الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا استكمل البنات والأخوات لأبوين فرضهن ) وهو الثلثان ( سقط بنات الابن و ) سقط ( الأخوات لأب ) أيضا ( إلا بتعصيب ابن ابن ) في الصورة الأولى ( أو أخ ) في الثانية ( مواز ) أي مساو أو نازل أي سافل فحينئذ يعصبهن ويكون الباقي للذكر كالأنثيين .

قاله المصنف في شرحه قلت : وفي إطلاقه نظر ظاهر لتصريحهم بأن ابن الأخ لا يعصب أخته كالعم لا يعصب أخته وابن العم لا يعصب أخته وابن المعتق لا يعصب أخته بل المال للذكر دون الأنثى لأنها من ذوي الأرحام قال في الرحبية : [ ص: 784 ]

وليس ابن الأخ بالمعصب من مثله أو فوقه في النسب

بخلاف ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من مثله أو فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط من دونه فلو ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر كذلك وثلاث بنات ابن ابن ابن كذلك بهذه الصورة : ميت ابن ابن ابن ابن بنت ابن ابن ابن بنت ابن بنت ابن ابن بنت . ابن بنت ابن بنت ابن بنت ابن بنت

فالعليا من الفريق الأول لا يوازيها أحد فلهما النصف والوسطى من الفريق الأول توازيها العليا من الفريق الثاني فيكون لهما السدس تكملة للثلثين ولا شيء للسفليات إلا أن يكون مع واحدة منهن غلام فيعصبها ومن يحاذيها [ ص: 785 ] ومن فوقها ممن لا تكون صاحبة فرض وسقط السفليات ( ويأخذ ابن عم ) كذا في نسخ المتن والشرح وعبارة السيد وغيره ويأخذ أحد ابني عم هو أخ ( لأم السدس ) بالفرض وكذا لو كان الآخر زوجا فله النصف ( ويقتسمان الباقي ) بينهما نصفين بالعصوبة حيث لا مانع من إرثه بهما فيرث بجهتي فرض وتعصيب وإما بفرض وتعصيب معا بجهة واحدة فليس إلا الأب وأبوه .

قلت : وقد يجتمع جهتا تعصيب كابن هو ابن ابن عم بأن تنكح ابن عمها فتلد ابنا وكابن هو معتق وقد يجتمع جهتا فرض ، وإنما يتصور في المجوس لنكاحهم المحارم ويتوارثون بهما جميعا عندنا وعند الشافعي بأقوى الجهتين وتمامه في كتب الفرائض وتأتي الإشارة إليه في الغرقى ( ولو تركت زوجا وأما أو جدة وإخوة لأم وإخوة لأبوين أخذ الزوج النصف والأم ) أو الجدة ( السدس وولد الأم الثلث ولا شيء للإخوة لأبوين ) لأنهم عصبة ولم يبق [ ص: 786 ] لهم شيء وعند مالك والشافعي يشرك بين الصنفين الأخيرين كأن الكل أولاد أم وكذلك يفرض مالك والشافعي للأخت لأبوين أو لأب النصف وللجد السدس مع زوج وأم فتعول إلى تسعة وعند أبي حنيفة وأحمد تسقط الأخت .

قلت : وحاصله أنه ليس عند الحنفية مسألة المشركة اتفاقا ولا مسألة الأكدرية على المفتى به كما مر .

التالي السابق


( قوله : والأخوات ) الواو بمعنى أو لأن المستكمل أحد الصنفين لا مجموعهما أفاده ط ( قوله : سقط إلخ ) لف ونشر مرتب ( قوله : أو أخ ) أي لأب ( قوله : وفي إطلاقه ) أي المصنف تبعا للمجمع ، ويجاب كما في غرر الأفكار بأن قوله مواز أو سافل صفة لابن ابن دون الأخ ، لأنه لا يصح وصف الأخ بالنزول أي فإن ابن الأخ لا يسمى أخا بخلاف ابن الابن ، فإنه يطلق على من في الدرجة الثانية ومن دونها نعم كان حقه كما قال العلامة قاسم أن يقدم الأخ على ابن الابن ( قوله : لتصريحهم إلخ ) حاصله كما في السراجية والملتقى أن من لا فرض لها من الإناث وأخوها عصبة لا تصير عصبة بأخيها وقدمناه منظوما ( قوله : لأنها من ذوي الأرحام ) أي الأخت في هذه الصور ، لكن [ ص: 784 ] بنت المعتق ليست من ذوي أرحام الميت ، فالمراد من عداها وإنما لا يعصبها أخوها لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن وعبر بذوي ولم يقل ذوات تغليبا للذكور على الإناث كما في قوله تعالى { - وكانت من القانتين } ( قوله : من مثله ) أي في الدرجة كأخته أو بنت عمه ( قوله : أو فوقه ) كعمته ( قوله : أو فإنه يعصب من مثله أو فوقه إلخ ) هذا ظاهر الرواية وعند بعض المتأخرين لا يعصب من فوقه ، وإلا صار محروما لأن الأصل في إرث العصبة أن يقدم الأقرب ، ولو أنثى على الأبعد ولذا تقدم الأخت على ابن الأخ إذا صارت عصبة مع البنت والجواب أن من فوقه إنما صارت عصبة به ، ولولاه لم ترث شيئا فكيف تحجبه ، وانظر ما أجاب السيد قدس سره ( قوله : ذات سهم ) أي فرض .

( قوله : لا يوازيها أحد ) لانتمائها إلى الميت بواسطة واحدة وليس في هؤلاء البنات من هو كذلك ( قوله : فلها النصف ) لأنها قامت بنت مقام بنت الصلب عند عدمها ( قوله : توازيها العليا من الفريق الثاني ) لأن كلا منهما يدلي إلى الميت بواسطتين ، وأما السفلى من الفريق الأول فتوازيها الوسطى من الفريق الثاني والعليا من الفريق الثالث لأن كل واحدة منهن تدلي إلى الميت بثلاث وسائط ، وأما السفلى من الفريق الثاني فتوازيها الوسطى من الفريق الثالث لانتماء كل منهما إليه بأربع وسائط ، وأما السفلى من الفريق الثالث فلا يوازيها أحد ، لأنها تدلي بخمس وسائط وليس في هذه البنات من هو كذلك ( قوله : فيكون لهما السدس إلخ ) وذلك لأن العليا من الأول لما قامت مقام الصلبية قام من دونها بدرجة واحدة مقام بنات الابن .

( قوله : ولا شيء للسفليات ) وهي الست الباقية من البنات التسع ، لأنه قد كمل الثلثان لتلك الثلاث ، فلم يبق للباقيات فرض وليس لهن عصوبة قطعا فلا يرثن من التركة أصلا ( قوله : إلا أن يكون إلخ ) فإن كان الغلام مع السفلى من الفريق الأول أخذت العليا منهم النصف ، وأخذت الوسطى منهم مع العليا من الفريق الثاني السدس ويكون الثلث الباقي بين الغلام ، و بين السفلى من الأول والوسطى من الثاني والعليا من الثالث للذكر مثل حظ الأنثيين أخماسا ، وسقط سفلى الثاني ووسطى الثالث وسفلاه ، وإن كان الغلام مع السفلى من الفريق الثاني كان ثلث الباقي بينه وبين سفلى الأول ، ووسطى الثاني وسفلاه ، وعليا الثالث ، ووسطاه أسباعا للذكر مثل حظ الأنثيين . وسقطت سفلى الثالث ، وإن كان مع السفلى من الفريق الثالث كان الثلث الباقي بين الغلام وبين السفليات الست أثمانا ، وإن فرض الغلام مع العليا من الفريق الأول كان جميع المال بينه وبين أخته للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا شيء للسفليات وهن ثمان وإن فرض مع وسطى الأول ، فتأخذ عليا الأول النصف والباقي للغلام مع من يحاذيه وهي وسطى الأول وعليا الثاني للذكر مثل حظ الأنثيين .

وكذا الحال إذا فرض مع عليا الثاني [ ص: 785 ] وأما تصحيح المسائل في جميع هذه الصور فعلى ما ستحيط به فيما بعد فلا حاجة إلى إيراده هنا واعلم أن ذكر البنات على اختلاف الدرجات كما ذكر في الكتاب يسمى مسألة التشبيب لأنها بدقتها وحسنها تشحذ الخواطر وتميل الآذان إلى استماعها فشبهت بتشبيب الشاعر القصيدة لتحسينها واستدعاء الإصغاء لسماعها ا هـ من شرح السيد ( قوله : ممن لا تكون صاحبة فرض ) أما من كانت صاحبة فرض فإنها تأخذ سهمها ، ولا تصير به عصبة وهي العليا من الفريق الأول التي أخذت النصف والوسطى منه مع العليا من الفريق الثاني حيث أخذتا السدس ، وهذا قيد معتبر فيمن كانت فوقه دون من كانت بحذائه فإنه يعصبها مطلقا سيد ( قوله : وسقط السفليات ) أي اللاتي تحته في الدرجة ( قوله : وعبارة السيد إلخ ) أي فكان على المصنف أن يقول كذلك ولا سيما مع قوله بعد ويقتسمان الباقي ( قوله : هو أخ لأم ) كأن تزوجت بأخوين فجاءت من كل بولد وللأخوين ولد أخ آخر من غيرها فمات أحد ولديها عن أخيه الذي هو ابن عمه وعن ابن عمه الآخر ( قوله : وكذا لو كان الآخر زوجا ) الأوضح أن يقول : وكذا لو كان أحدهما أي أحد ابني عمها زوجها ط .

