الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فروع ]

يقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق بلا بينة إلا في ثنتي عشرة مسألة على ما في الأشباه : ادعى قضاء دين الميت ، وادعى قضاءه من ماله بعد بيع التركة قبل قبض ثمنها ، أو أن اليتيم استهلك مالا آخر فدفع ضمانه ، أو أذن له بتجارة فركبه ديون فقضاها عنه ، أو أدى خراج أرضه في وقت لا يصلح للزراعة ، [ ص: 720 ] أو جعل عبده الآبق أو فداء عبده الجاني أو الإنفاق على محرمه أو على رقيقه الذين ماتوا أو الإنفاق عليه مما في ذمته وكذا من مال نفسه حال غيبة ماله وأراد الرجوع أو أنه زوج اليتيم امرأة ودفع مهرها من ماله وهي ميتة .

الثانية عشرة : اتجر وربح ثم ادعى أنه كان مضاربا والأصل أن كل شيء كان مسلطا عليه فإنه يصدق فيه وما لا فلا ينصب القاضي وصيا في سبعة مواضع مبسوطة في الأشباه : [ ص: 721 ]

منها إذا كان له دين أو عليه أو لتنفيذ وصيته .

التالي السابق


( قوله يقبل قول الوصي إلخ ) قال في الأشباه : يقبل قول الوصي فيما يدعي من الإنفاق بلا بينة إلا في ثلاث : الإنفاق على رحمه ، وخراج أرضه ، وجعل عبده الآبق ا هـ ملخصا ثم قال : والحاصل أنه يقبل قوله فيما يدعيه إلا في مسائل إلخ فالمناسب للشارح حذف قوله من الإنفاق : [ تنبيه ]

في الذخيرة ينبغي للوصي أن لا يضيق على الصغير في النفقة بل يوسع عليه بلا إسراف وذلك يتفاوت بقلة ماله وكثرته فينظر إلى ماله وينفق بحسب حاله .

وفي شرح الأصل لشيخ الإسلام : كبر الصغار واتهموا الوصي وقالوا إنك أنفقت علينا من الربح أو تبرع بها فلان يجب على الوصي اليمين على دعواه إلا إذا ادعوا ما يكذبهم الظاهر فيه كأن يدعوا ما لا يكفي مثله لمثلهم في مثل المدة في الغالب ، وهذا إذا ادعى نفقة المثل أو أزيد بيسير وإلا فلا يصدق ويضمن ، ما لم يفسر دعواه بتفسير محتمل كقوله اشتريت لهم طعاما فسرق ثم اشتريت ثانيا وثالثا فهلك فيصدق بيمينه لأنه أمين ا هـ ملخصا من أدب الأوصياء ( قوله ادعى قضاء دين الميت ) شروع في الاثنتي عشرة مسألة والظاهر أن المراد بهذه المسألة ما ذكره في الأشباه قبل سرده المسائل حيث قال وفي جامع الفصولين : قضى وصيه دينا بغير أمر القاضي فلما كبر اليتيم أنكر دينا على أبيه ضمن وصيه ما دفعه لو لم يجد بينة إذا أقر بسبب الضمان وهو الدفع إلى الأجنبي ، فلو ظهر غريم آخر بغرم له حصته إلخ وإلا فلو أقر به الوارث وادعى الوصي أداءه من التركة صدق ( قوله أو ادعى إلخ ) قدمنا عن أدب الأوصياء أنه في الخانية اشترط الإشهاد ولم يشترطه في النوازل ، وانظر ما فائدة قوله بعد بيع التركة ولعله اتفاقي لأنه قبله كذلك بالأولى ( قوله أو أن اليتيم استهلك مالا آخر إلخ ) الذي في الأشباه مال آخر بالإضافة ،

وصورتها قال له : إنك استهلكت مال فلان في صغرك فأديته من مالك فكذبه وقال لم أستهلك شيئا فالقول لليتيم والوصي ضامن إلا أن يبرهن كما في أدب الأوصياء ( قوله أو أدى خراج أرضه إلخ ) وكذا إذا ادعى الوصي أن أبا اليتيم مات من منذ عشر سنين وأنه دفع خراج أرضه تلك المدة وقال اليتيم لم يمت أبي إلا من منذ سنتين .

