الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويعتبر للعدالة أمران : صلاح دينه بأداء الفريضة ، زاد في المستوعب والمحرر : بسننها ، وذكر القاضي والتبصرة والترغيب : والسنة الراتبة ، وأومأ إليه لقوله فيمن يواظب على ترك سنن الصلاة رجل سوء ، ونقل أبو طالب : الوتر سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ترك سنة من سننه فهو رجل سوء ، وأثمه القاضي ، ومراده لأنه لا يسلم من ترك فرض وإلا فلا يأثم بسنة ، كذا كان ينبغي أن يقول ، لكن ذكر فيمن ترك الصلاة أن من داوم على ترك السنن أثم ، واحتج بقول الإمام أحمد فيمن ترك الوتر : رجل سوء ، مع قوله إنه سنة ، كذا قال ، ولم يحتج له ، وأجاب عن حديث عبادة { من انتقص منهن شيئا } معناه من انتقص من مسنوناتها الراتبة [ ص: 561 ] معها لما كانت مضافة إليها وتبعا لها جاز أن يكون الخطاب عطفا على جميع ذلك ، وقال في مسألة الوتر عن قول أحمد فيمن تركه عمدا : رجل سوء ، لا ينبغي أن تقبل شهادته ، فإنه لا شهادة له ، ظاهر هذا أنه واجب ، وليس على ظاهره ، وإنما قال هذا فيمن تركه طول عمره أو أكثره فإنه يفسق بذلك ، وكذلك جميع السنن الراتبة إذا داوم على تركها ، لأنه بالمداومة يحصل راغبا عن السنة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { من رغب عن سنتي فليس مني } ولأنه بالمداومة تلحقه التهمة بأنه غير معتقد لكونها سنة ، وهذا ممنوع منه ، ولهذا قال عليه السلام { أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين لا تتراءى ناراهما } وإنما قال ذلك لأنه متهم في أنه يكثر جمعهم ويقصد نصرهم ويرغب في دينهم ، وكلام أحمد خرج على هذا ، وكذا في الفصول : الإدمان على ترك هذه السنن الراتبة غير جائز ، واحتج بقول أحمد في الوتر ، لأنه يعد راغبا عن السنة .

                                                                                                          وقال بعد قول أحمد في الوتر : وهذا يقتضي أنه حكم بفسقه ، ونقل جماعة : من ترك الوتر ليس عدلا ، وقاله شيخنا في الجماعة على أنها سنة ، لأنه يسمى ناقص الإيمان ، قال الإمام أحمد : إذا عملت الخير زاد وإذا ضيعت نقص .

                                                                                                          وقال القاضي : من ترك النوافل التي ليست راتبة مع الفرائض لا تصفه بنقصان الإيمان ، وفي كلام الحنفية قيل : لا بأس بترك سنة الفجر والظهر إذا صلى وحده ، لأنه عليه السلام لم يأت بها إلا إذا صلى بالجماعة ، وبدونها [ ص: 562 ] لا تكون سنة ، وقيل : لا يجوز تركها بحال ، لأن السنة المؤكدة كالواجبة ، كذا قالوا .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية