الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأكل ، ونوم إلا لمعتكف وغريب ، وأكل نحو ثوم ، ويمنع منه ; وكذا كل [ ص: 662 ] مؤذ ولو بلسانه .

التالي السابق


( قوله وأكل ونوم إلخ ) وإذا أراد ذلك ينبغي أن ينوي الاعتكاف ، فيدخل ويذكر الله تعالى بقدر ما نوى ، أو يصلي ثم يفعل ما شاء فتاوى هندية ( قوله وأكل نحو ثوم ) أي كبصل ونحوه مما له رائحة كريهة للحديث الصحيح في النهي عن قربان آكل الثوم والبصل المسجد . قال الإمام العيني في شرحه على صحيح البخاري قلت : علة النهي أذى الملائكة وأذى المسلمين ولا يختص بمسجده عليه الصلاة والسلام ، بل الكل سواء لرواية مساجدنا بالجمع ، خلافا لمن شذ ويلحق بما نص عليه في الحديث كل ما له رائحة كريهة مأكولا أو غيره ، وإنما خص الثوم هنا بالذكر وفي غيره أيضا بالبصل والكراث لكثرة أكلهم لها ، وكذلك ألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة ، وكذلك القصاب ، والسماك ، والمجذوم والأبرص أولى بالإلحاق . وقال سحنون لا أرى الجمعة عليهما . واحتج بالحديث وألحق بالحديث كل من آذى الناس بلسانه ، وبه أفتى ابن عمر وهو أصل في نفي كل من يتأذى به . ولا يبعد أن يعذر المعذور بأكل ما له ريح كريهة ، لما في صحيح ابن حبان عن { المغيرة بن شعبة قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد مني ريح الثوم فقال : من أكل الثوم ، فأخذت يده فأدخلتها فوجد صدري معصوبا ، فقال : إن لك عذرا } وفي رواية الطبراني في الأوسط { اشتكيت صدري فأكلته } وفيه : فلم يعنفه صلى الله عليه وسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم " { وليقعد في بيته } صريح في أن أكل هذه الأشياء عذر في التخلف عن الجماعة . وأيضا هنا علتان : أذى المسلمين وأذى الملائكة ; فبالنظر إلى الأولى يعذر في ترك الجماعة وحضور المسجد ، وبالنظر إلى الثانية يعذر في ترك حضور المسجد ولو كان وحده ا هـ ملخصا .

أقول : كونه يعذر بذلك ينبغي تقييده بما إذا أكل ذلك بعذر أو أكل ناسيا قرب دخول وقت الصلاة [ ص: 662 ] لئلا يكون مباشرا لما يقطعه عن الجماعة بصنعه




الخدمات العلمية