الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          يستحب أن يحج عن أبويه ، قال بعضهم ، إن لم يحجا ، وقال بعضهم : وغيرهما ، ويقدم أمه لأنها أحق بالبر . ويقدم واجب أبيه على نفلها ، نص عليهما ، نقل ابن إبراهيم : من حج ويريد الحج ولم يحج والده يجعل حجة التطوع عنهما ، عن كل واحد حجة ، نقل أبو طالب يقدم دين أبيه على نفله لنفسه ، فأمه أولى ، وقيل له في رواية أبي داود : { أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضا ، قال : [ ص: 272 ] نعم ، تقضي عنها دينا عليها . وقيل له : أحج عنها فأنفق من مالي وأنوي عنها أليس جائزا ؟ قال : نعم } .

                                                                                                          وعن زيد بن أرقم مرفوعا { إذا حج الرجل عنه وعن والديه قبل منه ومنهما واستبشرت أرواحهما في السماء وكتب عند الله برا } فيه أبو أمية الطرسوسي وأبو سعيد البقال ضعيفان . وعن ابن عباس مرفوعا { من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار } فيه صلة بن سليمان متروك ، وعن عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو البصري عن عطاء عن جابر مرفوعا { من حج عن أبيه أو أمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج } ضعيف ، رواهن الدارقطني . ولكل منهما منع ولده من نفل لا تحليله ، للزومه بشروعه قال أحمد في الفرض : إن لم تأذن لك أمك وكان عندك زاد وراحلة فحج ولا تلتفت إلى إذنها واخضع لها ودارها . ويلزمه طاعتهما في غير معصية ، ويحرم فيها ، ولو أمره أبوه بتأخير الصلاة ليصلي به أخر ، نص على الجميع ، وذكره جماعة .

                                                                                                          وقال شيخنا : هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه ، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا ، ولم يقيده أبو عبد الله ، لسقوط فرائض الله بالضرر ، وعلى هذا بنينا تملكه من ماله ، فنفعه كماله فليس الولد بأكثر من العبد . ونقل أبو الحارث فيمن تسأله أمه شراء ملحفة للخروج : إن كان خروجها في بر وإلا فلا يعينها على الخروج . ونقل جعفر : إن أمرني أبي بإتيان السلطان ، له علي طاعة ؟ قال : لا ، [ ص: 273 ] وهذا وما قبله خاصان ، فلعله لمظنة الفتنة ، فلا ينافي ما سبق وكذا ما نقل المروذي : ما أحب يقيم معها على الشبهة ، لأنه عليه السلام قال { من ترك الشبهة فقد استبرأ لدينه وعرضه ولكن يداري } وهذا لقوله عليه السلام { من وقع في الشبهات وقع في الحرام } متفق عليه ، ولهذا نقل غيره فيمن تعرض عليه أمه شبهة بأكل فقال : إن علم أنه حرام بعينه فلا يأكل .

                                                                                                          وقال أحمد : إن منعاه الصلاة نفلا يداريهما ويصلي . وقال : إن نهاه عن الصوم لا يعجبني صومه ولا أحب لأبيه أن ينهاه ، وذكر صاحب المحرر وتبعه غير واحد : لا يجوز منع ولده من سنة راتبة . وأن مثله مكر وزوج وسيد ، وهذا والله أعلم لإثمه بتركها ، كما يأتي في العدالة من الشهادة وإلا فلتغير أوضاع الشرع ، كأمره يسر في الفجر ويجهر في الظهر ونحوه ، وسبق كلام القاضي في الصلاة على الميت . وقال في الغنية : يجوز ترك النوافل لطاعتهما ، بل الأفضل طاعتهما . فإن أراد ظاهره فخلاف ما سبق .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية