الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويتشهد سرا ( و ) بخبر ابن مسعود { التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله } قيل لا يجزئ غيره ، وقيل متى أخل بلفظة ساقطة في غيره أجزأ ( م 18 ) وظاهر كلامهم ، أنه إذا قال : السلام [ ص: 440 ] علينا وعلى عباد الله الصالحين : ينوي النساء في زمننا ومن لا شركة له في [ ص: 441 ] صلاته ، خلافا لأكثر الحنفية ، لقوله عليه السلام { أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض } والأولى تخفيفه ، وكذا عدم الزيادة عليه ( و م هـ ) ونصه فيها أنه إذا زاد أساء ذكره في الجامع وكره القاضي التسمية أوله ، واختار ابن هبيرة تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( و ش ) واختاره الآجري ، وزاد وعلى آله ، وذكر جماعة لا بأس بزيادة وحده لا شريك له ، وقيل : قولها أولى .

                                                                                                          وفي الوسيلة رواية تشهد ابن مسعود ، وتشهد ابن عباس سواء وليس خبر ابن عباس بأفضل ( ش ) وتشهد ابن عباس { التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله } إلى آخره ، ولفظ مسلم " وأشهد أن محمدا رسول الله " ولا تشهد عمر ( م ) وهو { التحيات لله الزاكيات الطيبات . الصلوات لله ، سلام عليك } إلى آخره ويكرره مسبوق ، فإن سلم إمامه قام ولم يتمه .

                                                                                                          [ ص: 438 - 439 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 438 - 439 ] مسألة 18 ) قوله : ويتشهد سرا كخبر ابن مسعود وذكر تشهده ، ثم قال قيل لا يجزئ غيره ، وقيل متى أخل بلفظة ساقطة في غيره أجزأه انتهى . اعلم أن الصحيح من المذهب أن الواجب المجزئ من التشهد الأول من { التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله } جزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه ابن تميم وغيره ، قال الزركشي اختاره القاضي والشيخان انتهى ، قلت اختاره الشيخ في المغني ، والمجد في شرحه ، وابن رزين في شرحه ، وغيرهم ، زاد بعضهم والصلوات زاد ابن تميم وتبعه المصنف في حواشي المقنع وبركاته ورأيتها في المغني في نسخة جيدة ، وزاد بعضهم والطيبات وذكر الشيخ في المغني والشارح وابن رزين في شرحه وغيرهم السلام معرفا ، وهو قول في الرعاية وذكره ابن منجى في شرحه في السلام الأول .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى : لو أسقط " أشهد " الثانية ففي الإجزاء وجهان ، [ ص: 440 ] والمنصوص الإجزاء .

                                                                                                          وقال أيضا : لو ترك من تشهد ابن مسعود ما لا يسقط المعنى بتركه صح ، نص عليه ، وقيل لا يصح .

                                                                                                          وقال أيضا : وما سقط في بعض الروايات من لفظ أجزأ غيره ، وقيل إن ترك حرفا من تشهد ابن مسعود إلى عبده ورسوله عمدا حتى سلم لم تصح صلاته ، وإن تركه سهوا وأتى به صحت انتهى .

                                                                                                          وقال القاضي أبو الحسين في التمام : إذا خالف الترتيب في ألفاظ التشهد الأول فهل يجزيه ، على وجهين انتهى ، وقيل الواجب جميع ما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وهو الذي في التلخيص وغيره ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، لاقتصارهم على ذكره كاملا ، وقولهم إنه واجب هو أحد القولين اللذين أطلقهما المصنف ، قال ابن حامد : رأيت جماعة من أصحابنا يقولون : لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة ، قال الزركشي : هذا قول جماعة منهم ابن حامد وغيره ، انتهى .

                                                                                                          وقال الشارح لما نقل كلام القاضي من أنه إن أسقط لفظة ساقطة في بعض التشهدات المروية صح : في هذا القول نظر في أنه يجوز أن يجزئ بعضه عن بعض على سبيل البدل كقولنا في القرآن ، ولا يجوز أن يسقط ما في بعض الأحاديث إلا أن يأتي بما في غيره من الأحاديث انتهى ، قلت وهو قوي جدا ، إذا علمت ذلك فقول المصنف : قيل لا يجزئ غيره هو قول ابن حامد ومن تابعه ، لكن الذي يظهر أن في عبارة المصنف نظرا ، إذ ظاهرها أنه لو أتى بتشهد ابن عباس ، أو أبي موسى أو غيرهما من التشهدات المروية كاملا أنه لا يجزئ على هذا القول ، وهو بعيد جدا ، بل هذا القول هو قول ابن حامد وأنه إذا أتى بتشهد ابن مسعود لا بد من الإتيان به كله ، والله أعلم ، لا أنه لا يجزئ غيره ، وأما القول الثاني فهو ما إذا أتى بالألفاظ المتفق عليها فيجزئ وإن كان الساقط ثابتا في حديث ابن مسعود أو غيره ، وهذا هو الصحيح من المذهب ، لكن ما ذكره الشارح من النظر فيه قوة جدا والله أعلم




                                                                                                          الخدمات العلمية