الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 79 ] فصل " الثاني طاهر " كماء ورد ونحوه ، وطهور طبخ فيه ، أو غلب مخالطه . وإن استعمل قليل في رفع حدث فطاهر ( و . م . ر . ق ) نقله واختاره الأكثر . وعنه طهور ( و . هـ . ر ) و ( م . ر . ق ) واختاره ابن عقيل ، وأبو البقاء وشيخنا . وعنه نجس ( و . هـ . ر ) ونص عليه في ثوب المتطهر . وقطع عليها جماعة بالعفو في بدنه وثوبه . ويستحب غسل ذلك في رواية .

                                                                                                          وفي رواية لا ( م 8 ) صححه الأزجي وشيخنا . ولو اشترى ماء ليشربه فبان قد توضئ به فعيب ، لاستقذاره عرفا ، وذكره في النوادر .

                                                                                                          وإن غمس في ماء قليل يده ، وقيل : أو بعضها قائم من نوم الليل ، وعنه والنهار ، وقيل غسلها ثلاثا ، وقيل بعد النية ، وقيل نية الوضوء : لقوله عليه السلام { فأراد الطهور } رواه أحمد وغيره فطاهر . وإن لم يجد غيره استعمله ، ويتيمم معه ، ويجوز استعماله في شرب وغيره ، وقيل [ ص: 80 ] يكره ، وقيل يحرم ، صححه الأزجي للأمر بإراقته من رواية الربيع بن صبيح وفيه ضعف عن الحسن ، عن أبي هريرة مرفوعا ، رواه أبو حفص العكبري ، لكنه صح عن الحسن ، وعنه طهور ( و ) وعنه نجس . وإن حصل في يده بغير غمس فعنه كغمسه ، وعنه طهور ( م 9 ) وفي تأثير غمس كافر ومجنون وطفل وجهان ( م 10 ) وإن استعمل في طهر مستحب ففي بقاء طهوريته روايتان ( م 11 ) ولا أثر لغمسها في مائع طاهر [ ص: 81 ] في الأصح .

                                                                                                          وإن نوى جنب بانغماسه أو بعضه في قليل راكد رفع حدثه لم يرتفع ( ش . هـ . ر ) وصار مستعملا ، نص عليه ، وقيل : بأول جزء لاقى ، كمحل نجس لاقاه ( و ) قال القاضي وغيره : وذلك الجزء لا يعلم ، لاختلاف أجزاء العضو ، كما هو معلوم في الرأس ، وقيل بأول جزء انفصل ، كالمتردد على المحل ( م 12 ) وقيل ليس مستعملا ، [ ص: 82 ] وقيل يرتفع ، وقيل : إن كان المنفصل عن العضو لو غسل بمائع ثم صب فيه أثر : أثر هنا ، وكذا نيته بعد غمسه ، وقيل يرتفع ، ولا أثر له بلا نية لطهارة بدنه ( و ) وعنه يكره ، وإن كان كثيرا كره أن يغتسل فيه ( و ش ) قال أحمد : لا يعجبني وعنه لا ينبغي ، وهل يرتفع باتصاله أو انفصاله ؟ فيه وجهان ( م 13 )

                                                                                                          [ ص: 83 ] وإن اغترف بيده من القليل بعد نية غسله صار مستعملا ، نقله واختاره الأكثر ، وعنه : لا ، اختاره جماعة لصرف النية بقصد استعماله خارجه ، وهو أظهر . وهل رجل أو فم ونحوه كيد ، أم يؤثر ؟ فيه وجهان ( م 14 ) .

                                                                                                          وقيل : اغتراف متوضئ بيده بعد غسل وجهه لم ينو غسلها فيه كجنب ، والمذهب طهور لمشقة تكرره ، ويصير الماء بانتقاله إلى عضو آخر مستعملا ( و . ر . ش ) وعنه لا ( و . هـ ) وعنه لا في الجنب ، وعنه يكفيهما مسح اللمعة بلا غسل للخبر ، ذكره ابن عقيل وغيره .

