الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن ظهر بعض قدم ماسح ، أو انقضت المدة ابتدأ الطهارة ، وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه ( هـ م و ) وهل هو مبني على الموالاة ؟ ( و م ) جزم به الشيخ ، أو رفع الحدث ؟ جزم به أبو الحسين ، واختاره أبو البركات وذكر أبو المعالي أنه الصحيح في المذهب عند المحققين ، ويرفعه في المنصوص ( و ) أو مبني على غسل كل عضو بنية ، أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض ، وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم ; واختاره في الانتصار وقاله في الخلاف ؟ فيه أوجه ( م 12 ) وهو كقدرة المتيمم على الماء وقيل كسبق الحدث ، قال صاحب المحرر : إن رفع العمامة يسيرا لم يضر ، وذكره الشيخ للمشقة ، [ ص: 170 ] قال أحمد إذا زالت عن رأسه فلا بأس ما لم يفحش ، قال ابن عقيل وغيره : ما لم يرفعها بالكلية ، لأنه معتاد ، وظاهر المستوعب تبطل لظهور شيء من رأسه ، وخروج القدم أو بعضه إلى ساق الخف كخلعه ( و ) مع أنه [ ص: 171 ] لا يلزم المحرم فدية ثانية ، لأن ظهور بعض القدم كظهوره هنا ، وعنه [ ص: 172 ] لا ، وعنه لا ببعضه

                                                                                                          [ ص: 168 - 169 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 168 - 169 ] ( مسألة 12 ) قوله وإن ظهر بعض قدم ماسح أو انقضت المدة ابتدأ الطهارة وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل قدميه ، وهل هو مبني على الموالاة ، وجزم به الشيخ ، أو رفع الحدث ؟ جزم به أبو الحسين ، واختاره أبو البركات ، وذكر أبو المعالي أنه الصحيح من المذهب عند المحققين ، ويرفعه في المنصوص ، أو مبني على غسل كل عضو بنية أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم ؟ اختاره في الانتصار ، وقاله في الخلاف فيه أوجه انتهى .

                                                                                                          ( اعلم ) أن الأصحاب اختلفوا في بناء هذه المسألة على طرق أطلقها المصنف ( فقيل ) هي مبنية على الموالاة ، قطع به الشيخ في المغني والشارح وابن رزين في شرحه واختاره ابن الزاغوني قاله الزركشي وقدمه في الرعاية الكبرى ، فعلى هذا لو حصل ذلك قبل فوات

                                                                                                          [ ص: 170 ] الموالاة أجزأه مسح رأسه وغسل قدميه قولا واحدا ، لعدم الإخلال بالموالاة ، وإن فاتت الموالاة ابتدأ الطهارة على المذهب ، وعلى القول بعدم وجوب الموالاة يغسل قدميه ، والصحيح من المذهب أن الموالاة فرض ، وضعف المجد في شرحه ومن تابعه هذه الطريقة ( قال ) الزركشي وغيره : وهو مفرع على أن طهارة المسح لا ترفع الحدث ، وإنما تبيح الصلاة كالتيمم ، فإذا ظهرت الرجلان ظهر حكم الحدث السابق ( قال ) الزركشي ووقع ذلك للقاضي في التعليق أيضا في توقيت المسح مصرحا بأن طهارة المسح ترفع الحدث : إلا عن الرجلين ، انتهى ، وقد رأيته في التعليق كما قال ، وقيل مبنية على أن المسح يرفع الحدث ، وقطع بهذه الطريقة ، القاضي أبو الحسين ، وصححه المجد في شرحه ، وابن عبد القوي في مجمع البحرين ، وابن عبيدان ، وصاحب الحاوي الكبير وغيرهم ، وقدمه الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ( وقال ) هو وأبو المعالي بن منجى وحفيده أبو البركات ابن منجى في شرحهم : هو الصحيح من المذهب عند المحققين ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) وهذا هو الصحيح من الطرق والصحيح من المذهب أنه يرفع الحدث نص عليه ، كما قال المصنف ، فبنوا ذلك على أن المسح يرفع الحدث عن الرجلين ، وعلى أن الحدث لا يتبعض ، فإذا خلع عاد الحدث إلى الرجلين فيسري إلى بقية الأعضاء ، فيستأنف الوضوء ، وإن قرب الزمن وهو ظاهر كلامه لإطلاقه القول بالاستئناف بل ( قيل ) إنه منصوصه ، قال في الكافي : أشهر الروايتين تبطل الطهارة لأن المسح أقيم مقام الغسل ، فإذا زال بطلت الطهارة في القدمين ، فتبطل في جميعها لكونها لا تتبعض ، انتهى ، وأطلق الطريقتين ابن تميم ( وقيل ) مبنية على صحة غسل كل عضو بنية ، فإن قلنا : [ ص: 171 ] يصح تفريق النية على أعضاء الوضوء أجزأ غسل قدميه ، وإلا ابتدأ الطهارة ( واعلم ) أن في صحة طهارة من فرق النية على أعضاء الوضوء وجهين ، وأن الصحيح الصحة ، جزم به في التلخيص وغيره ، وقدمه ابن تميم وغيره ، فعلى هذا يكون الصحيح إجزاء مسح رأسه وغسل قدميه ( وقيل ) مبنية على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم قاله القاضي في الخلاف ، وأبو الخطاب في الانتصار ( قلت ) قال القاضي في الخلاف : فإن قيل : لا تبعض في الصحة فيصحان جزءا فجزءا ، ولا يتبعضان في الانتقاض ، انتهى .

                                                                                                          تنبيهان

                                                                                                          ( الأول ) ظاهر كلام المصنف وغيره أن الروايتين في أصل المسألة مبنيتان على الخلاف الذي في هذه المسائل اللاتي ذكرها المصنف أصولا ( قال ) الشارح بعد أن حكى الروايتين وهذا الاختلاف مبني على وجوب الموالاة ، فمن لم يوجبها في الوضوء جوز غسل القدمين ، ومن أوجبها أبطل الوضوء إذا فاتت وإلا أجزأه غسلهما ، وظاهر كلامه في الرعاية والزركشي خلاف ذلك ، قال الزركشي : والرواية الثانية يجزئه غسل قدميه وبنوها على أن الطهارة تتبعض ، وأنه يجوز تفريقها كالغسل وإذن إما أن نقول الحدث لم يرتفع عن الرجلين فيغسلان بحكم الحدث السابق ، أو نقول ارتفع وعاد إليهما فقط وأما المذهب فهو مبني عند ابن الزاغوني وأبي محمد على المذهب في اشتراط الموالاة وبناه أبو البركات على شيئين ( أحدهما ) أن المسح يرفع حدث الرجلين رفعا مؤقتا ( والثاني ) أن الحدث لا يتبعض انتهى ، فظاهر هذا بل صريحه أن كل رواية مبنية على أصل .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى : وإن خلع ما مسحه أو ظهر بعض محل فرضه في رأسه أو قدمه أو تمت مدته توضأ ثانيا إن فاتت الموالاة ، وقيل أو لم تفت ، وقلنا المسح يرفع الحدث ، وعنه يجزئ مسح [ ص: 172 ] رأسه وغسل قدميه ، ومحل الجبيرة وما بعده على المذهب في اعتبار الترتيب والموالاة ، وقيل بل هذا إن قلنا المسح لا يرفع الحدث مع الموالاة وعدمها ، وإن قلنا يرفعه توضأ ، وقيل بل هذا إن قلنا يجزئ كل عضو بنيته ، وإلا توضأ انتهى .

                                                                                                          ( الثاني ) قوله وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه لعله " وعنه يجزئه غسل رجليه " لأن الرأس لم يتقدم له ذكر في كلامه ويحتمل أن يكون في أول المسألة سقط وتقديره وإن ظهر قدم الماسح أو رأسه وهو أولى ، ويحتمل أن يكون الرواية وردت كذلك أو أن الحكم لما كان واحدا ذكره والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية