الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وهو قيمة الصيد بتقويم عدلين في مقتله أو أقرب موضع منه فيشتري بها هديا وذبحه إن بلغت هديا أو طعاما وتصدق به كالفطرة أو صام عن طعام كل مسكين يوما ) أي الجزاء ما ذكر لقوله تعالى : { ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره } أطلق المصنف ، ولم يقيد بالعمد كما في الآية ; لأنه لا فرق بين الناسي والعامد كإتلاف الأموال ; لأن هذا الجزاء ليس كفارة محضة كما قدمنا والتقييد به ، وفي الآية لأجل الوعيد المذكور في آخرها لا لوجوب الجزاء ; ولأن الآية نزلت في حق من تعدى كما ذكره القاضي البيضاوي .

                                                                                        وأشار بذكر القيمة فقط إلى أنها المراد بالمثل في الآية ، وهو المثل معنى لا المثل صورة ومعنى ، وإنما لم يعمل بالكامل كما قال محمد والشافعي فإنهما أوجبا النظير فيما له نظير ; لأن المعهود في الشرع في القيميات المثل معنى فإنه لو أتلف بقرة لإنسان مثلا لا يلزمه بقرة مثلها اتفاقا ; لأن المثل معنى مراد بالإجماع فيما لا نظير له ، وهو مجاز فلا يراد المعنى الحقيقي ، وهو المثل صورة ، ومعنى لعدم جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز ، وكذلك في قوله تعالى { فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } أريد [ ص: 32 ] المثل معنى ، وهو القيمة ، وأما رد العين فثابت بالسنة أو لما في حملنا على المثل معنى من التعميم لشموله ما له نظير له ، وما لا نظير له ، وإذا حمل على المثل الكامل كانت الآية قاصرة على ما له نظير ، وعلى هذا فكلمة من النعم بيان لما ، وهو المقتول لا للمثل والنعم كما يطلق على الأهلي يطلق على الوحشي كما قاله أبو عبيدة والأصمعي ، وأراد بقيمة الصيد قيمة لحمه قال : الكرماني في مناسكه يقوم الصيد لحما عندنا ، وقال : زفر يجب قيمته بالغة ما بلغت .

                                                                                        وفائدة الخلاف لو قتل بازيا معلما فعندنا تجب قيمته لحما ، وعنده تجب قيمته معلما ، وفي الاختيار ، وإذا كان المراد من الجزاء القيمة يقوم العدلان اللحم لا الحيوان والمراد أنه يقوم من حيث الذات لا من حيث الصفة ; لأنها أمر عارض ، ولو كانت الصفة بأمر خلقي كما إذا كان طيرا يصوت فازدادت قيمته لذلك ففي اعتبار ذلك في الجزاء روايتان ورجح في البدائع اعتبارها بخلاف ما إذا أتلف شيئا مملوكا فإن القيمة تعتبر من حيث الذات والصفات إلا إذا كان الوصف لمحرم من اللهو كقيمة الديك لنقاره والكبش لنطاحه فإنها لا تعتبر كالجارية المغنية ، وليس مرادهم أنه يقوم لحمه بعد قتله ، وإنما يقوم ، وهو حي باعتبار ذاته بدليل أن ما لا يؤكل لحمه لا يصح أن يقوم لحمه بعد قتله إذ ليس له قيمة ، وإنما يقوم باعتبار جلده ، وكونه صيدا حيا ينتفع به ، وليس مرادهم إهدار صفة الصيد بالكلية لما أنهم اتفقوا على أنه لو قتل صيدا حسنا مليحا له زيادة قيمة تجب قيمته على تلك الصفة كما لو قتل حمامة مطوقة أو فاختة مطوقة كما صرح به في البدائع .

                                                                                        وإنما المراد إهدار ما كان بصنع العباد ، وأراد بالعدل من له معرفة وبصارة بقيمة الصيد لا العدل في باب الشهادة ، وقيد بالعدلين ; لأن العدل الواحد لا يكفي لظاهر النص وصححه في شرح الدرر ، وفي الهداية قالوا : والواحد يكفي والمثنى أولى ; لأنه أحوط ، وأبعد من الغلط كما في حقوق العباد ، وقيل يعتبر المثنى هاهنا بالنص . ا هـ .

                                                                                        وفي فتح القدير والذين لم يوجبوه حملوا العدد في الآية على الأولوية ; لأن المقصود زيادة الأحكام والإتقان ، والظاهر الوجوب ، وقصد الأحكام ، والإتقان لا ينافيه بل قد يكون داعيته . ا هـ .

