الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومن زالت بكارتها بوثبة أو حيضة أو جراحة أو تعنيس أو زنا فهي بكر ) أي من زالت عذرتها وهي الجلدة التي على المحل بما ذكر فهي بكر حكما ، أما في غير الزنا فهي بكر حقيقة أيضا بالاتفاق ولذا تدخل في الوصية لأبكار بني فلان ولأن مصيبها أول مصيب لها ومنه الباكورة والبكرة ولأنها تستحي لعدم الممارسة وفي الظهيرية البكر اسم لامرأة لم تجامع بنكاح ولا غيره قيل : هذا قولهما ، وأما عند أبي حنيفة بالفجور ولا يزول اسم البكارة ولهذا تزوج عنده مثل ما تزوج الأبكار إلا أن الصحيح أن هذا قول الكل ; لأن في باب النكاح الحكم ينبني على الحياء وأنه لا يزول بهذا الطريق ا هـ .

                                                                                        وحاصل كلامهم أن الزائل في هذه المسائل العذرة لا البكارة فكانت بكرا حقيقة وحكما فاكتفى بسكوتها عند الاستئذان وبلوغ الخبر ولا يرد عليه ما لو اشترى جارية على أنها بكر [ ص: 125 ] فوجدها زائلة العذرة فإنه يردها على بائعها وإن لم يجامعها أحد ; لأن المتعارف من اشتراط بكارتها اشتراط صفة العذرة ، وأما إذا زالت عذرتها بالزنا فاتفقوا على أنها ليست بكرا على الصحيح كما نقلناه عن الظهيرية ولذا لو أوصى لأبكار بني فلان لا تدخل ولثيبات بني فلان تدخل في الوصية وبردها المشتري الشارط بكارتها فهي ثيب حقيقة ; لأن مصيبها عائد إليها ومنه المثوبة للثواب العائد جزاء عمله والمثابة للبيت الذي يعود الناس إليه في كل عام والتثويب العود إلى الإعلام بعد الإعلام فجريا على هذا الأصل في تزويجها ، فقالا : لا بد من القول ولا يكتفى بسكوتها ; لأنها ثيب وخرج الإمام عن هذا الأصل ، فقال : إن اشتهر حالها بأن خرجت وأقيم عليها الحد أو صار الزنا عادة لها فلا بد من القول على الصحيح كما في المعراج أو كان وطئا بشبهة أو بنكاح فاسد فكما قالا ; لأن الشارع أظهره في غير الزنا حيث علق به أحكاما وإن لم يشتهر زناها فإنه يكتفي بسكوتها ; لأن الناس عرفوها بكرا فيعيبونها بالنطق فتتمنع عنه فيكتفى بسكوتها كي لا يتعطل عليها مصالحها ، وقد ندب الشارع إلى ستر الزنا فكانت بكرا شرعا والوثبة النطة وفي النهاية الوثبة الوثوب والتعنيس طول المكث من غير تزويج وأشار المصنف رحمه الله إلى أن البكر لو خلا بها زوجها ثم طلقها قبل الدخول فإنها تزوج ثانيا كبكر لم تتزوج أصلا فيكتفى بسكوتها وإن وجبت عليها العدة ; لأنها بكر حقيقة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله والبكرة ) بضم الباء اسم لأول النهار . ( قوله إلا أن الصحيح أن هذا قول الكل ) مرجع الإشارة قوله البكر اسم لامرأة إلخ .




                                                                                        الخدمات العلمية