافي : إن اعتاد القراءة بالفارسية أو أراد أن يكتب مصحفا بها يمنع ، وإن فعل في آية أو آيتين لا ، فإن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز . ا هـ . ( قوله ويكره إلخ ) مخالف لما نقلناه عن الفتح آنفا ، لكن رأيت بخط الشارح في هامش الخزائن عن حظر المجتبى : ويكره كتب التفسير بالفارسية في المصحف كما يعتاده البعض ، ورخص فيه الهندواني والظاهر أن الفارسية غير قيد ( قوله بمشوب ) أي مخلوط ( قوله وبسملة ) علله في الذخيرة بأن البسملة للتبرك ، فكأنه قال : بارك في هذا الأمر . وظاهر كلام الزيلعي ترجيحه : وفي الحلية أنه الأشبه . ونقل في النهر تصحيحه عن السراج وفتاوى المرغيناني . ونقل في البحر عن المجتبى والمبتغى الجواز ورجحه بأنها ذكر خالص بدليل جوازها على الذبيحة المشروط فيها الذكر الخالص . ا هـ . وجزم به في المنظومة الوهبانية ، وعزاه إلى الإمام ونقله في شرحها عن الإمام الحلواني وظهير الدين المرغيناني والقاضي عبد الجبار وشهاب الإمامي ، وجعل الأول قول الصاحبين توفيقا بين الروايات فافهم ( قوله وحوقلة ) أي لأنها دعاء في المعنى ، فكأنه قال : اللهم حولني عن معصيتك وقوني على طاعتك ، لأنه لا حول ولا قوة إلا بك يا الله ( قول أو ذكرها ) أي ذكر اللهم اغفر لي ( قوله في الأصح ) كذا في الحلية عن المحيط والذخيرة وغيرهما ، خلافا لما صححه في الجوهرة .

وهذا بناء على مذهب سيبويه من أن أصله يا الله فحذفت يا وعوض عنها الميم . وعند الكوفيين أصله يا الله أمنا بخير فحذفت الجملة إلا الميم فيكون دعاء لا ثناء . ورد بقوله تعالى { اللهم إن كان هذا هو الحق } الآية ، وتمامه في ح ( قوله كيا الله ) فإن به يصح الشروع اتفاقا خزائن




الخدمات العلمية