الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل . تقدم الجنازة على الكسوف ، ويقدم هو على الجمعة إن أمن فوتها ، ( و ) أو لم يشرع في خطبتها ، وكذا على العيد والمكتوبة في الأصح ( و ) وفي تقديم الوتر إن خيف فوته والتراويح عليه وجهان ( م 3 و 4 ) وقيل إن [ ص: 155 ] صليت التراويح جماعة قدمت لمشقة الانتظار . وإن كسفت بعرفة صلى ثم دفع ، وإن منعت وقت نهي دعا وذكر ، ولا يصلي صلاة الكسوف لغيره ( و م ش ) إلا لزلزلة ، في المنصوص ، وعنه : ولكل آية ( و هـ ) وذكر شيخنا أن هذا قول محققي أصحاب أحمد وغيرهم ، قال : كما دل على ذلك السنن والآثار ، ولولا أن ذلك قد يكون سببا لشر وعذاب لم يصح التخويف بذلك ، وهذه صلاة رهبة وخوف ، كما أن صلاة [ ص: 156 ] الاستسقاء صلاة رغبة ورجاء ، وقد أمر الله [ تعالى ] عباده أن يدعوه خوفا وطمعا ، وفي النصيحة : يصلون لكل آية ما أحبوا ، ركعتين أم أكثر ، كسائر الصلوات ، وأنه يخطب ، وقيل : إنه لا يتصور كسوف إلا في ثامن وعشرين ، أو تاسع وعشرين ، ولا خسوف إلا في إبدار القمر ، واختاره شيخنا ، ورد بوقوعه في غيره ، فذكر أبو شامة الشافعي في تاريخه : أن القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ، وكسفت الشمس في غده ، والله على كل شيء قدير ، قال : واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد ، واستبعده أهل النجامة ، هذا كلامه ، وكسفت الشمس يوم موت إبراهيم عاشر شهر ربيع الأول ، قاله غير واحد ، وذكره بعض أصحابنا اتفاقا . قال في الفصول : لا يختلف النقل في ذلك ، نقله الواقدي والزبيري ، وأن الفقهاء فرعوا وبنوا على ذلك إذا اتفق عيد وكسوف ، وقال غيره : لا سيما إذا اقتربت الساعة فتطلع من مغربها ، قال ابن هبيرة : ما يدعيه المنجمون من أنهم يعرفون ذلك قبل كونه من طريق فلا يختص بهم دون غيرهم ممن يعرف الحساب ، بل هو مما إذا حسبه الحاسب عرفه ، وليس مما يدل على أنهم يتخصصون فيه ، مما يجعلونه حجة في دعواهم على الغيب مما تفرد الله سبحانه بعلمه ، فإنه لا دلالة لهم على ذلك ، ولا فيما تعلقوا به من هذا الاحتجاج على ما أرهجوا به .

                                                                                                          ويستحب العتق في كسوفها ، نص عليه ، لأمره عليه السلام به في الصحيحين ، قال في المستوعب وغيره : للقادر .

                                                                                                          [ ص: 154 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 154 ] مسألة 3 ) .

                                                                                                          قوله : وفي تقديم الوتر إن خيف فوته والتراويح عليه وجهان ، انتهى ، يعني إذا اجتمع وتر وكسوف أو تراويح وكسوف ، وخيف من فوات الوتر أو التراويح ، فهل يقدمان على الكسوف ؟ أطلق الخلاف ، فذكر مسألتين :

                                                                                                          [ ص: 155 ] المسألة الأولى 3 ) إذا اجتمع الوتر والكسوف وخيف فوات الوتر فالصحيح من المذهب تقديم الكسوف ، قال المجد في شرحه : هذا أصح ، قال في المذهب : بدأ بالكسوف في أصح الوجهين ، وصححه الناظم ، وجزم به في المغني والشرح والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم ، وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر ومختصر ابن تميم والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم ، ، والوجه الثاني يقدم الوتر ، واختار في المغني أنه إذا خيف فوات الوتر أنه يقدم ، فإن لم يبق إلا قدر الوتر فالأولى التلبس بصلاة الكسوف ; لأنه إنما يقع في وقت النهي ، وحكي الأول عن الأصحاب ، وأطلقهما في مجمع البحرين والفائق .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 4 ) إذا اجتمع كسوف وتراويح ، وخيف من فوت التراويح ، وتعذر فعلها في ذلك الوقت ، فأطلق الخلاف في تقديم التراويح أو الكسوف ، وأطلقه في المغني والشرح ومجمع البحرين والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم ، أحدهما تقدم التراويح ، اختاره الشيخ في المغني ، وقدمه ابن تميم ، والوجه الثاني يقدم الكسوف ، قدمه ابن رزين في شرحه ( قلت ) : وهو الصواب ; لأن الكسوف آكد ، فهذه أربع مسائل قد صححت بحمد الله تعالى .




                                                                                                          الخدمات العلمية