الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          . ومن أراد مكة لقتال مباح أو خوف أو حاجة تكرر ، وتردد المكي إلى قريبه بالحل لم يلزمه ، لدخوله عليه السلام هو وأصحابه يوم الفتح بلا إحرام ، قال ابن عقيل ، وكتحية المسجد في حق قيمه لما تكرر للمشقة ، وعند الحنفية المنع لمن كان خارج الميقات ، والله أعلم .

                                                                                                          [ ص: 283 ] ثم من لم يلزمه أو لم يرد الحرم إن بدا له أحرم حيث بدا له ( و م ش ) للخبر السابق ; ولأن من منزله دون الميقات لو خرج إليه ثم عاد ( الحرم ) لم يلزمه وعن أحمد : يلزمه كمن جاوزه مريدا للنسك ، وعند الحنفية : يحرم حيث شاء من الحل ، وكذا تجدد إسلام وعتق وبلوغ نص عليهن ، واختاره جماعة منهم الشيخ ; لأنه لا يجب الإحرام [ منه ] كالقسم قبله ، وكالمجنون ، قال القاضي : ولهذا نقول : لو أذن لهما الولي في الإحرام من الميقات فلم يحرما لزمهما دم ، كذا قال ، وكلام غيره خلافه . وعنه : يلزمه دم ، كمن وجب عليه . وعنه : يلزم من أسلم ، نصره القاضي وأصحابه ; لأنه حر بالغ عاقل ، كالمسلم ، وهو متمكن من زوال المانع ; ولهذا من لم يصل مع حدثه كتركها متطهرا . وعند الحنفية : على العبد دم ، وعند الشافعية : على الكافر ، وفيهما قولان ، ومن جاوزه مريدا للنسك أو كان فرضه لزمه أن يرجع فيحرم منه إن لم يخف فوت الحج أو غيره ، وأطلق في الرعاية وجهين ، وظاهر المستوعب أنهما بعد إحرامه ، وكل منهما ضعيف ، فإن رجع فأحرم منه فلا دم ، وحكي فيه وجه . وإن أحرم دونه لعذر أو غيره صح ولزمه دم ( و ) . وعن عطاء والحسن والنخعي : لا يلزمه ، وعن سعيد بن جبير والظاهرية : لا يصح نسكه ، ولم أجد لمن احتج للصحة دليلا صحيحا ، ثم لا يسقط الدم برجوعه إلى الميقات ، نص عليه ( و م ) لظاهر ما روي عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا { من ترك نسكا فعليه دم } ولأنه وجب لترك إحرامه من ميقاته ; ولأن الأصل بقاؤه ، وكما لو لم يرجع أو لم يطف أو لم يلب عند من سلم : وعن أحمد : .

                                                                                                          [ ص: 284 ] يسقط : وكذا عن الشافعي ، وظاهر مذهبه : إن رجع قبل طواف قدوم أو عرفة سقط ، وذكره بعض الحنفية عن أبي يوسف ومحمد ، وقاله أبو حنيفة إن رجع إليه ملبيا ، والجاهل والناسي كالعالم العامد ، ولا يأثم ناس . وسبق حكم الجاهل آخر صلاة الجماعة ، وذكر الشافعية لا يأثم ، ويتوجه أن لا دم على مكره ، أو أنه كإتلاف ، وذكر بعض أصحابنا : يلزمه ، وقال صاحب الرعاية : يحتمل أن لا يلزمه ، ولو أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوزة ، نص عليه ، وعليه الأصحاب ، كدم محظور ; ولأنه الأصل ، ونقل مهنا يسقط بقضائه ( و هـ ) لفعل المتروك وهو قضاء الإحرام من الميقات ، وأجيب لم يفعله لدليل المسألة قبلها . .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية