الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وعشر الخمر لا الخنزير ) أي أخذ نصف عشر قيمة الخمر من الذمي وعشر قيمته من الحربي لا أنه يؤخذ العشر بتمامه منهما ، ولا أن المأخوذ من عين الخمر ; لأن المسلم منهي عن اقترابها ، ووجه الفرق بين الخمر والخنزير على الظاهر أن القيمة في ذوات القيم لها حكم العين ، والخنزير منها ، وفي ذوات الأمثال ليس لها هذا الحكم ، والخمر منها ولأن حق الأخذ منها للحماية والمسلم يحمي خمر نفسه للتخليل فكذا يحميها على غيره ، ولا يحمي خنزير نفسه بل يجب تسييبه بالإسلام فكذا لا يحميه على غيره وسيأتي في آخر باب المهر ما أورد على التعليل الأول وجوابه ، وفي الغاية تعرف قيمة الخمر بقول فاسقين تابا أو ذميين أسلما ، وفي الكافي يعرف ذلك بالرجوع إلى أهل الذمة ا هـ .

                                                                                        قيدنا بخمر الذمي والحربي لأن العاشر لا يأخذ من المسلم إذا مر بالخمر اتفاقا كذا في الفوائد وقيد المسألة في المبسوط وإلا قطع بأن يمر الذمي بالخمر والخنزير للتجارة ويشهد له قول عمر ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ، وفي المعراج قوله مر ذمي بخمر أو خنزير أي مر بهما بنية التجارة وهما يساويان مائتي درهم لما ذكرنا من رعاية الشروط في حقه ا هـ .

                                                                                        وجلود الميتة كالخمر فإنه كان مالا في الابتداء ويصير مالا في الانتهاء بالدبغ ( قوله وما في بيته ) معطوف على الخنزير أي لا يعشر المال الذي في بيته لما قدمنا أن من شروطه مروره بالمال عليه فيلزمه الزكاة فيما بينه وبين الله - تعالى - ( قوله والبضاعة ) أي لا يأخذ من مال البضاعة شيئا لأن الوكيل ليس بنائب عنه في أداء الزكاة ، وفي المغرب البضاعة قطعة من المال ، وفي الاصطلاح ما يدفعه المالك لإنسان يبيع فيه ، ويتجر ليكون الربح كله للمالك ، ولا شيء للعامل ( قوله : ومال المضاربة وكسب المأذون ) أي لا يأخذ العشر من المضارب والمأذون ; لأنه لا ملك لهما ، ولا نيابة من المالك ، وهذا هو الصحيح في الثلاثة ، ولو كان في المضاربة ربح عشر حصة المضارب إن بلغت نصابا لملك نصيبه من الربح ، ولو كان مولى المأذون معه يؤخذ منه ; لأن المال له إلا إذا كان على العبد دين محيط بماله ورقبته لانعدام الملك عنده ، وللشغل عندهما

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية