الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( غنم مذبوحة وميتة ، فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى وأكل وإلا ) بأن كانت الميتة أكثر أو استويا ( لا ) يتحرى لو في حالة الاختيار بأن يجد ذكية وإلا تحرى وأكل مطلقا [ ص: 737 ] ومر في الحظر .

التالي السابق


( قوله تحرى وأكل ) لأن للغالب حكم الكل ، وكذا الزيت لو اختلط مع ودك الميتة أو الخنزير لا ينتفع به على كل حال إلا إذا غلب الزيت ، لكن لا يحل أكله بل يستصبح به أو يبيعه مع بيان عيبه أو يدبغ به الجلود ويغسلها لأن المغلوب تبع للغالب ولا حكم للتبع لو كان معه ثياب مختلطة ، ففي حالة الاضطرار بأن لا يجد طاهرا بيقين ولا ماء يغسلها به تحرى مطلقا لأن الصلاة بثوب نجس بيقين جائزة حالة الاضطرار بالإجماع ففي ثوب مشكوك أولى . وأما في الاختيار فإن الغلبة للطاهر تحرى وإلا لا كالجواب في المساليخ ، وكذا أواني الماء إلا أنه في حالة الاضطرار لو غلب النجس يتحرى للشرب إجماعا لأن شرب النجس بيقين يجوز للضرورة فالمشكوك أولى ، ولا يتحرى للوضوء عندنا بل يتيمم ، والأولى أن يريق الماء قبله أو بخلطه بالنجس وتمامه في غاية البيان . أقول : والمراد من اختلاط الزيت مع الودك اختلاط أجزائهما لا اختلاط أوانيهما ولذا لم يحل الأكل فتنبه ( قوله لا يتحرى ) أي إن لم يكن هناك علامة تعلم بها الذكية ، فإن كانت فعليه الأخذ بها كما في الدر المنتقى .

قال في غاية البيان قالوا : من علامة الميتة أنها تطفو فوق الماء والذكية لا ، والأصح أن علامة المذكاة خلو الأوداج من الدم وعلامة الميتة امتلاؤها منه ( قوله بأن يجد ذكية ) أقول : المراد أن يجد ما يسد به رمقه من لحم مذكى أو خبر أو غير ذلك ( قوله وإلا تحرى إلخ ) قال في الهداية : أما في حال الضرورة يحل له التناول في جميع ذلك لأن الميتة المتيقنة تحل في حالة الضرورة ، فالذي يحتمل أن يكون ذكية أو لا غير أنه يتحرى لأنه طريق يوصله إلى الذكية في الجملة فلا يتركه من غير ضرورة ا هـ . [ ص: 737 ] قال في العناية : وطولب بالفرق بين الغنم والثياب ، فإن المسافر لو معه ثوبان طاهر ونجس لا غير ولا مميز بينهما يتحرى ويصلي ، فقد جوز التحري فيما إذا كانا نصفين وفي المساليخ لم يجز . وأجيب بأن حكم الثياب أخف لأنها لو كانت كلها نجسة له أن يصلي في بعضها لأنه مضطر ، بخلاف الغنم إلخ ، ومثله في النهاية والكفاية والمنح وغيرها . أقول : هذا عجيب منهم ، فإن ما ذكروا من مسألة الثوبين حالة ضرورة ، ولا فرق فيها بين الثياب والغنم كما سمعت التصريح به فيما قدمناه .

وفي قول الهداية يحل له التناول في جميع ذلك أي فيما إذا كانت الذكية غالبة أو مغلوبة أو مساوية فكيف يطلب الفرق فيما لا فرق فيه ، وإن أرادوا الفرق بين الثياب في حالة الضرورة وبين الغنم في حالة الاختيار فهو ساقط أصلا إذ لا يطلب الفرق إلا عند اتحاد الحالتين ، ثم رأيت العلامة الطوري نبه على ذلك ، ولله الحمد والمنة ( قوله ومر في الحظر ) أي في أوله قبيل قوله ومن دعي إلى وليمة ، ولفظ الحظر ساقط من أغلب النسخ




الخدمات العلمية