الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وقبل بعلة خبر عدل ، ولو قنا أو أنثى لرمضان وحرين أو حر وحرتين للفطر ) ; لأن صوم رمضان أمر ديني فأشبه رواية الإخبار ; ولهذا لا يختص بلفظ الشهادة خلافا لشيخ الإسلام ، ولا يشترط الدعوى لكن قال في الفتاوى الظهيرية : إنه قولهما أما على قول الإمام أبي حنيفة فينبغي أن يشترط الدعوى أما في شهادة الفطر والأضحى فيشترط لفظ الشهادة ، وتشترط العدالة في الكل ; لأن قول الفاسق في الديانات التي يمكن تلقيها من العدول غير مقبول كالهلال ورواية الإخبار ، ولو تعدد كفاسقين فأكثر كذا في الولوالجية بخلاف ما لا يتيسر تلقيه منهم حيث يتحرى في خبر الفاسق كالإخبار بطهارة الماء ونجاسته وحل الطعام وحرمته وبخلاف الهدية والوكالة ، وما لا إلزام فيه من المعاملات [ ص: 287 ] حيث يقبل خبره بدون التحري للزوم الضرورة ، ولا دليل سواه فوجب قبوله مطلقا

                                                                                        وحقيقة العدالة ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ، والشرط أدناها ، وهو ترك الكبائر والإصرار على الصغائر ، وما يخل بالمروءة كما عرف تحقيقه في تعريف الأصول فلزم أن يكون مسلما عاقلا بالغا ، وأما الحرية والبصر وعدم الحد في قذف وعدم الولاء والعداوة فمختص بالشهادة ، وعن أبي حنيفة نفي رواية المحدود والظاهر خلافه لقبول رواية أبي بكرة بعد ما تاب ، وكان قد حد في قذف ، وأما مجهول الحال ، وهو المستور فعن أبي حنيفة قبوله وظاهر الرواية عدمه ; لأن المراد بالعدل في ظاهر الرواية من ثبتت عدالته ، وأن الحكم بقوله فرع ثبوتها ، ولا ثبوت في المستور ، وما ذكره الطحاوي من عدم اشتراط العدالة فمحمول على قبول المستور الذي هو إحدى الروايتين ، وصحح البزازي في فتاويه قبول المستور ، وهو خلاف ظاهر الرواية كما علمت أما مع تبين الفسق فلا قائل به عندنا وفرعوا عليه ما لو شهدوا في تاسع عشرين رمضان أنهم رأوا هلال رمضان قبل صومهم بيوم

                                                                                        وإن كانوا في هذا المصر لا تقبل شهادتهم ; لأنهم تركوا الحسبة ، وإن جاءوا من خارج قبلت ، وفي البزازية : الفاسق إذا رآه وحده يشهد ; لأن القاضي ربما يقبل شهادته لكن القاضي يرده ا هـ .

                                                                                        وأما في هلال الفطر فلأنه تعلق به نفع العباد ، وهو الفطر فأشبه سائر حقوقهم فيشترط فيه ما يشترط في سائر حقوقهم من العدالة والحرية والعدد وعدم الحد في قذف ولفظ الشهادة والدعوى على خلاف فيه إن أمكن ذلك وإلا فقد تقدم أنهم لو كانوا في بلدة لا قاضي فيها ، ولا والي فإن الناس يصومون بقول الثقة ويفطرون بإخبار عدلين للضرورة وأطلقه فشمل ما لو كان المخبر من مصر أو جاء من خارجه ، وهو ظاهر الرواية خلافا فللإمام الفضلي حيث قال : إنما يقبل الواحد العدل إذا فسر ، وقال : رأيته خارج البلد في الصحراء ، أو يقول : رأيته في البلدة من بين خلل السحاب

                                                                                        أما بدون هذا التفسير فلا يقبل كذا في الظهيرية ، وأشار إلى أنه يقبل في هلال رمضان شهادة واحد عدل على شهادة واحد عدل بخلاف الشهادة على الشهادة في سائر الأحكام حيث لا تقبل ما لم يشهد على شهادة رجل واحد رجلان ، أو رجل وامرأتان لما ذكرنا أنه من باب الإخبار لا من باب الشهادة كذا في البدائع وكذا تقبل فيه شهادة العبد على العبد كذا في البزازية ، وكذا شهادة المرأة على المرأة كذا في الظهيرية ، وإلى أنهم لو صاموا بشهادة واحد وغم هلال شوال فإنهم لا يفطرون فتثبت الرمضانية بشهادته لا الفطر خلافا لما روي عن محمد أنهم يفطرون ، وصححه في غاية البيان : وأما إذا صاموا بشهادة اثنين فإنهم يفطرون اتفاقا كذا في البدائع وحكى البزازي فيه خلافا ، والعلة غيم أو غبار أو نحوهما هنا ، وفي الأصول الخارج المتعلق بالحكم المؤثر فيه

                                                                                        وأشار إلى أن الجارية المخدرة إذا رأت هلال رمضان وبالسماء علة وجب عليها أن تخرج في ليلتها وتشهد بغير إذن مواليها كما صرح به البزازي واعلم أن ما كان [ ص: 288 ] من باب الديانات فإنه يكتفى فيه بخبر الواحد العدل كهلال رمضان وما كان من حقوق العباد ، وفيه إلزام محض كالبيوع والأملاك فشرطه العدد والعدالة ، ولفظ الشهادة مع باقي شروطها ، ومنه الفطر إلا أن يكون الملزم به غير مسلم فلا يشترط في الشاهد الإسلام ، وإلا ما لا يطلع عليه الرجال كالبكارة والولادة والعيوب في العورة فلا عدد ، ولا ذكورة وما لا إلزام فيه كالإخبار بالوكالات والمضاربات والإذن في التجارة والرسالات في الهدايا والشركات فلا شرط سوى التمييز مع تصديق القلب وما كان فيه إلزام من وجه كعزل الوكيل وحجر المأذون وفسخ الشركة والمضاربة فالرسول والوكيل فيها كما قبله عندهما وشرط الإمام عدالته أو العدد كما عرف في تحرير الأصول

                                                                                        وفي البزازية وقعت في بخارى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة أن الناس صاموا يوم الأربعاء فجاء اثنان أو ثلاثة يوم الأربعاء التاسع والعشرين وأخبروا أنهم رأوا ليلة الثلاثاء ، وهذا الأربعاء يوفي الثلاثين اتفقت الأجوبة أن بالسماء علة عيدوا يوم الخميس وإلا لا صاموا ثمانية وعشرين بلا رؤية ثم رأوا هلال الفطر إن أكملوا عدة شعبان ثلاثين ، وقد كانوا رأوا هلال شعبان قضوا يوما ، وإن صاموا تسعا وعشرين لا قضاء عليهم أصلا ، فإن كانوا أتموا شعبان من غير رؤية هلاله أيضا قضوا يومين ا هـ .

                                                                                        ( قوله وإلا فجمع عظيم ) أي ، وإن لم يكن بالسماء علة فيهما يشترط أن يكون فيهما الشهود جمعا كثيرا يقع العلم بخبرهم أي علم غالب الظن لا اليقين ; لأن التفرد من بين الجم الغفير بالرؤية مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه مع فرض عدم المانع وسلامة الإبصار ، وإن تفاوتت الأبصار في الحدة ظاهر في غلطه قياسا على تفردنا قل زيادة من بين سائر أهل مجلس مشاركين له في السماع فإنها ترد ، وإن كان ثقة مع أن التفاوت في حدة السمع واقع أيضا كما هو في الإبصار مع أنه لا نسبة لمشاركته في السماع بمشاركته في الترائي كثرة ، والزيادة المقبولة ما علم فيه تعدد المجالس أو جهل فيه الحال من الاتحاد والتعدد كذا في فتح القدير وغيره وبهذا اندفع تشنيع المتعصبين في زماننا على مذهبنا حيث زعموا أن عدم قبول الاثنين لا دليل له ، وهو مردود ; لأن القياس حيث لا سمع أحد الأدلة الشرعية ،

                                                                                        والقياس المذكور صحيح لوجود ركنه وشرائطه ، ولم يريدوا بالتفرد تفرد الواحد ، وإلا لأفاد قبول الاثنين ، وهو منتف بل المراد تفرد من لم يقع العلم بخبرهم من بين أضعافهم من الخلائق ، وهذا هو ظاهر الرواية ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقبل فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين سواء [ ص: 289 ] كان بالسماء علة أو لم يكن كما روي عنه في هلال رمضان كذا في البدائع ، ولم أر من رجحها من المشايخ ، وينبغي العمل عليها في زماننا ; لأن الناس تكاسلت عن ترائي الأهلة فانتفى قولهم مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه فكان التفرد غير ظاهر في الغلط ولهذا وقع في زماننا في سنة خمس وخمسين وتسعمائة أن أهل مصر افترقوا فرقتين فمنهم من صام ، ومنهم من لم يصم وهكذا وقع لهم في الفطر بسبب أن جمعا قليلا شهدوا وعندنا قاضي القضاة الحنفي ، ولم يكن بالسماء علة فلم يقبلهم فصاموا وتبعهم جمع كثير على الصوم ، وأمروا الناس بالفطر وهكذا في هلال الفطر حتى إن بعض المشايخ الشافعية صلى العيد بجماعة دون غالب أهل البلدة وأنكر عليهم ذلك لمخالفة الإمام ، ولم يقدر الجمع الكثير في ظاهر الرواية بشيء فروي عن أبي يوسف أنه قدره بعد القسامة خمسين رجلا ، وعن خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل

                                                                                        وقيل : ينبغي أن يكون من كل مسجد جماعة واحد أو اثنان وعن محمد أنه يفوض مقدار القلة والكثرة إلى رأي الإمام كذا في البدائع ، وفي فتح القدير والحق ما روي عن محمد وأبي يوسف أيضا أن العبرة لتواتر الخبر ومجيئه من كل جانب ، وفي الفتاوى الظهيرية ، وإن كانت السماء مصحية لا تقبل شهادة الواحد في ظاهر الرواية بل يشترط العدد واختلفوا في تقديره ا هـ .

                                                                                        فظاهره أن ظاهر الرواية لا يشترط الجمع العظيم ، وإنما يشترط العدد ، وهو يصدق على اثنين فكان مرجحا لرواية الحسن التي اخترناها آنفا ، ويدل على ذلك أيضا ما في الفتاوى الولوالجية ، وإن كانت السماء مصحية لا تقبل شهادة الواحد عن أبي حنيفة أنه يقبل ; لأنه اجتمع في هذه الشهادة ما يوجب القبول ، وهو العدالة والإسلام وما يوجب الرد ، وهو مخالفة الظاهر فرجح ما يوجب القبول احتياطا ; لأنه إذا صام يوما من شعبان كان خيرا من أن يفطر يوما من رمضان وجه ظاهر الرواية أنه اجتمع ما يوجب القبول وما يوجب الرد فرجح جانب الرد ; لأن الفطر في رمضان من كل وجه جائز بعذر كما في المريض والمسافر

                                                                                        وصوم رمضان قبل رمضان لا يجوز بعذر من الأعذار فكان المصير إلى ما يجوز بعذر أولى ثم إذا لم تقبل شهادة الواحد واحتيج إلى زيادة العدد عن أبي حنيفة أنه تقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، وعن أبي يوسف أنه لا يقبل ما لم يشهد على ذلك جمع عظيم ، وذلك مقدر بعدد القسامة ، وعن خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل ، وعن أبي حفص الكبير أنه شرط الوفاء ، وعن محمد ما استكثره الحاكم فهو كثير وما استقله فهو قليل هذا إذا كان الذي شهد بذلك في المصر أما إذا جاء من مكان آخر خارج المصر فإنه تقبل شهادته إذا كان عدلا ثقة ; لأنه يتيقن في الرؤية في الصحاري ما لم يتيقن في الأمصار لما فيها من كثرة الغبار ، وكذا إذا كان في المصر في موضع مرتفع ، وهلال الفطر [ ص: 290 ] إذا كانت السماء مصحية كهلال رمضان ا هـ .

                                                                                        فهذا يدل على ترجيح رواية الحسن وأن ظاهر الرواية اعتبار العدد لا الجمع الكثير لكن فرق بين من كان بالمصر وخارجه وبين المكان المرتفع وغيره قول الطحاوي : أما ظاهر الرواية فلا يقبل فيه خبر الواحد مطلقا كما في غاية البيان وفتح القدير .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ; لأنهم تركوا الحسبة ) فإن شاهد الحسبة إذا أخر شهادته بلا عذر يفسق ، ولا تقبل شهادته كما في الأشباه والنظائر ( قوله : وإلى أنهم لو صاموا بشهادة واحد إلخ ) قال في النهر ثم إذا قبلت وأكملوا العدة ، ولم ير روى الحسن عن الإمام ، وهو قول الثاني : إنهم يفطرون وسئل عنه محمد فقال : يثبت الفطر بحكم القاضي لا بقول الواحد ، وفي غاية البيان : وقول محمد أصح قال الشارح : والأشبه أن يقال : إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه ، وإن كانت مغيمة يفطرون لعدم ظهوره ولو ثبت برجلين أفطروا ، وعن السعدي : لا وهكذا عن مجموع النوازل قال في الفتح : ولو قيل : إن قبلهما في الصحو لا يفطرون ، وفي الغيم أفطروا لم يبعد ، وفي السراج صاموا بشاهدين وأفطروا عند كمال العدة إجماعا ، وهذا ظاهر فيما إذا كانت متغيمة عند الفطر أما لو كانت مصحية ينبغي أن لا يفطروا كما لو شهدوا الساعة ا هـ .

                                                                                        لكن في الإمداد صحح في الدراية والخلاصة والبزازية حل الفطر وذكر في متنه أنه لا خلاف في حل الفطر إذا كان بالسماء علة ولو ثبت رمضان بشهادة الفرد وذكر أن ما مر عن السعدي حكاه عنه في التجنيس فيما إذا كانت السماء مصحية وذكر عن الحلواني أن الخلاف في مسألة ما لو ثبت بشهادة واحد إذا كان مصحية ، وإلا أفطروا بلا خلاف ا هـ .

                                                                                        فصار الحاصل على هذا ما ذكره في نور الإيضاح إذا تم العدد بشهادة فرد ، ولم ير هلال الفطر والسماء مصحية لا يحل الفطر واختلف الترجيح فيما إذا كان بشهادة عدلين ، ولا خلاف في حل الفطر إذا كان بالسماء علة ولو ثبت رمضان بشهادة الفرد قال في شرحه وقوله في غاية البيان قول محمد هو الأصح يحمل على ما قال الكمال منهم من استحسن في الصحو المروي عن الحسن من أنهم لا يفطرون ، وفي الغيم أخذ بقول محمد ا هـ .

                                                                                        وحينئذ فلا يخالف ما مر عن الحلواني والله - تعالى - أعلم

                                                                                        [ ص: 288 ] ( قوله : فإن كانوا أتموا شعبان ) مقابل قوله ، وقد كانوا رأوا هلال شعبان أي قضوا يوما واحدا إن كانوا رأوا هلال شعبان أما إن عدوه ثلاثين من غير رؤية أيضا ثم صاموا رمضان ثمانية وعشرين قضوا يومين ; لأنه لم يعلم أن رمضان انتقص يوما بيقين لجواز أنهم غلطوا في شعبان بيومين لما عدوه ثلاثين من غير رؤية كما في الولوالجية ، وفي التتارخانية عن العتابية : ولو رأوا هلال شعبان وعدوه ثلاثين يوما ثم شرعوا في صوم رمضان فلما صاموا ثمانية وعشرين يوما رأوا هلال شوال فعليهم أن يقضوا يوما واحدا ; لأنهم غلطوا بيوم واحد بيقين ، وإن عدوا شعبان ثلاثين يوما من غير رؤية الهلال قضوا يومين ; لأنه يحتمل أنهم غلطوا من أول رمضان بيومين ا هـ .

                                                                                        قلت : وبيانه أنهم إذا عدوا شعبان ثلاثين من غير رؤية هلال يحتمل أن يكونوا صاموا يومين من شعبان ، وأن رمضان وقع كاملا ; لأنه الأصل فعليهم قضاء يومين ثم الظاهر أن ما ذكر مفروض فيما إذا رئي هلال رجب وعد ثلاثين ثم عد شعبان ثلاثين أيضا لعدم رؤية هلالي شعبان ورمضان ثم رئي هلال شوال بعد صوم ثمانية وعشرين فلو غم هلال شوال أيضا كيف يصنعون لم أره الظاهر أنهم يصومون اثنين وثلاثين احتياطا لاحتمال نقصان رجب وشعبان ونقل النووي في شرح مسلم أن النقص لا يقع متواليا في أكثر من أربعة أشهر وذكر الشيخ تقي الدين أنه قد يتوالى شهران وثلاثة وأكثر ثلاثين ثلاثين

                                                                                        وقد يتوالى شهران وثلاثة ، وأكثر تسعة وعشرين يوما كما في شرح الغاية الحنبلية لكن نقل الشيخ عبد الباقي المالكي في شرحه على مختصر خليل عند قوله : يثبت رمضان بكمال شعبان قال وكذا ما قبله إن غم ، ولو شهورا لا بحساب نجم وسير قمر على المشهور ثم نقل بعده قولا آخر أنه يفيد قوله : بكمال شعبان بما إذا لم يتوال قبله أربعة على الكمال ، وإلا جعل شعبان ناقصا ; لأنه لا يتوالى خمسة أشهر على الكمال كما لا يتوالى أربعة على النقص عند معظم أهل الميقات قال ونظم ( عج ) كلامهم فقال

                                                                                        لا يتوالى النقص في أكثر من ثلاثة من الشهور يا فطن كذا توالي خمسة مكمله
                                                                                        هذا الصواب وما سواه أبطله

                                                                                        ا هـ .

                                                                                        قال أي الصواب عند الميقاتين وكذا قوله : وما سواه ( قوله : أي علم غالب الظن ) الظاهر أن لفظة علم زائدة من قلم الناسخ ( قوله : كثرة ) تمييز أي لا نسبة بين المشاركتين من جهة الكثرة بل المشاركة في الترائي أكثر منها في السماع

                                                                                        ( قوله : حيث لا سمع ) أي حيث لا دليل سمعيا

                                                                                        [ ص: 289 ] ( قوله : ولم أر من رجحها من المشايخ وينبغي العمل عليها ) عليه أقره أخوه في النهر وتلميذه في المنح والشيخ علاء الدين الحصكفي وقال الشيخ إسماعيل : إنه حسن ونازعه الرملي فقال : كيف هذا مع أن ظاهر المذهب خلافه ومع أنه يعارضه غلبة الفسق وعدم العدالة في أكثر الخلق فلا يطمئن القلب إلا بالجمع العظيم فقد رأيت من الافتراء عليه ما لا يوصف فتعين العمل بظاهر المذهب لما فيه من اطمئنان الفؤاد ، ولما أنه لا يجوز العمل بخلافه وما عداه ليس بمذهب لنا كما نصوا عليه فاعلم ذلك وقوله : لأن الناس تكاسلت غير مسلم على الإطلاق بل المشاهد الاهتمام منهم والاجتهاد والنشاط إلى ذلك ، ولا عبرة بتكاسل البعض القليل تأمل ا هـ .

                                                                                        قلت : كأنه يتكلم على ما في زمانه وبلده ، وإلا فحال أهل زماننا لا يخفى على المشاهد ، ولو قدروا على الإفطار بالكلية لفعلوا وكثيرا ما نراهم يشتمون الشاهد ويغتابونه لسعيه في منعهم عن شهواتهم وقد وقع في زماننا سنة خمس وعشرين بعد المائتين والألف أنهم أثبتوا رمضان بشهادة واحد على قول الطحاوي فحصل لذلك الشاهد من الناس غاية الإيذاء والإيجاع بالكلام حتى استفاض الخبر عن أكثر البلدان أنهم صاموا مثلنا وشهد جماعة لدى القاضي على حكم قاضي ثغر بيروت فاكتف الناس عنه وبلغني أنه أقسم أن لا يشهد مرة ثانية ، وخصوصا في بلدتنا دمشق فإنه قل ما يرى الهلال فيها في ليلته وقد وقع في زمني غير مرة قضاؤنا يوما أفطرناه من أوله فلا جرم أن عول الناس في زماننا على ما اختاره المؤلف

                                                                                        ( قوله : في الفتاوى الظهيرية إلخ ) ونحوه في الذخيرة حيث قال لا تقبل شهادة الواحد في ظاهر الرواية خلافا لما روى الحسن عن أبي حنيفة بل يحتاج فيه إلى زيادة العدد واختلفوا في مقدار ذلك روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وعن أبي يوسف أنه يعتبر قدره بعد القاسمة إلخ ونحوه في التتارخانية فقال لا تقبل شهادة الواحد في ظاهر الرواية خلافا لما روى الحسن عن أبي حنيفة بل يحتاج فيه إلى زيادة العدد ، واختلفوا في مقدار ذلك إلخ ، وفيها عن الحجة ، ولو قبل الإمام شهادة شاهدين عدلين ، وقد سقط قلب القاضي على قولهما جاز وثبت حكم رمضان

                                                                                        [ ص: 290 ] ( قوله : قول الطحاوي ) خبر قوله فرق ، وفي الذخيرة إنما لا تقبل شهادة الواحد على هلال رمضان إذا كانت السماء مصحية إذا كان هذا الواحد في المصر ، وأما إذا جاء خارج المصر ، أو جاء من أعلى الأماكن في مصر ذكر الطحاوي رحمه الله أنه تقبل شهادته وهكذا ذكر في كتاب الاستحسان وذكر في القدوري أنه لا تقبل شهادته في ظاهر الراوية وذكر الكرخي أنه تقبل ، وفي الأقضية صحح رواية الطحاوي واعتمد عليها .




                                                                                        الخدمات العلمية