                                                                                                          وإن خلط طهور بمستعمل : فإن كان لو خالفه في الصفة غيره أثر ، وعند صاحب المحرر الحكم للأكثر قدرا ، وعند ابن عقيل : إن غيره لو كان خلا أثر ، ونصه فيمن انتضح من وضوئه في إنائه لا بأس ، وإن بلغ بعد خلطه قلتين ، أو كانا مستعملين فطاهر ، وقيل : طهور . وإن خلت به وقيل : وبكثير امرأة ، وقيل : أو مميزة في غسل أعضائها ، وقيل : أو بعضها عن حدث ، وقيل : أو خبث وطهر مستحب فطهور على الأصح ولا يرفع حدث رجل ، وقيل : " ولا صبي ، وعنه يرفع ( و ) [ ص: 84 ] بلا كراهة كاستعمالهما معا ، وكإزالته به نجاسة ، وكامرأة أخرى ، وكتطهيرها بماء خلا به في الأصح فيهن ، ونقله الجماعة في الأخيرة ، وذكره القاضي ، وغيره ( ع ) ورواية ثالثة ، ويكره ، ومعناه اختيار الآجري ، كرواية في خلوة لشرب ، والخنثى كرجل ، وعند ابن عقيل كامرأة ، وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال ، وعلى الأصح : وبالمشاهدة فقيل : مشاهدة مسلم مكلف ، وقيل : كخلوة النكاح ( م 15 ) .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 8 ) قوله : " وإن استعمل قليل في رفع حدث فطاهر ، وعنه طهور ، وعنه نجس ، وقطع عليها جماعة بالعفو في ثوبه وبدنه ، ويستحب غسل ذلك في رواية ، وفي رواية لا " انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) الصحيح عدم الاستحباب صححه الأزجي ، والشيخ تقي الدين ، وابن عبيدان في شرحه وغيرهم ، والرواية الثانية يستحب .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله وقطع عليها جماعة بالعفو ( قلت ) منهم المجد ، وابن حمدان ، وابن عبيدان .

                                                                                                          [ ص: 80 ] مسألة 9 ) قوله : " وإن حصل في يده بغير غمس فعنه كغمسه ، وعنه طهور " انتهى ، وأطلقهما ابن تميم في مختصره ، وصاحب مجمع البحرين ، والحاوي الكبير ، وابن عبيدان ( إحداهما ) هو كغمس يده ، وهو الصحيح ، اختاره القاضي ، وجزم به في الفصول والإفادات ، والرعاية الصغرى ، وقدمه في الكبرى ، والحاوي الصغير ( والرواية الثانية ) لا يؤثر ذلك بل هو طهور ( قلت ) وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قال في الرعاية الكبرى الأولى أنه طهور .

                                                                                                          ( مسألة 10 ) قوله : " وفي تأثير غمس كافر ومجنون وطفل وجهان " انتهى وأطلقهما في الفصول ، والمغني والشرح ، وشرح ابن عبيدان ، والحاوي الكبير ( إحداهما ) لا تأثير لغمسهم ، وهو الصحيح ، وإليه ميل الشيخ في المغني ، والشارح ، واختاره المجد في شرحه ، وصححه ابن تميم ، قال في مجمع البحرين : لا يؤثر غمسهم في أصح الوجهين ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ( والوجه الثاني ) يؤثر ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وصححه الناظم ، وقدمه ابن رزين في شرحه .

                                                                                                          ( مسألة 11 ) قوله : " وإن استعمل في طهر مستحب ففي بقاء طهوريته روايتان " يعني إذا قلنا بزوال طهوريته إذا رفع به حدث ، وأطلقهما في الهداية ، وتذكرة ابن عقيل وفصوله ، والمبهج ، وخصال ابن البنا ، والمذهب ، والمستوعب ، [ ص: 81 ] والخلاصة ، والمقنع ، والمذهب الأحمد ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، وشرح ابن منجى ، والفائق ، والزركشي وغيرهم ( إحداهما ) هو باق على طهوريته ، وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وصححه في التصحيح ، والنظم والحاوي الكبير ، وشرح ابن عبيدان واختاره المجد ، وابن عبدوس في تذكرته قال الشارح : أظهرهما طهوريته ، قال في مجمع البحرين : طهور في أصح الروايتين ، وهو ظاهر ما جزم به في الإرشاد ، والعمدة ، والوجيز ، والمنور ، ومنتخب الآدمي وغيرهم وجزم به في الإفادات ، وقدمه في الكافي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وابن رزين في شرحه وغيرهم ( والرواية الثانية ) يسلبه الطهورية ، وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم به القاضي في المجرد وصاحب التسهيل واختاره ابن عبدوس صاحب القاضي وقدمه ابن رزين في مختصره وصاحب الحاوي الكبير وإدراك الغاية ، وابن تميم .

                                                                                                          ( مسألة 12 ) قوله : " وإن نوى جنب بانغماسه أو بعضه في قليل راكد رفع حدثه لم يرتفع وصار - مستعملا ، نص عليه قيل بأول جزء لاقى كمحل نجس لاقاه وقيل بأول جزء انفصل كالمتردد على المحل انتهى .

