الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ولا يعدل شيء عند أحمد الخروج في السرية ، مع غلبة السلامة ، لأنه أنكى ، وأن يجعل لمن عمل ما فيه غناء جعلا ، لمن نقب أو صعد هذا المكان أو جاء بكذا فله من الغنيمة أو منه كذا ، ما لم يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس ، نص عليه وعنه : بشرط ، وتحرم مجاوزته فيهما ، نص عليه ، وعنه : بلا شرط ، لو كان خبأ عشرة رءوس حتى نادى الإمام من جاء بعشرة رءوس فله رأس فجاء بها فلا شيء له ، نقله أبو داود ، وفي جواز من أخذ شيئا فله وقيل لمصلحته روايتان ( م 4 ) ونقل أبو طالب وغيره : إن بقي ما لا [ ص: 230 ] يباع ولا يشترى فمن أخذه فهو له ، وسأله أبو داود : إن أباح الحربي للناس ، فقال من أخذ شيئا فله ؟ قال : لا يفعل ، هذا إذا ينهب الناس .

                                                                                                          قال شيخنا : للإمام على الصحيح أن يخص طائفة بصنف كالفيء ، قال : وليس للغانمين إعطاء أهل الخمس قدره من غيرها ، وقيل في قوله : من أخذ شيئا لا يخمس ، واختاره الشيخ فيمن جاء بكذا ثم الباقي لمن شهد الوقعة لقصد قتال ولو لم يقاتل ، أو بعث لمصلحة الجيش أو قال الإمام : يتخلف الضعيف ، فتخلف قوم بموضع مخوف ، نص عليه ، دون مريض عاجز .

                                                                                                          وقال الآجري : من شهدها ثم مرض فلم يقاتل أسهم له وأنه قول أحمد .

                                                                                                          وكافر وعبد لم يؤذن لهما ومنهي عن حضوره ، والأصح أو بلا إذنه ، وفرس عجيف ونحوه ، وفيه وجه .

                                                                                                          وفي التبصرة : يسهم لفرس ضعيف ويحتمل : لا ، ولو شهدها عليه ، ومخذل ومرجف ونحوهما ، ولو تركا ذلك وقاتلا ، ولا يرضخ لهم لأنهم عصاة ، وكذا من هرب من اثنين كافرين ، ذكره في الروضة ، بخلاف غريم وولد ، لزوال إثمه بتعيينه عليه بحضور الصف ، وذكر ابن عقيل [ ص: 231 ] في أسير ، أو تاجر روايتين ، قال أحمد : يسهم للمكاري والبيطار والحداد والخياط والإسكاف والصناع ، وإن استؤجر للجهاد لم يصح ، فيسهم له ، وعنه : يصح ، وقيل : ممن لا يلزمه ، فلا يسهم ، على الأصح ، وقيل : يرضخ ويسهم لأجير الخدمة ، على الأصح .

                                                                                                          وقال القاضي وغيره : إذا قصد الجهاد ، وكذا حمل صاحب المحرر { إسهام النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة وكان أجيرا لطلحة } ، رواه أحمد ، ومسلم على أجير قصد مع الخدمة الجهاد .

                                                                                                          وفي الموجز هل يسهم لتجار عسكر وأهل وسوقة ومستأجر مع جند كركابي وسايس ، أم يرضخ ؟ فيه روايتان ، وفي الوسيلة : ظاهر كلامه : لا تصح الثيابة تبرع أو بأجرة ، وقطع به ابن الجوزي .

                                                                                                          وفي الترغيب : يصح استئجار إمام أهل الذمة للحاجة .

                                                                                                          وفي البلغة : لهم الأجرة فقط إن صحت الإجارة ، وفيها روايتان ، ولا يصح استئجار غيره لهم ، ويسهم لمن يعطى من الفيء ، لأن الله جعله له ليغزو ، لا أنه عوض عن غزوة ، بل يقع له لا لغيره ، وكذا من يعطى له من صدقة ، لأنه يعطاه معونة لا عوضا ، أو دفع إليه ما يعينه به فله فيه الثواب ، وليس عوضا ، وعن زيد بن خالد مرفوعا { من جهز غازيا في سبيل الله فله مثل أجره ولا ينقص من أجره شيء } صحيح رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه ، ولأبي داود بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو مرفوعا { للغازي أجره وللجاعل [ ص: 232 ] أجره } وأجر الغازي ومن أخذ من سهم الفيء أو ما يتقوى به من زكاة وغيرها فليس عوضا ، وفيه الثواب ، للخبر ، ذكره الشيخ وغيره ، وظاهر كلامهم : لا ثواب لغيره ، وقد تقدم .

                                                                                                          [ ص: 229 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 229 ] مسألة 4 ) قوله " وفي جواز من أخذ شيئا فهو له ، وقيل : لمصلحة ، روايتان " يعني في جواز ذلك إذا قاله الإمام ، وأطلقهما في المغني والمقنع والشرح . [ ص: 230 ]

                                                                                                          ( إحداهما ) : لا يجوز مطلقا ، وهو الصحيح صححه في التصحيح وشرح ابن منجى والنظم وغيرهم ، وبه قطع في الوجيز وغيره .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) يجوز ، وحكى المصنف طريقة أن محل الروايتين إذا كان لمصلحة ، وإلا فلا وصححها في الرعايتين والحاويين .

                                                                                                          ( قلت ) : وهو الصواب ، وكان الأولى بالمصنف أن يقدم هذه الطريقة ويصحح الجواز .

                                                                                                          [ ص: 231 ] تنبيه )

                                                                                                          قوله : " وذكر ابن عقيل في أسير أو تاجر روايتين " انتهى . ليس هذا من الخلاف المطلق الذي نحن بصدده وإنما هذه طريقة ابن عقيل ، والمذهب : يسهم لهم . وقد قال المصنف قبل ذلك : وهي لمن شهد الوقعة لقصد القتال ولو لم يقاتل .




                                                                                                          الخدمات العلمية