الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) الراكب ( عليه الكفارة ) في الوطء كما مر ( لا عليهما ) أي لا على سائق وقائد ، ولو كان سائق وراكب لم يضمن السائق على الصحيح خلافا لما جزم به القهستاني وغيره ، لأن الإضافة إلى المباشر أولى من المتسبب [ ص: 605 ] كما مر أي إذا كان سببا لا يعمل بانفراده إتلافا كما هنا أما في سبب يعمل بانفراده فيشتركان كما يأتي في مسألة نفس الدابة بإذن راكبها فليحفظ

التالي السابق


( قوله والراكب عليه الكفارة في الوطء ) أي ولو وطئت إنسانا وهو راكبها وكذا الرديف فإنهما مباشران للقتل حقيقة بثقلهما ، فيلزمها الكفارة ، ويحرمان من الميراث كالنائم إذا انقلب على إنسان أتقاني ( قوله كما مر ) لم يمر ذلك في كلامه ، والأظهر لما مر باللام إشارة إلى قوله المار لأنه مباشر إلخ ( قوله لا عليهما ) لأنهما متسببان بمعنى أنه لولا السوق ، أو القود لم يوجد الوطء ، والكفارة جزاء المباشرة أتقاني ( قوله أي لا على سائق وقائد ) زاد القهستاني المرتدف ، وهو غير ظاهر ومخالف لما سمعته آنفا ( قوله لم يضمن السائق على الصحيح ) اعلم أن الزيلعي قال : قيل لا يضمن السائق ما وطئت الدابة ، لأن الراكب مباشر والسائق متسبب ، والإضافة إلى المباشر أولى ، وقيل : الضمان عليهما ، لأن كل ذلك سبب الضمان ، ألا ترى أن محمدا ذكر في الأصل أن الراكب إذا أمر إنسانا فنخس المأمور الدابة فوطئت إنسانا كان الضمان عليهما فاشتركا في الضمان ، فالناخس سائق ، والآمر راكب ، فتبين بهذا أنهما يستويان والصحيح الأول لما ذكرنا [ ص: 605 ] والجواب عما ذكر في الأصل أن المتسبب إنما لا يضمن مع المباشر إذا كان السبب شيئا لا يعمل بانفراده في الإتلاف كما في الحفر مع الإلقاء ، فإن الحفر لا يعمل بانفراده شيئا بدون الإلقاء وأما إذا كان السبب يعمل بانفراده فيشتركان وهذا منه ، فإن السوق متلف وإن لم يكن على الدابة راكب ، بخلاف الحفر فإنه ليس بمتلف بلا إلقاء ، وعند الإلقاء وجد التلف بهما فأضيف إلى آخرهما ا هـ ونقله المصنف في المنح ، وكتب بخطه في الهامش هذا الكلام يحتاج إلى مزيد تحرير ا هـ .

وذكر في السعدية : أن ما ذكره الزيلعي في معرض الجواب بمعزل عن هذا التقرير ، ولا يصلح جوابا عما في الأصل ، بل هو تحقيق وتفصيل له ، واللازم منه وجوب الضمان على السائق ، وهو قد صحح عدم الوجوب وهذا من مثله غريب ا هـ .

وذكر الرملي عن الحلبي عن قارئ الهداية ما صورته : ينبغي أن يقال وهو الصحيح والجواب عن الأول ا هـ فيكون التصحيح للقول الثاني والجواب عن القول الأول ، ويؤيده قول النهاية أما الجواب عن الأول إلخ وكذا قول الولوالجية الراكب والسائق والقائد والرديف في الضمان سواء حالة الانفراد والاجتماع هو الصحيح ، وإن كان الراكب مباشرا ، لأن السبب هنا يعمل في الإتلاف ، فلا يلغى فكان التلف مضافا إليهما بخلاف الحفر ا هـ ملخصا .

وبه علم أن الصحيح ما جزم به القهستاني ، وقد أخره في الهداية فأشعر بترجيحه كعادته وقدمه في المواهب والملتقى وعبرا عن مقابله بقيل فتنبه ( قوله كما مر ) أي في باب ما يحدثه الرجل في الطريق ( قوله كما هنا ) أي في السائق وقد علمت أنه كالناخس يعمل بانفراده إتلافا وأن الذي لا يعمل كحفر البئر ( قوله بإذن راكبها ) فلو بدونه ضمن الناخس فقط كما سيأتي




الخدمات العلمية