الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فأما الخضاب للرجل فذكر الشيخ أنه لا بأس به فيما لا تشبه فيه بالنساء ; لأن الأصل الإباحة ، ولا دليل للمنع ، وأطلق في المستوعب : له الخضاب بالحناء ، وقال في مكان آخر : كرهه أحمد [ قال أحمد ] : لأنه من الزينة .

                                                                                                          وقال شيخنا : هو بلا حاجة مختص بالنساء ( و ش ) . ثم احتج بلعن المتشبهين والمتشبهات ، وسبقت مسألة التشبه عند زكاة الحلي . وفي الصحيحين عن أنس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل . } نهى عنه للونه لا لريحه ، فإن ريح

                                                                                                          [ ص: 455 ] الطيب له حسن ، والحناء في هذا كالزعفران . وعن مفضل بن يونس وهو من الثقات عن الأوزاعي عن أبي يسار القرشي عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل مخضوب اليدين والرجلين فقال : ما بال هذا ؟ فقالوا : يا رسول الله ، يتشبه بالنساء . فأمر به فنفي إلى البقيع فقالوا : يا رسول الله ألا تقتله ؟ قال : إني نهيت عن قتل المصلين } أبو يسار روى عنه الأوزاعي والليث . ولم أجد فيه سوى قول أبي حاتم : مجهول ، فأراد : مجهول العدالة . وذكر الدارقطني في العلل أن المفضل انفرد بوصله .

                                                                                                          وقال أبو موسى : حديث مشهور ، وللطبراني ونحوه بمعناه من حديث أبي سعيد وقد قال الحافظ عمر بن بدر الموصلي : لا يصح في هذا الباب شيء ، وظاهر ما ذكره القاضي أنه كالمرأة في الحناء ; لأنه ذكر المسألة واحدة ( م 35 ) وأنه لا فدية ( هـ ) ثم قال : وقد نقل الميموني :

                                                                                                          [ ص: 456 ] الحناء من الزينة . ومن يرخص في الريحان يرخص فيه . ونقل محمد بن حرب وسئل عن الخضاب للمحرم فقال : ليس بمنزلة الطيب ولكنه زينة ، وقد كره الزينة عطاء للمحرم ، وقد احتج غير واحد من فقهاء الحديث كابن جرير وقال العقيلي : لا يصح في هذا المتن شيء ، لخبر بريدة مرفوعا { سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم } وفيه { وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء ، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية } وهو الحناء ، رواه ابن شاذان بإسناده ، ويباح لحاجة ، لخبر { سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم وإذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء } رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وله في لفظ : قالت { : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فما كانت تصيبه قرحة ولا نكتة إلا أمرني أن أضع عليها الحناء } حديث حسن

                                                                                                          [ ص: 455 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 455 ] مسألة 35 ) قوله بعد ذكر الخضاب للمرأة فأما الخضاب للرجل فذكر الشيخ أنه لا بأس به فيما لا تشبه فيه بالنساء وأطلق في المستوعب : له الخضاب بالحناء .

                                                                                                          وقال في مكان آخر : كرهه أحمد ، قال أحمد : لأنه من الزينة .

                                                                                                          وقال شيخنا : هو بلا حاجة مختص بالنساء وظاهر ما ذكره القاضي أنه كالمرأة في الحناء ، لأنه ذكر المسألة واحدة ، انتهى . ما قاله الشيخ الموفق هو الصواب .

                                                                                                          وقاله الشارح وغيره ، وعمل الناس عليه من غير نكير ، وقال في الآداب الكبرى : فأما الخضاب للرجل فيتوجه إباحته مع الحاجة ، ومع غيرها يخرج على مسألة تشبه رجل بامرأة في لباس وغيره ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية