الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وقراءته من مصحف ) [ ص: 624 ]

أي ما فيه قرآن ( مطلقا ) لأنه تعلم إلا إذا كان حافظا لما قرأه وقرأ بلا حمل ، وقيل لا تفسد إلا بآية : واستظهره الحلبي وجوزه الشافعي بلا كراهة وهما بها للتشبه بأهل الكتاب : أي إن قصده ; فإن التشبه بهم لا يكره في كل شيء ، بل في المذموم وفيما يقصد به التشبه ، كما في البحر .

التالي السابق


( قوله أي ما فيه قرآن ) عممه ليشمل المحراب ، فإنه إذا قرأ ما فيه فسدت في الصحيح بحر ( قوله مطلقا ) أي قليلا أو كثيرا ، إماما أو منفردا ، أميا لا يمكنه القراءة إلا منه أو لا ( قوله لأنه تعلم ) ذكروا لأبي حنيفة في علة الفساد وجهين . أحدهما : أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير . والثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما إذا تلقن من غيره . وعلى الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده ، وعلى الأول يفترقان وصحح الثاني في الكافي تبعا لتصحيح السرخسي ; وعليه لو لم يكن قادرا على القراءة إلا من المصحف فصلى بلا قراءة ذكر الفضلي أنها تجزيه وصحح في الظهيرة عدمه والظاهر أنه مفرع على الوجه الأول الضعيف بحر ( قوله إلا إذا كان إلخ ) لأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقنه من المصحف ، ومجرد النظر بلا حمل غير مفسد لعدم وجهي الفساد ، وهذا استثناء من إطلاق المصنف ، وهو قول الرازي ، وتبعه السرخسي وأبو نصر الصفار وجزم به في الفتح والنهاية والتبيين . قال في البحر : وهو وجيه كما لا يخفى ا هـ فلذا جزم به الشارح ( قوله وقيل إلخ ) تقييد آخر لإطلاق المصنف : وعبارة الحلبي في شرح المنية : ولم يفرق في الكتاب بين القليل والكثير ، وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر الفاتحة ، وقيل ما لم يقرأ آية ، وهو الأظهر لأنه مقدار ما تجوز به الصلاة عنده ( قوله وهما بها ) أي وجوزه الصاحبان بالكراهة . مطلب في التشبه بأهل الكتاب

( قوله لأن التشبه بهم لا يكره في كل شيء ) فإنا نأكل ونشرب كما يفعلون بحر عن شرح الجامع الصغير لقاضي خان ، ويؤيده ما في الذخيرة قبيل كتاب التحري . قال هشام : رأيت على أبي يوسف نعلين مخصوفين بمسامير ، فقلت : أترى بهذا الحديد بأسا ؟ قال لا قلت : سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك لأن فيه تشبها بالرهبان ; فقال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي لها شعر } وإنها من لباس الرهبان . فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا يضر ، فإن الأرض مما لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع . ا هـ وفيه إشارة أيضا إلى أن المراد بالتشبه أصل الفعل : أي صورة المشابهة بلا قصد .




الخدمات العلمية