الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل ثم يقرأ الفاتحة ، وهي ركن في كل ركعة ( و م ش ) وعنه في الأولين ، وعنه تكفي آية من غيرها ( و هـ ) وظاهره ولو قصرت ( و هـ ) وظاهره ولو كانت كلمة ، وللحنفية خلاف ، لا بعض آية طويلة ( هـ ) وعند صاحبيه يكفي آية طويلة ، أو ثلاث قصار ، وذكر الحلواني رواية سبع ، وعنه ما تيسر ، وعنه لا تجب قراءة في غير الأوليين والفجر ( و هـ ) فعند أبي يوسف إن شاء سبح ، وإن شاء سكت مع أن مذهب ( هـ ) لو استخلف أميا في الأخريين فسدت صلاتهم ، قال أصحابه كأن قراءة الأوليين موجودة في الأخريين تقديرا ، والشيء إنما يثبت تقديرا لو أمكن تحقيقا ، والأمي لعجزه لا تقدير في حقه ، وكذا لو قدمه عنده بعدما قعد قدر التشهد ، وعنه إن نسيها فيهما قرأها في الثالثة والرابعة مرتين مرتين ، وسجد للسهو ، رواه النجاد بإسناده عن عمر وعثمان ، زاد عبد الله في هذه [ ص: 415 ] الرواية وإن ترك القراءة في الثلاث ثم ذكر في الرابعة فسدت صلاته ، واستأنفها ، وعند أكثر الحنفية لا يقضي الفاتحة في الأخيرتين ، وعند أكثرهم يقضي السورة فيهما ، قيل ندبا ، وقيل وجوبا ، ثم هل يجهر بها أم بالسورة أم لا ؟ فيه روايات عن ( هـ ) وهي أفضل سورة قاله شيخنا ، وذكر معناه ابن شهاب وغيره ، قال عليه السلام فيها : { أعظم سورة في القرآن ، وهي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته } رواه البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى ، وآية الكرسي أعظم آية ، كما رواه مسلم عنه عليه السلام ، وروى أحمد ذلك ، فظاهره أنه يقول به ، وللترمذي وغيره أنها سيدة آي القرآن ، وقاله إسحاق بن راهويه وغيره وقاله شيخنا ، قال : كما نطقت به النصوص ، ولكن عن إسحاق وغيره أنها بالنسبة إلى كثرة الثواب وقلته ، وقاله القاضي في العدة في النسخ ، في قوله تعالى : { نأت بخير منها } ثم قال : وقد يكون في بعضها من الإعجاز أكثر ، وفي الصحيحين { في { قل هو الله أحد } ثلث القرآن ، وتعدل ثلث القرآن } ورواه أحمد ، قال شيخنا : معاني القرآن ثلاثة أصناف . توحيد ، وقصص ، وأمر ونهي ، وقل هو الله أحد مضمنة ثلث التوحيد ، وإذا قيل ثوابها يعدل ثلث القرآن فمعادلة الشيء للشيء تقتضي تساويهما في القدر ، لا تماثلهما في الوصف ، كما في قوله { أو عدل ذلك صياما } ولهذا لا يجوز أن يستغنى بقراءتها ثلاث مرات عن قراءة سائر القرآن ، لحاجته إلى الأمر والنهي ، والقصص ، كما لا يستغنى من ملك نوعا من المال شريفا عن غيره ، وسأله ابن منصور عن قوله عليه السلام { من قرأ [ ص: 416 ] { قل هو الله أحد } فكأنما قرأ ثلث القرآن } فلم يقم على أمر بين ، قال القاضي : وظاهر هذا أن أحمد لم يأخذ بظاهر الحديث ، وأن ثواب قارئها ثواب من قرأ ثلث القرآن ، لأنه لا يجوز أن يتفاضل ، والجميع صفة لله ، ويكون معنى الحديث الحث على تعليمه والترغيب في قراءته ، وإلى هذا المعنى أشار إسحاق ، وكذا قال : ولا تحتمل الرواية ما قاله ، فأين ظاهرها ؟ ولا يعرف في المذهب قبل القاضي كما لا يعرف قبل الأشعري . وفي الفاتحة إحدى عشرة تشديدة فلو ترك واحدة ابتدأ ( و ش ) وقيل : لا تبطل بتركه ، لأنه صفة في الكلمة يبقى معناها بدونه كالحركة ، ويقال قرأ الفاتحة ، وقيل بلينه ، وإن قطعها بذكر أو قرآن أو دعاء أو سكوت وكان ذلك غير مشروع طويلا ، وقيل أو قصيرا عمدا ، وقيل أو لا أو ترك ترتيبها وقيل عمدا ابتدأ ، لا بنية قطعها ، وقيل ولم يسكت ، و ( مالك ) أحب إلى أحمد من ( ملك ) وقال ابن عقيل في الواضح : قال ثعلب : " مالك " أمدح من ملك ، لأنه يدل على الاسم والصفة .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية