الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل وإن ترك الإمام ركنا أو شرطا عنده وحده عالما أعاد المأموم ( ش ) لأن القياس إنما منع انعقاد صلاة الإمام ، أو إمامته كالكفر واستدبار القبلة منع ، ولتعذر نية الإمامة من عالم بفساد صلاته ، وعند صاحب المستوعب : يعيد إن علم في الصلاة ، كذا قال ، ويتوجه مثله في إمام يعلم حدث نفسه ، وإن كان ركنا أو شرطا عند المأموم فعنه : يعيد [ المأموم ] ، اختاره جماعة ( و هـ ش ) لاعتقاد المأموم فساد صلاة إمامه ، كما لو اعتقده مجمعا عليه فبان خلافه ، وعنه : لا ، اختاره الشيخ وشيخنا ( و م ) كالإمام ، لحصول الغرض في مسائل [ ص: 26 ] الخلاف ، وهو الاجتهاد أو التقليد ( م 12 ) وكعلم المأموم لما سلم في الأصح ، وفي المستوعب : إن كان في وجوبه عند المأموم روايتان ففي صلاته خلفه روايتان ، كذا قال ، ومن ترك ركنا أو شرطا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاده ، ذكره الآجري ( ع ) ، لتركه فرضه ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي ترك الطمأنينة وصلى فذا بالإعادة ، وعنه : لا ، لخفاء طرق علم هذه المسائل ، وعنه : إن طال ، قال ابن عقيل وجماعة : لا يجوز أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق ، أي إن كان مما يفسق به ، كما جزم به في الفصول في عامي شرب نبيذا بلا تقليد ، وهو معنى كلام [ ص: 27 ] القاضي وغيره ، ولم يصرح القاضي بالفسق في موضع ، وصرح به في آخر ، وذكره شيخنا عنه ولم يخالفه ، ووجدت بعض المالكية ذكر عدم الجواز ( ع ) وهو معنى كلام الآجري السابق وغيره ، وذكر الأصحاب أن العامي إذا نزلت به حادثة يلزمه حكم ، وذكره في التمهيد ( ع ) وأنه التقليد ، وظاهر كلام جماعة أن المؤثر [ إنما ] هو اعتقاد التحريم ، وإذا لم يفسق من أتى مختلفا فيه معتقدا تحريمه ولم ترد شهادته ; لأن لفعله مساغا في الجملة ، فهذا أولى ، وقيل للقاضي : لو لزمت الجمعة أهل السواد لفسقوا بتركها ، فقال : ما يفسقون ، لأنه مختلف في وجوبها عليهم [ بهم ] ، كما يقول أبو حنيفة : لو كان في المصر أربعة أنفس لزمتهم الجمعة ، ولم يفسقوا بتركها للاختلاف في وجوبها ، ويأتي كلام ابن عقيل في أمهات الأولاد : هل يأثم من وطئ أمته المزوجة ؟ وكلامه في الكافي أنه جمع بين الجاهل بالتحريم والناسي بعدم التأثيم .

                                                                                                          [ ص: 25 - 26 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 25 - 26 ] مسألة 12 ) قوله : وإن ترك الإمام ركنا أو شرطا عنده وحده عالما أعاد المأموم . وإن كان ركنا أو [ شرطا ] عند المأموم فعنه يعيد المأموم ، واختاره جماعة ، وعنه : لا ، اختاره الشيخ وشيخنا كالإمام لحصول الغرض في مسائل الخلاف ، وهو الاجتهاد أو التقليد ، انتهى . وأطلقهما في الرعايتين ، والحاويين ، أحدهما : لا يعيد ، وهو الصحيح ، قدمه ابن تميم والشارح ومال إليه ، واختاره الشيخ الموفق والشيخ تقي الدين ، وصاحب الفائق وغيرهم ، قال الشيخ تقي الدين : ولو فعل الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه ، مما يسوغ فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه ، وهو المشهور عن أحمد ، وقال في موضع آخر : والروايات المنقولة عن أحمد لا توجب اختلافا ، وإنما ظاهرها أن كل موضع يقطع فيه بخطإ المخالف تجب الإعادة ، وما لا يقطع فيه بخطإ المخالف لا يوجب الإعادة ، وهو الذي تدل عليه السنة والآثار وقياس الأصول ، انتهى .

                                                                                                          والرواية الثانية : يعيد ، اختاره ابن عقيل ، وجزم به في الإفادات ، وقدمه في المحرر ، وصححه في النظم ، فهذه اثنتا عشرة مسألة قد صححت ولله الحمد . .




                                                                                                          الخدمات العلمية