                                                                                        وينبغي أن يكتفي بالقاتل إذا كان له معرفة بالقيمة ، وأن يحمل ذكر الحكمين على الأولوية على قول من يكتفي بالواحد لكنه يتوقف على نقل ، ولم أره ، وكلمة أو في قوله أو أقرب المواضع للتوزيع لا للتخيير يعني أن الحكمين يقومانه في مكان قتله إن كان يباع فيه ، وفي أقرب المواضع إلى مكان قتله كالبرية ، ولا بد من اعتبار المكان ، ومن اعتبار زمان قتله لاختلاف القيم باختلاف الأمكنة والأزمنة ، والضمير في قوله فيشتري راجع إلى القاتل فأفاد أنه بعد تقويم الحكمين الخيار للقاتل بين الأشياء الثلاثة ، ولا خيار للحكمين ; لأن التخيير شرع رفقا بمن عليه فيكون الخيار إليه كما في كفارة اليمين ، وليس في الآية دلالة على اختيارهما ; لأن قوله أو كفارة أو عدل بالرفع عطفا على جزاء ، وليس منصوبا عطفا على هديا فاقتضى أن لا خيار لهما في الإطعام والصيام فلزم أن لا خيار لهما في الهدي لعدم القائل بالفصل كما في العناية أو ; لأن { هديا } حال من ضمير به ، وهي حال مقدرة [ ص: 33 ] أي صائرا هديا به وذلك في نفس الأمر بواسطة الشراء بها أو بغير ذلك ، وكون الحال مقدرة كثير ، وهو وإن لم يلزم على تقدير المخالف فيها يلزم على تقديره في وصفها ، وهو بالغ الكعبة فإنه لا يصح حكمهما بالهدي موصوفا ببلوغه إلى الكعبة حال حكمهما به على التحقيق بل المراد يحكمان به مقدار بلوغه فلزوم التقدير ثابت غير أنه يختلف محله على الوجهين .

                                                                                        ثم على كل تقدير لا دلالة للآية على أن الاختيار للحكمين بل الظاهر منها أنه إلى من عليه فإن مرجع ضمير المحذوف من الخبر أو متعلق المبتدأ إليه أعني ما قررناه من قولنا فالواجب عليه أو فعليه كذا في فتح القدير ، وأشار بقوله { هديا } إلى أنه لو اختار الهدي لا يذبحه إلا بالحرم لصريح قوله { بالغ الكعبة } مع أن الهدي ما يهدى من النعم إلى الحرم ، وقول الفقهاء لو قال : إن فعلت كذا فثوبي هذا هدي أو إن لبست من غزلك فهو هدي مجاز عن الصدقة بقرينة التقييد بالثوب والغزل . والكلام في مطلق الهدي فلو ذبحه في الحل لا يجزئه عن الهدي بل عن الإطعام فيشترط أن يعطي كل فقير قدر قيمة نصف صاع حنطة أو صاع من غيرها إن كانت قيمة اللحم مثل قيمة المقتول ، وإلا فيكمل ، وأشار بقوله إن بلغت هديا إلى أنه إذا ، وقع الاختيار على الهدي يهدي ما يجزئ في الأضحية حتى لو لم تبلغ قيمة المقتول إلا عناقا أو حملا يقوم بالإطعام أو الصوم لا بالهدي ، ولا يتصور التفكير بالهدي إلا أن تبلغ قيمته جذعا عظيما من الضأن أو ثيبا من غيره ; لأن مطلق الهدي في الشرع ينصرف إلى ما يبلغ ذلك السن ; لأنه المعهود في إطلاق هدي المتعة والقران والأضحية ، وإنما يراد به غير ما ذكرنا مجازا بقرينة التقييد كما قدمناه ، وأفاد بقوله ذبحه إلى أن المراد التقرب إلى الله تعالى بالإراقة فلهذا لو سرق بعد الذبح أجزأه ، ولو تصدق بالهدي حيا لا يجزئه ، وأما التصدق بلحم القربان فواجب عند الإمكان فلو أتلفه بعد الذبح ضمنه فيتصدق بقيمته ، ولا ينعدم الإجزاء به ، وكذا لو أكل بعضه فإنه يغرم قيمة ما أكل ، ويجوز أن يتصدق بجميع اللحم على مسكين واحد ، وكذا ما يغرمه من قيمة أكله .

                                                                                        وأطلق في الطعام والصوم فدل على أنهما يجوز إن في الحل والحرم ومتفرقا ومتتابعا لإطلاق النص فيهما ، وأشار بقوله كالفطرة إلى أنه يطعم كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير ، وليس له أن يطعم واحدا أقل منه ، وله أن يطعم أكثر تبرعا حتى لا يحتسب الزيادة من القيمة كي لا ينتقص عدد المساكين هكذا ذكروه هاهنا ، وقد حققنا في باب صدقة الفطر أنه يجوز أن يفرق نصف الصاع على مساكين على المذهب ، وإن القائل بالمنع الكرخي [ ص: 34 ] فينبغي أن يكون كذلك هنا خصوصا ، والنص هنا مطلق فيجري على إطلاقه لكن لا يجوز أن يعطي لمسكين واحد كالفطرة ; لأن العدد منصوص عليه ، وإلى أنه يجوز التصدق على الذمي كالمسلم كما هو الحكم في المشبه به والمسلم أحب ، وإلى أنه لا يجوز أن يتصدق بجزاء الصيد على أصله ، وإن علا ، وفرعه وإن سفل وزوجته وزوجها كما هو الحكم في كل صدقة واجبة كما أسلفناه في باب المصرف ، وصرحوا هنا بأنه لا يجوز التصدق بشيء من جزاء الصيد على من لا تقبل شهادته له ، وما ذكرناه أولى لكن يرد على المصنف أن الإباحة تكفي في جزاء الصيد في الإطعام كالتمليك كما صرح به الإمام الإسبيجابي ، ولا يكفي في الفطرة ، وأشار أيضا بقوله كالفطرة إلى أن دفع القيمة جائز فيدفع لكل مسكين قيمة نصف صاع من بر ، ولا يجوز النقص عنها كما في العين كما صرحوا به في مسألة ذبح الهدي في الحل فإنه يجزئه باعتبار القيمة كما قدمناه .

                                                                                        ( قوله : ولو فضل أقل من نصف صاع تصدق به أو صام يوما ) ; لأن الواجب عليه مراعاة المقدار ، وعدد المساكين ، وقد عجز عن مراعاة المقدار فسقط ، وقدر على مراعاة العدد فلزمه ما قدر عليه بخلاف كفارة اليمين ; لأنها مقدرة بإطعام عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع لا يزيد ، ولا ينقص أما القيمة هنا تزيد وتنقص فيخير إن شاء تصدق به على مسكين ، وإن شاء صام يوما كاملا ; لأن الصوم أقل من يوم غير مشروع ، وأشار إلى أن الواجب لو كان دون طعام مسكين بأن قتل يربوعا أو عصفورا فهو مخير أيضا ، وإلى أنه يجوز الجمع بين الصوم والإطعام بخلاف كفارة اليمين ، والفرق أن في كفارة الصيد الصوم أصل كالإطعام حتى يجوز الصوم مع القدرة على الإطعام فجاز الجمع بينهما ، وإكمال أحدهما بالآخر ، وأما في كفارة اليمين فالصوم بدل عن التفكير بالمال حتى لا يجوز المصير إليه مع القدرة على المال فلا يجوز الجمع بين الأصل والبدل للتنافي وشمل كلامه ما إذا كان هذا الفاضل من جنس ما فعله أولا حتى لو اختار الهدي ، وفضل من القيمة ما لا يبلغ هديا فهو مخير في الفضل أيضا ، وعلى هذا لو بلغت قيمته هديين إن شاء ذبحهما ، وإن شاء تصدق بالطعام ، وإن شاء صام عن كل نصف صاع يوما ، وإن شاء ذبح أحدهما ، وأطعم وصام عما بقي فيجمع بين الأنواع الثلاثة أو يتصدق بالقيمة من الدراهم أو الدنانير وذكر الولوالجي في فتاويه أن المعتبر في الطعام قيمة الصيد ، وفي الصوم قيمة الطعام ، وهكذا في البدائع .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وكذلك في قوله تعالى { فاعتدوا عليه } إلخ ) اعترضه في الحواشي السعدية بأن الآية دلت على إيجاب الضمان بالمثل صورة ، ومعنى في غصب المثليات كما سيجيء في كتاب الغصب ، وعلى إيجاب الضمان بالمثل معنى في غصب [ ص: 32 ] القيميات إذا هلك العين المغصوب كما اعترف به هنا فانتظم لفظ المثل كليهما فورد الاعتراض ، ورد العين أمر آخر ليس من إيجاب ضمان المثل فتأمل . ( قوله : أو لما في حملنا ) معطوف على قوله لعدم ( قوله : ورجح في البدائع اعتبارها ) لما سيذكره من الاتفاق على اعتبار الحسن والملاحة فإنها أمر خلقي ، وهذا يشكل على الرواية الثانية ( قوله : بدليل أن ما لا يؤكل لحمه لا يصح أن يقوم لحمه إلخ ) ; ولأنه يلزم عليه أن الجلد لا يقوم ، وعن هذا اختار في النهر ما في العناية من أن المراد بالقيمة من حيث إنه صيد لا من حيث ما زاد بالصنعة فيه ( قوله : وصححه في شرح الدرر ) تابعه على ذلك في النهر ، وفيه إن عبارته كعبارة المصنف هنا فإنه قال : وهو ما قومه عدلان ، وأنت ترى أن لا تصحيح فيها نبه عليه في الشرنبلالية ، وقد يقال جعله إياه متنا واقتصاره عليه يفيد تصحيحه إذ لو اعتقد ضعفه لذكر مقابله تأمل .

