الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكثرة الركوع والسجود أحب من طول القيام ) كما في المجتبى ورجحه في البحر ، لكن نظر فيه في النهر من ثلاثة أوجه . ونقل عن المعراج أن هذا قول محمد ، وأن مذهب الإمام أفضلية القيام وصححه في البدائع .

قلت : وهكذا رأيته بنسختي المجتبى معزيا لمحمد فقط فتنبه [ ص: 18 ] وهل طول قيام الأخرس أفضل كالقارئ ؟ لم أره .

التالي السابق


( قوله ورجحه في البحر ) حيث جزم بتعارض الأدلة كحديث مسلم { عليك بكثرة السجود } وحديث { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } وحديث مسلم أيضا { أفضل الصلاة طول القنوت } أي طول القيام كما هو رواية أحمد وأبي داود ; ثم قال : والذي ظهر للعبد الضعيف أن كثرة الركوع والسجود أفضل لأن القيام إنما شرع وسيلة إليهما ، ولذا سقط عمن عجز عنهما ، ولا تكون الوسيلة أفضل من المقصود ولأنه وإن لزم فيه كثرة القراءة لكنها ركن زائد ، بل اختلف في أصل ركنيتها . وأجمعوا على ركنية الركوع والسجود وأصالتهما ، ولتخلف القيام عن القراءة فيما بعد ركعتي الفرض ا هـ ملخصا .

( قوله من ثلاثة أوجه ) الأول أن القيام وإن كان وسيلة إلا أن أفضلية طوله لكثرة القراءة فيه وهي وإن بلغت كل القرآن تقع فرضا بخلاف التسبيحات . الثاني أن كون القراءة ركنا زائدا مما لا أثر له في الفضيلة . الثالث أن موضوع المسألة النفل ، وفيه تجب القراءة في كله ا هـ ملخصا .

قلت : وأما تعارض الأدلة ، فيجاب عنه بأن المراد بالسجود الصلاة ; وأقوى دليل أيضا على أفضلية طول القيام {أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل إلا قليلا ، وكان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة } كما مر في حديث عائشة ( قوله ونقل عن المعراج إلخ ) اعترض على البحر أيضا حيث قال : اختلف النقل عن محمد في هذه المسألة فنقل الطحاوي عنه في شرح الآثار أن طول القيام أحب . ونقل في المجتبى عنه العكس . ونقل عن أبي يوسف أنه فصل فقال : إذا كان له ورد من الليل بقراءة من القرآن فالأفضل أن يكثر عدد الركعات وإلا فطول القيام أفضل لأن القيام في الأول لا يختلف ويضم إليه زيادة الركوع والسجود ا هـ .

ووجه الاعتراض أن مقتضى كلامه أنه لا قول في هذه المسألة لإمام المذهب ، بل القولان فيها لمحمد . أقول : ويظهر لي أن رواية أبي يوسف محمل هذين القولين تأمل .

( قوله وصححه في البدائع ) وعبارته . قال أصحابنا : طول القيام أفضل . وقال الشافعي : كثرة الصلاة أفضل والصحيح قولنا . ثم قال : وروي عن أبي يوسف أنه قال إلى آخر ما مر ، وظاهر كلامه أن هذا قول أئمتنا الثلاثة حيث لم يتعرض إلا لخلاف الشافعي ، ويؤيده ما مر عن الطحاوي ( قوله قلت إلخ ) تأييد لما في المعراج ، وأمر بالتنبه إشارة إلى ما على المصنف من الاعتراض ، حيث تابع شيخه صاحب البحر ، وعدل عما عليه المتون الذي هو قول الإمام المصحح ، بل هو قول الكل كما مر ، ولذا قال الخير الرملي أقول : كيف يخالف الجهابذة تبعا لشيخه ويجعله متنا والمتون موضوعة لنقل المذهب ؟ ا هـ [ ص: 18 ] والحاصل أن المذهب المعتمد أن طول القيام أحب ، ومعناه كما في شرح المنية أنه إذا أراد شغل حصة معينة من الزمان بصلاة فإطالة القيام مع تقليل عدد الركعات أفضل من عكسه ، فصلاة ركعتين مثلا في تلك الحصة أفضل من صلاة أربع فيها ، وهكذا القياس .

( قوله وهل إلخ ) البحث لصاحب النهر . والذي يظهر أن كثرة ركوعه وسجوده أفضل لأن أفضلية القيام إنما كانت باعتبار القراءة ولا قراءة له . ا هـ . ح عن بعض الهوامش . وخالفه الرحمتي بأن الأخرس قارئ حكما وله ثواب القارئ كما هو الحكم فيمن قصد عبادة وعجز عنها مع أن الطريقة أن العلة إذا وجدت في بعض الصور تطرد في باقيها تأمل .




الخدمات العلمية