( قوله : ويقتسمان الباقي ) وهو خمسة أسداس في الأولى والنصف في الثانية ط ( قوله : حيث لا مانع من إرثه بهما ) احتراز عما لو كان للميت بنت في الأولى فإن لها النصف وتحجب ابن العم عن السدس من حيث كونه أخا لأم ، ويشترك هو وابن العم الآخر في الباقي وعما لو كان للزوجة في الثانية أخت شقيقة فإن لها النصف والنصف الآخر للزوج فرضا ولا شيء له كابن العم الآخر من حيث بنوة العم ( قوله : بجهتي فرض وتعصيب ) فجهة الفرض الزوجية والأخوة لأم وجهة التعصيب كونه ابن عم ط ( قوله : وأما بفرض ) أي وأما الإرث بفرض وتعصيب ط ( قوله : بجهة واحدة ) وهي الأبوة ط ( قوله : فليس إلا الأب وأبوه ) أي مع البنت أو بنت الابن كما تقدم ، واسم ليس ضمير عائد على الإرث بالفرض والتعصيب ، وقوله : إلا الأب أي إلا إرث الأب على تقدير مضاف حذف ، وأقيم المضاف إليه مقامه وهذا على حد قولهم ليس الطيب إلا المسك في جواز الرفع والنصب في المسك على الخلاف المشهور فتنبه ( قوله : وقد يجتمع جهتا تعصيب ) أي من غير نظر للإرث بهما لأنه هنا بإحداهما لتقديم جهة البنوة على جهة العمومة وجهة الولاء ( قوله : وقد يجتمع جهتا فرض ) صورته نكح مجوسي بنته واستولدها فالولد بن لهذه المرأة وأخ لها فإذا مات عنها مات عن أمه وأخته فترث بالجهتين ط .

( قوله : وإنما يتصور في المجوس ) أقول : تقدم في كتاب الحدود أن من شبهة المحل وطء محرم نكحها ، وأنه يثبت فيها النسب على ما حرره في النهر فراجعه ثم رأيت في سكب الأنهر قال : وإنما يتصور ذلك في نكاح المجوسي وفي وطء الشبهة في المسلمين وغيرهم ولا يتصور في نكاح المسلمين الصحيح ا هـ وسيأتي تمامه ( قوله : وعند الشافعي بأقوى الجهتين ) وهي التي يرث بها على كل حال ، فإن مات ابن وترك أما هي أخته ترث عندنا بالجهتين الثلث بجهة الأمية والنصف بجهة الأختية ، وأما عنده فترث [ ص: 786 ] بجهة الأمية لا غير ، كما في غرر الأفكار ( قوله : يشرك بين الصنفين الأخيرين ) أي أولاد الأم والإخوة لأبوين ، ولذا سميت مشركة بفتح الراء أو بكسرها على نسبة التشريك إليها مجازا ( قوله : وكذلك يفرض مالك والشافعي ) وكذا أحمد على ما ذكره الشنشوري خلافا لما ذكره الشارح ، وهو قول أبي يوسف ومحمد وتسمى هذه المسألة الأكدرية لأنها كدرت على زيد مذهبه .

( قوله : فتعول إلى تسعة ) للزوج ثلاثة وللأم اثنان وللجد واحد ، وللأخت ثلاثة لكن لما كانت الأخت لو استقلت بما فرض لها لزادت على الجد ردت بعد الفرض إلى التعصيب بالجد ، فيضم إلى حصتها حصته ، ويقتسمان الأربعة بينهما ثلاثا للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن المقاسمة خير له من سدس جميع المال ومن ثلث الباقي وتصح من سبعة وعشرين وتمامه في سكب الأنهر ( قوله : تسقط الأخت ) فللزوج النصف وللأم الثلث ، والباقي للجد وأصلها من ستة ومنها تصح ( قوله : على المفتى به ) أي من قول الإمام بسقوط بني الأعيان والعلات بالجد خلافا لهما ( قوله : كما مر ) أي في الحجب والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية