الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 189 ] فصل

                                                                                                          وإن خرج لما له منه بد فإن كان مكرها أو ناسيا فقد سبق في الأعذار ، وإن أخرج بعض جسده لم يبطل ، في المنصوص ( و ) لأن عائشة { كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه } ، متفق عليه .

                                                                                                          وإن أخرج جميعه مختارا عمدا بطل وإن قل ( و ) كالجماع ، لتحريمهما ، وكما لو زاد على نصف يوم ، وأبطله أبو يوسف ومحمد بأكثر من نصف يوم فقط ، وأبطله الثوري والحسن بن صالح إن دخل تحت سقف ليس ممره فيه ، والله أعلم .

                                                                                                          ثم إن كان متتابعا بشرط أو نية ، أو قلنا تتابع في المطلق ، استأنف ( و ) لإمكانه أن يأتي بالمنذور على صفته كحالة الابتداء ، وكمن عليه صوم شهرين في كفارة ، أو نذر في الذمة ولا وكفارة ( و ) .

                                                                                                          وقال في الرعاية : يستأنف المطلق المتتابع بلا كفارة ، وقيل : أو يبني ويكفر ، كذا قال وإن كان متتابع متعينا كنذره شعبان متتابعا ، استأنف : ( و م ش ) كالقسم قبله .

                                                                                                          وقد صرح بهما ، والتتابع أولى من الوقت ، لكونه قربة مقصودة ، ويكفر ( م ش ) .

                                                                                                          ومذهب ( هـ ) وصاحبيه يبني ولا يستأنف ، لأن التعيين أصل ، والتتابع وصف ، وحفظ الأصل أولى ، ولا كفارة عندهم إلا أن يريد به اليمين فيكفر مع القضاء ، وعند أبي يوسف إن أراد اليمين كفر بلا قضاء ، والله أعلم . [ ص: 190 ] وإن كان متعينا ولم يقيده بالتتابع كنذره اعتكاف شهر شعبان فقيل : يبني ( و هـ ش ) لأن التتابع هنا حصل ضرورة التعيين ، فسقط بفواته كقضاء رمضان ، ووافق أبو حنيفة وصاحباه على تتابع قضائه إذا فوته ، وقيل : يستأنف لتضمن نذره التتابع ، ولأنه أولى من المدة المطلقة ، ولهذا قال مالك : يستأنف هنا دون الصوم ، لعدم تقييد الأيام المطلقة فيه بالتتابع عنده ، وذكر صاحب المحرر أن هذا الوجه أصح في المذهب ، وأنه قياس قول الخرقي ، وأصل الوجهين من نذر صوم شهر بعينه فأفطر فيه فإن فيه روايتين ( م 10 ) ويكفر رواية واحدة ( م ش ) لتركه المنذور في وقته المعين ، ومذهب الحنفية كما سبق .

                                                                                                          [ ص: 190 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 190 ] ( مسألة 10 ) قوله : وإن كان متعينا ولم يقيده بالتتابع كنذر اعتكاف شهر شعبان فقيل : يبني .

                                                                                                          وقيل : يستأنف وذكر صاحب المحرر أن هذا الوجه أصح في المذهب ، وأنه قياس قول الخرقي ، وأصل الوجهين من نذر صوم شهر بعينه فأفطر فيه فإن فيه روايتين ، انتهى .

                                                                                                          وأطلق القولين في المقنع والمجد في شرحه ، والشارح ، وابن منجى في شرحه ، وصاحب المستوعب والرعايتين والحاويين وغيرهم ، أحدهما يستأنف ، وهو الصحيح ، اختاره المجد ، كما تقدم ، وصححه في التصحيح ، وقدمه في الهداية والخلاصة .

                                                                                                          والقول الثاني يبني .




                                                                                                          الخدمات العلمية