                                                                                        ( قوله : وينبغي أن يكتفي إلخ ) قال أقول : في اللباب ويشترط للتقويم عدلان غير الجاني قال : شارحه على ما نسبه ابن جماعة إلى الحنفية ، ولعله لعلة التهمة . ا هـ .

                                                                                        ( قوله : وأن يحمل ذكر الحكمين على الأولوية ) الأولى حذفه كما لا يخفى ، وقوله على قول من يكتفي متعلقا بقوله يكتفي والضمير في قوله ، ولم أره للاكتفاء بالقاتل أما حمل ذكر الحكمين على الأولوية فهو منقول ذكره قريبا ( قوله : ولا خيار للحكمين ) نفي لقول محمد والشافعي أن الخيار إلى الحكمين في ذلك فإن حكما بالهدي يجب النظير ، وإن حكما بالطعام أو بالصيام فعلى ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله من اعتبار القيمة من حيث المعنى كذا في العناية ( قوله : أو ; لأن { هديا } حال إلخ ) اقتصر من إعراب الآية على موضع الاستدلال ، وأعربها في الفتح بتمامها فنذكر حاصله أيضا حالا هنا وذلك أنه قرئ بتنوين جزاء ورفع مثل وبدونه على الإضافة البيانية ، والمعنى واحد أي فجزاء هو مثل ما قتل ، ومضمون الآية شرط وجزاء حذف منه المبتدأ بعد فاء [ ص: 33 ] الجزاء أو الخبر أي فالواجب جزاء أو فعليه جزاء ، ومن النعم بيان لما أو للعائد إليها أي ما قتله من النعم ، وهو في موضع الحال وجملة يحكم به صفة فجزاء الذي هو القيمة أو صفة مثل الذي هو هي ; لأن مثلا لا تتعرف بالإضافة فجاز وصفها ووصف ما أضيف إليها بالجملة و { هديا } حال مقدرة من ضمير به الراجع إلى موصوف الجملة و { بالغ الكعبة } صفة { هديا } النكرة ; لأن الإضافة لفظية أو كفارة أو عدل معطوفان على جزاء والمعنى على هذا فالواجب عليه جزاء هو قيمة ما قتله من النعم الوحشي يحكم بذلك الجزاء الذي هو القيمة عدلان حال كونه صائرا هديا بواسطة القيمة أو كفارة إلخ أي الواجب أحد الأمرين من القيمة الصائرة هديا ، ومن الإطعام والصيام المبنيين على تعرف القيمة . ا هـ . ملخصا .

                                                                                        ولا يخفى أن مقتضى كلامه أخيرا أن يكون أو عدل معطوفا على طعام الذي هو بدل من كفارة أو عطف بيان أو خبر لمحذوف لا على جزاء ( قوله : أي صائرا هديا به ) الظاهر أن ضمير به يعود على الحكم المفهوم من يحكم في الآية ، وأن ضمير بها يعود على القيمة المفسر بها الجزاء أو المثل ، وأن المناسب إسقاط الباء الجارة من قوله أو بغير ذلك كما في الفتح ليكون عطفا على الشراء لا على بواسطة ، والمراد بغير الشراء ما يحصل به ملك الهدي من هبة ، وإرث ونحوهما ( قوله : وهو وإن لم يلزم ) كأنه جواب سؤال مقدر تقديره سلمنا أن كونها مقدرة كثير لكنه خلاف الأكثر فالأولى كونها مقارنة فيثبت أنه يصير هديا باختيارهما كما هو قول محمد والشافعي فأجاب بأن كونها مقدرة في الآية ، وإن لم يلزمهما على ما قرراه فيها لكنه لازم في وصفها ، وهو { بالغ الكعبة } لظهور أن بلوغه الكعبة متراخ عن الحكم بكونه هديا ( قوله : يقوم بالإطعام إلخ ) قال في اللباب ، ولا يجوز الصغار كالجفرة والعناق والحمل إلا على وجه الإطعام بأن يعطي كل فقير ما يساوي قيمة نصف صاع من بر ( قوله : كما قدمناه ) أي قريبا من مسألة الثوب والغزل ( قوله : وأشار بقوله ، وكالفطرة إلخ ) قال في شرح اللباب ، وهل يشترط عدد المساكين صورة في الإطعام تمليكا ، وإباحة قال : أصحابنا ليس بشرط حتى لو دفع طعام ستة مساكين ، وهو ثلاثة آصع إلى مسكين واحد في ستة أيام كل يوم نصف صاع أو غدى مسكينا واحدا أو عشاه ستة أيام أجزأه عندنا أما لو دفع طعام ستة مساكين إلى مسكين واحد في يوم دفعة واحدة أو دفعات فلا رواية فيه واختلف مشايخنا فقال بعضهم يجوز ، وقال عامتهم لا يجوز إلا عن واحد ، وعليه الفتوى . ا هـ [ ص: 34 ]

                                                                                        ( قوله : فينبغي أن يكون كذلك هنا ) تابعه عليه في النهر ، ولا يخفى أنه بحث مع المنقول ( قوله : كما هو الحكم في المشبه به ) تقدم في المصرف أن فيه خلاف أبي يوسف وذكرنا عن الحاوي أنه قال : وبه نأخذ ( قوله : وما ذكرناه أولى ) كان وجه الأولوية أنه يلزم على ما قالوه أن لا يجوز التصدق به على شريكه ; لأنه لا تقبل شهادته له فيما هو من شركتهما لكن نفي القبول ينصرف إلى الكامل ، وهو عدم القبول مطلقا والشريك ليس كذلك بل تقبل في الجملة ( قوله : لكن يرد على المصنف إلخ ) قال في النهر قد عرف أن المشبه لا يلزم أن يعطى حكم المشبه به من كل وجه على أن الظاهر أن التشبيه إنما هو في المقدار كما جرى عليه الشارح وغيره . ا هـ .

                                                                                        ثم الإباحة بالوضع والعرض للفقير ، وهذا عند أبي يوسف خلافا لمحمد ، وعن أبي حنيفة روايتان والأصح أنه مع الأول لكن هذا الخلاف في كفارة الحلق من الأذى ، وأما كفارة الصيد فيجوز الإطعام على وجه الإباحة بلا خلاف فيضع لهم طعاما ويمكنهم منه حتى يستوفوا أكلتين مشبعتين غداء ، وعشاء أو سحورا ، وعشاء أو غداءين أو عشاءين لكن الأول أولى فإن غداهم لا غير أو عشاهم فقط لا يجزئه لكن إن غداهم ، وأعطاهم قيمة العشاء أو بالعكس جاز والمستحب أن يكون مأدوما ، وفي الهداية لا بد من الإدام في خبز الشعير ، وفي المصفى غير البر لا يجوز إلا بإدام ، وفي البدائع يستوي كون الطعام مأدوما أو غير مأدوم حتى لو غداهم ، وعشاهم خبزا بلا إدام أجزأه ، وكذا لو أطعم خبز الشعير أو سويقا أو تمرا ; لأن ذلك قد يؤكل وحده ثم المعتبر هو الشبع التام لا مقدار الطعام حتى لو قدم أربعة أرغفة أو ثلاثة بين يدي ستة مساكين وشبعوا أجزأه ، وإن لم يبلغ ذلك صاعا أو نصف صاع ، ولو كان أحدهم شبعان قيل لا يجوز ، وإليه مال شمس الأئمة الحلواني [ ص: 35 ] كذا في اللباب وشرحه .




                                                                                        الخدمات العلمية