وأجمعوا على أن الأرض لو كانت صالحة للزراعة يوم الخصومة يكون القول للوصي مع يمينه يعني واتفقا على [ ص: 720 ] الوقت الذي مات فيه أبو اليتيم كما يفهم من عبارة شرح تنوير الأذهان عن التتارخانية ا هـ أبو السعود ، وظاهر قوله لو كانت صالحة للزراعة يوم الخصومة أنها لو لم تكن صالحة للزراعة يوم الخصومة فلا بد له من البينة لأن الحال في الأول شاهد له بخلاف الثاني ، وعليه فقول الشارح في وقت لا يصلح للزراعة ليس متعلقا بأدى بل هو متعلق ب ( ادعى مقدارا ) : أي ادعى أداء خراج أرضه إلخ وإلا نافى ما مر متنا من أنه يقبل قوله في أداء خراجه لكنه محمول على هذا التفصيل ، فتنبه ( قوله أو جعل عبده الآبق ) هذا على قول محمد : أما على قول أبي يوسف فيقبل قوله بلا بيان ، وجزم بالأول في الولوالجية ، ولم يحك الصدر الشهيد فيه خلافا قال في الخلاصة وقيل إنه على الخلاف ا هـ .

وأجمعوا على أن الوصي لو استأجر رجلا ليرده أنه يكون مصدقا كما في الخانية وفي الأصل وغيره : لو قال أديت من مال نفسي لأرجع عليك لم يصدق إلا بالبينة أفاده في أدب الأوصياء . أقول وظاهر هذا ترجيح قول محمد تأمل ( قوله أو فداء عبده الجاني ) في الكافي : لو قال أديت ضمان غصبك أو جنايتك أو جناية عبدك فلا يصدق بلا بينة أبو السعود . أقول ظاهره ولو أقر اليتيم بالجناية تأمل ( قوله أو الإنفاق على محرمه ) في الخانية قال الوصي : فرض القاضي لأخيك الأعمى هذا نفقة في مالك كل شهر كذا درهما فأديت إليه ذلك منذ عشر سنين وكذبه الابن لا يقبل قول الوصي إجماعا ويكون ضامنا للمال ما لم يقم البينة على فرض القاضي وإعطاء المفروض للأخ ا هـ وعلله في شرح المجمع بأنه ليس من حوائج اليتيم وإنما يقبل قوله فيما كان من حوائجه ا هـ ، فينبغي أن لا تكون نفقة زوجته كذلك لأنها من حوائجه ، وتمامه في الأشباه ( قوله أو على رقيقه الذين ماتوا ) هذا قول محمد : وقال أبو يوسف : القبول للوصي .

وأجمعوا أن العبيد لو كانوا أحياء فالقول للوصي ، وهل يحلف ؟ خلاف منهم من قال لا يحلف إذا لم تظهر منه الخيانة . ونقل البيري عن البزازية تفصيلا فقال : إن كان مثل هذا الميت يكون له مثل هذا الرقيق فالقول للوصي وإلا فلا أبو السعود ( قوله أو الإنفاق عليه ) قدمنا الكلام في ذلك ، وقوله مما في ذمته ليس في الأشباه ، واحترز به وبما بعده عما لو أنفق من مال اليتيم فإنه يصدق في نفقة مثله كما قدمناه عن شرح الأصل ، وقوله حال غيبة ماله : أي مال اليتيم ، ويعلم منه حال حضوره في الأولى .

وفي أدب الأوصياء ويقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق على اليتيم وعلى أمواله من العبيد والضياع والدواب ونحو ذلك إذا ادعى ما ينفق على مثلهم في تلك المدة لأنه قائم مقام الموصي أو القاضي ا هـ ( قوله أو هي ميتة ) يفهم منه أنها لو كانت حية أو ميتة لكن أقر اليتيم بالتزويج أنه يرجع تأمل ( قوله الثانية عشرة إلخ ) في شرح الطحاوي تصرف الوصي أو الأب في مال اليتيم فربح فقال كنت مضاربا لا يكون له من الربح شيء إلا أن يشهد عند التصرف أنه يتصرف فيه بالمضاربة وهذا في القضاء أما في الديانة يحل له أخذ ما شرط من الربح وإن لم يشهد عليه أدب الأوصياء ، وقدمنا أنه ليس للوصي في هذا الزمان أخذ مال اليتيم مضاربة ( قوله فإنه يصدق فيه ) أي بيمينه إذا لم يكذبه الظاهر حموي وبيري عن صلح الولوالجية ط ( قوله مبسوطة في الأشباه ) أي في كتاب القضاء وقد ذكر الشارح منها ثلاثة ، قال في الأشباه : وفيما إذا كان للميت ولد صغير ، وفيما إذا اشترى من مورثه شيئا [ ص: 721 ] وأراد رده بعيب بعد موته ، وفيما إذا كان أبو الصغير مسرفا مبذرا فينصبه للحفظ ، وذكر في قسمة الولوالجية موضعا آخر ينصبه فيه فليراجع ا هـ . والذي في الولوالجية هو ما لو ترك ضيعة بين صغير وغائبين وحاضرين باع أحدهما نصيبه لرجل فطلب القسمة فيجعل القاضي وكيلا عن الغائبين والصغير ( قوله منها إذا كان له دين أو عليه ) أي ليكون خصما في الإثبات والدفع والقبض




الخدمات العلمية