الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا اقتدى أمي وقارئ بأمي ) تفسد صلاة الكل للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ سواء علم به أو لا نواه أو لا على المذهب ( أو استخلف الإمام أميا في الأخريين ) ولو في التشهد أما بعده فتصح لخروجه بصنعه ( تفسد صلاتهم ) لأن كل ركعة صلاة [ ص: 593 ] فلا تخلو عن القراءة ولو تقديرا ( وصحت لو صلى كل من الأمي والقارئ وحده ) في الصحيح ( بخلاف حضور الأمي بعد افتتاح القارئ إذا لم يقتد به وصلى منفردا فإنها تفسد في الأصح ) لما مر .

التالي السابق


( قوله تفسد صلاة الكل ) أي عنده . وعندهما صلاة القارئ فقط لأنه تارك فرض القراءة مع القدرة ، وله أن الأميين أيضا تركاها مع القدوة عليها ، إذ كانا قادرين على تقديم القارئ حيث حصل الاتفاق في الصلاة والرغبة في الجماعة شرح المنية وأشار بقوله تفسد إلى ما قيل إن القارئ صح شروعه في صلاة الإمام ، وإذا جاء أوان القراءة تفسد وصحح في الذخيرة عدمه فلا تنتقض طهارته بالقهقهة ، وتمامه في الزيلعي والبحر ( قوله على المذهب ) وجهه أن الفرائض لا يختلف فيها الحال بين العلم والجهل بحر ، وإذا لم يشترط العلم فالنية أولى زيلعي ( قوله في الأخريين ) أي سواء قرأ في الأوليين أو في إحداهما أو لا ولا .

وفي الأولى خلاف زفر ، ورواية عن أبي يوسف والأخيرتان اتفاقا كما لو استخلفه في الأوليين ذكره ح في الباب الآتي ( قوله لخروجه بصنعه ) وهو الاستخلاف وهو الصحيح ، [ ص: 593 ] تفسد عنده ، وهي من الاثني عشرية ح عن العناية ( قوله ولو تقديرا ) أي ولا تقدير في حق الأمي لانعدام الأهلية فقد استخلف من لا يصلح للإمامة ففسدت صلاتهم . أما صلاة الإمام فلأنه عمل كثير وصلاة القوم مبنية عليها بحر ( قوله وصحت إلخ ) محترز قوله وإذا اقتدى إلخ ، واحترز بالصحيح عن قول أبي حازم : لا تجوز صلاة الأمي قياسا على المسألة الأولى لقدرته على القراءة بالاقتداء بالقارئ وصحح في الهداية الأول وقال لأنه لم يظهر منهما رغبة في الجماعة . ا هـ . وحاصله أنه إنما تعتبر قدرته على القراءة بالاقتداء حيث ظهرت منهما رغبة في الجماعة كما أشار إليه في الكفاية .

وظاهره أنه لا بد من الرغبة من كل منهما ، حتى لو حصلت من أحدهما لا تكفي ، وبه اندفع ما في ح من أن ما ذكر عن الهداية يقتضي أنه لو اقتدى أمي بمثله وصلى قارئ وحده لا تصح صلاة الأميين لظهور رغبتهما في الجماعة ا هـ ويدفعه أيضا ما في الفتح عن الكافي : إذا كان بجواره قارئ ليس عليه طلبه وانتظاره لأنه لا ولاية له عليه ليلزمه وإنما تثبت القدرة إذا صادفه حاضرا مطاوعا . ا هـ . وفي شرح المنية عن المحيط : إذا كان القارئ على باب المسجد أو بجوار المسجد والأمي في المسجد يصلي وحده جازت بلا خلاف ، وكذا إذا كان القارئ في صلاة غير صلاة الأمي جازت ، ولا ينتظر فراغ القارئ بالاتفاق أما لو كان كل منهما في ناحية من المسجد وصلاتهما متوافقة ، فذكر القاضي أبو حازم أنه لا يجوز . وفي رواية يجوز لأنه لم يظهر من القارئ رغبة في أداء الصلاة بالجماعة ا هـ فإذا رغب الأمي في الجماعة دون القارئ لا يلزمه طلبه فيصلي وحده أو يقتدي بأمي آخر راغب لأنه لا بد من رغبة القارئ أيضا على هذه الرواية الثانية ، وهي التي مر تصحيحها عن الهداية فافهم .

واعلم أن ما صححه الشارح هنا مخالف لما مر له في الألثغ من أنه متى أمكنه الاقتداء لزمه فتأمل ( قوله فإنها تفسد في الأصح لما مر ) أي من قوله للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ ، وتصحيح هذه المسألة ذكره في النهاية ، وهو مخالف لما قبله الذي صححه في الهداية ، فإن ما قبله شامل لما إذا شرعا معا أو افتتح الأمي أولا ثم القارئ أو بالعكس . ووفق في الفتح بحمل ما في الهداية على الصورة الأولى والثانية من هذه الثلاث ، وفيه نظر ، فإن تعليل الهداية بعدم ظهور الرغبة في الجماعة يشمل صورة العكس أيضا فيخالف ما في النهاية المبني عن اعتبار القدرة على القراءة بالاقتداء وإن لم تظهر منهما الرغبة في الجماعة . ويظهر لي أن هذا مبني على قول القاضي أبي حازم : وذكر العلامة نوح أفندي بعد كلام . أقول : الذي تحصل لنا من هذا كله أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموجب لفساد صلاة الأمي ترك القراءة مع القدرة عليها بعد ظهور الرغبة في الجماعة ، وإليه جنح صاحب الهداية ومن حذا حذوه ، وأن بعضهم ذهبوا إلى أن الموجب لفسادها ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء بالقارئ سواء ظهرت الرغبة في صلاة الجماعة أو لا ، وإليه مال صاحب النهاية ومن نحا نحوه . مطلب الأخذ بالصحيح أولى من الأصح

والتحقيق الأول الذي في الهداية ، ولهذا انحط كلام أكثر العلماء عليه ، ثم أيده بما مر في صدر الكتاب عن شرح المنية من أن الأخذ بالصحيح أولى من الأصح لأن مقابل الأول فاسد ، ومقابل الثاني صحيح ، فقائل [ ص: 594 ] الأصح موافق قائل الصحيح دون العكس ، والأخذ بما اتفقا على أنه صحيح أولى . [ تتمة ]

تقدم أنه لا يصح اقتداء أمي بأخرس لقدرة الأمي على التحريمة ويصح عكسه ، فالأخرس أسوأ حالا من الأمي ، فتجري فيه الأحكام المذكورة . [ فرع ]

سئل العلامة قاسم في فتاواه عن رجل أخرس أدرك بعض صلاة الإمام وفاته البعض . فأجاب بأن صلاته فاسدة عند الإمام ، جائزة عند أبي يوسف ، وقول الإمام هو الصحيح ا هـ ثم رأيت المسألة في الذخيرة وفرضها في الأمي




الخدمات العلمية