                                                                                                          ( القول الثاني ) هو الصحيح ، وهو كونه يصير مستعملا بأول جزء انفصل ، جزم به في المغني ، والكافي والشرح قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر ، وأشهر قال في الصغرى : وهو أظهر ، قال الزركشي وهو أشهر وقدمه ابن عبيدان في شرحه ، وابن عبد القوي في مجمع البحرين ، وقال : هذا أشهر الوجهين ، ونصراه ، والظاهر أنهما تابعا المجد ( والقول [ ص: 82 ] الأول ) وهو كونه يصير مستعملا بأول جزء لاقى قدمه في الرعايتين ، والحاويين ، والتلخيص ، وقال : على المنصوص ، وحكى الأول احتمالا ( قلت ) فيتقوى بالنص ، وأطلقهما ابن تميم في مختصره .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله وكذا نيته بعد غمسه انتهى ظاهره أن في محل كونه يصير مستعملا الخلاف المطلق الذي في المسألة قبلها ، وهو ظاهر الرعاية الصغرى ، فإنه قال : وإن انغمس في قليل راكد بنية رفع حدثه ، أو نواه بعد انغماسه فمستعمل عند لقيه ونيته . وظاهر كلامه في الكبرى أن هذه المسألة مثل التي قبلها في كون الماء يكون مستعملا ، لا في وقت ما يصير مستعملا ، وهو الصواب ، قال في الحاوي الكبير : ولو لم ينو الطهارة حتى انغمس فيه فقال أصحابنا يرتفع الحدث عن أول جزء يرتفع منه ، فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل ، انتهى ، فقطع أنه يصير مستعملا بأول جزء انفصل ، وعزاه إلى الأصحاب ، والظاهر أنه تابع المجد ويحمل كلام المصنف على هذا ، فقوله وكذا نيته بعد غمسه : يعني يكون مستعملا ، وعلى كلا التقديرين الصواب ما نقله في الحاوي عن الأصحاب .

                                                                                                          ( مسألة 13 ) قوله : " وإن كان كثيرا كره أن يغتسل فيه ، قال أحمد : لا يعجبني ، وعنه لا ينبغي ، وهل يرتفع باتصاله أو انفصاله ، فيه وجهان " انتهى ، وأطلقهما ابن تميم في مختصره ( أحدهما ) يرتفع بعد انفصاله ، وهو الصحيح ، قال في الرعاية الكبرى : وهو أقيس ، وقدمه في الحاوي الصغير والفائق ( قال ) في المغني والشرح وشرح ابن عبيدان وغيرهم . فإن كان قلتين فصاعدا ارتفع الحدث ، والماء باق على إطلاقه ( والثاني ) يرتفع قبل انفصاله ، في الرعايتين .

                                                                                                          [ ص: 83 ] مسألة 14 ) قوله : " وإن اغترف بيده من القليل بعد نية غسله صار مستعملا وعنه لا ، وهو أظهر ، وهل رجل وفم ونحوه كيد ، أم يؤثر فيه وجهان " انتهى ( أحدهما ) يؤثر منعا ، وهو الصحيح ، قال ابن تميم : ولو وضع رجله في الماء لا لغسلها ، وقد نوى أثر ، على الأصح . قال في الرعاية الكبرى : وإن نواه ثم وضع رجله فيه لا لغسلها بنية تخصها فظاهر في الأصح ، وإن غمس فيه فمه احتمل وجهين انتهى .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) أن حكم ذلك حكم اليد .

                                                                                                          [ ص: 84 ] مسألة 15 ) قوله وعلى الأصح وبالمشاهدة ، فقيل : مشاهدة مسلم مكلف وقيل : كخلوة النكاح انتهى ، وأطلقهما في المغني ، والحاوي الكبير ، وابن تميم ، وابن عبيدان ، والزركشي ، والفائق وغيرهم ( أحدهما ) هي كخلوة النكاح وهو الصحيح ، فتزول الخلوة بمشاهدة مميز ، وكافر ، وامرأة ، اختاره الشريف أبو جعفر والشيرازي ، وجزم به في المستوعب ، وقدمه في الكافي ، ونظمه ، والشرح ، والنظم وغيرهم .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا تزول إلا بمشاهدة مسلم مكلف ، اختاره القاضي في المجرد ، وقدمه في الفصول ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وقيل : لا تزول إلا بمشاهدة رجل مسلم حر ، قدمه في الرعاية الكبرى ، فقال : ولم يرها ذكر مسلم مكلف ، وقيل أو عبد ، وقيل أو مميز ، وقيل أو مجنون ، وهو خطأ ، وقيل إن شاهد طهارتها أنثى أو كافر فوجهان انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية