الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وهبة مقعد ومفلوج وأشل ومسلول ) به علة السل وهو قرح في الرئة ( من كل ماله إن طالت مدته ) سنة ( ولم يخف موته منه وإلا ) تطل وخيف موته ( فمن ثلثه ) لأنها أمراض مزمنة لا قاتلة قبل مرض الموت أن لا يخرج لحوائج نفسه وعليه اعتمد في التجريد بزازية [ ص: 661 ] والمختار أنه ما كان الغالب منه الموت وإن لم يكن صاحب فراش قهستاني عن هبة الذخيرة

التالي السابق


( قوله وهبة مقعد إلخ ) المقعد بضم ففتح من لا يقدر على القيام والمفلوج من ذهب نصفه وبطل عن الحس والحركة والأشل من شلت يده عناية ( قوله به علة السل ) هو أولى مما في النهاية عن المغرب من أن المسلول من سلت خصيتاه لما قال الأتقاني أنه لا يناسب هنا لأنه بعد تطاول الزمان لا يسمى مريضا أصلا ( قوله إن طالت مدته سنة ) هذا على ما قاله أصحابنا وبعضهم قالوا إن عد في العرف تطاولا فتطاول وإلا فلا قهستاني ( قوله ولم يخف موته منه ) هذه الجملة وقعت موضحة للجملة الشرطية حموي عن المفتاح ا هـ ط ثم المراد من الخوف الغالب منه لا نفس الخوف كفاية . وفسر القهستاني عدم الخوف بأن لا يزداد ما به وقتا فوقتا ا هـ لأنه إذا تقادم العهد صار طبعا من طباعه كالعمى والعرج ، وهذا لأن المانع من التصرف مرض الموت ، وهو ما يكون سببا للموت غالبا ، وإنما يكون كذلك إذا كان بحيث يزداد حالا فحالا إلى أن يكون آخره الموت ، وأما إذا استحكم وصار بحيث لا يزداد ، ولا يخاف منه الموت لا يكون سببا للموت كالعمى ونحوه إذ لا يخاف منه ، ولهذا لا يشتغل بالتداوي ا هـ زيلعي وغيره .

( قوله وإلا تطل وخيف موته ) عبارة القهستاني ، وإلا يكن واحد منهما بأن لم تطل مدته بأن مات قبل سنة أو خيف موته بأن يزداد ما به يوما فيوما ا هـ ومفهومه أنه إذا لم تطل ولم يخف موته فهو من الثلث ، ويخالفه عبارة الزيلعي ونصها أي إن لم يتطاول يعتبر تصرفه من الثلث إذا كان صاحب فراش ، ومات منه في أيامه لأنه في ابتدائه يخاف منه الموت ; ولهذا يتداوى فيكون مرض الموت ، وإن صار صاحب فراش بعد التطاول فهو كمرض حادث ، حتى تعتبر تصرفاته من الثلث ا هـ وهو الموافق لكلام الشارح . وبقي ما إذا طال وخيف موته ، ومقتضى عبارة القهستاني أنه من الثالث أيضا وهو المفهوم من تقييد المصنف ما يكون من كل المال بقوله ولم يخف موته ( قوله لأنها أمراض مزمنة ) أي طويلة الزمان وهو تعليل لقوله : من كل ماله فكان ينبغي ذكره قبل قوله وإلا إلخ قال في المنح ، وفي الفصول العمادية ، وأما المقعد والمفلوج قال في الكتاب : إن لم يكن قديما فهو بمنزلة المريض ، وإن كان قديما فهو بمنزلة الصحيح لأن هذه علة مزمنة وليست بقاتلة ا هـ ( قوله وعليه اعتمد في التجريد ) وفي المعراج وسئل صاحب المنظومة عن حد مرض الموت فقال : كثرت فيه أقوال المشايخ واعتمادنا في ذلك على قول الفضلي ،

[ ص: 661 ] وهو أن لا يقدر أن يذهب في حوائج نفسه خارج الدار والمرأة لحاجتها داخل الدار لصعود السطح ونحوه ا هـ هذا الذي جرى عليه في باب طلاق المريض ، وصححه الزيلعي .

أقول ، والظاهر أنه مقيد بغير الأمراض المزمنة التي طالت ، ولم يخف منها الموت كالفالج ونحوه ، وإن صيرته ذا فراش ومنعته عن الذهاب في حوائجه ، فلا يخالف ما جرى عليه أصحاب المتون والشروح هنا تأمل ( قوله والمختار إلخ ) كذا اختاره صاحب الهداية في كتابه التجنيس . [ تنبيه ]

تبرع الحامل حالة الطلق من الثلث ولو اختلطت الطائفتان للقتال وكل منهما مكافئة للأخرى أو مقهورة ، فهو في حكم مرض الموت وإن لم يختلطوا فلا وراكب البحر إن كان ساكنا ، فليس بمخوف ، وإن هبت الريح أو اضطرب ، فهو مخوف والمحبوس إذا كان عادته القتل ، فهو خائف وإلا فلا معراج ملخصا وتأمله مع ما مر في باب طلاق المريض




الخدمات العلمية