الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وتباين الدارين سبب الفرقة لا السبي ) والشافعي يعكسه لأن التباين أثره في انقطاع الولاية وذلك لا يؤثر في الفرقة كالحربي المستأمن ، والمسلم المستأمن أما السبي فيقتضي الصفاء للسابي ولا يتحقق إلا بانقطاع النكاح ولهذا يسقط الدين عن ذمة المسبي ولنا أن مع التباين حقيقة وحكما لا ينتظم المصالح فشابه المحرمية ، والسبي يوجب ملك الرقبة وهو لا ينافي النكاح ابتداء فكذلك بقاء وصار كالشراء ثم يقتضي الصفاء في محل عمله وهو المال لا في محل النكاح ، وفي المستأمن لم تتباين الدار حكما لقصد الرجوع فيتفرع أربع صور وفاقيتان وهما لو خرج الزوجان إلينا معا ذميين أو مسلمين أو مستأمنين ثم أسلما أو صارا ذميين لا تقع الفرقة اتفاقا وما لو سبي أحدهما تقع الفرقة اتفاقا عنده للسبي وعندنا للتباين وخلافيتان إحداهما ما إذا خرج أحدهما إلينا مسلما أو ذميا أو مستأمنا ثم صار بأحد الوصفين عندنا تقع فإن كان الرجل حل له التزوج بأربع في الحال وبأخت امرأته التي في دار الحرب إذا كانت في دار الإسلام وعنده لا تقع الفرقة بينه وبين زوجته التي في دار الحرب ، والثانية ما إذا سبي الزوجان معا فعنده تقع فللسابي أن يطأها بعد الاستبراء وعندنا لا لعدم تباين داريهما أطلق في التباين فانصرف إليه حقيقة وحكما فلو تزوج مسلم كتابية حربية في دار الحرب فخرج عنها الزوج بانت لوجوده ولو خرجت المرأة قبل الزوج لم تبن لأن التباين ، وإن وجد حقيقة لم يوجد حكما لأنها صارت من أهل دار الإسلام لأنها التزمت أحكام المسلمين فالظاهر أنها لا تعود إلى دار الحرب ، والزوج من أهل دار الإسلام حكما بخلاف ما إذا أخرجها كرها فإنها تبين لأنه ملكها لتحقق التباين حقيقة وحكما لأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الإسلام حكما وإذا دخل الحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه من دار الحرب حكما فإن قبل الذمة بانت لأنه صار من أهل دارنا حقيقة وحكما .

                                                                                        [ ص: 229 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 229 ] ( قوله : حقيقة وحكما ) قال في النهر : المراد بالتباين حقيقة تباعدهما شخصا وبالحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار ، والسكنى حتى لو دخل الحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه في داره حكما إلا إذا قبل الذمة ا هـ .

                                                                                        ( قوله : بأحد الوصفين ) أي أسلم أو صار ذميا ( قوله : فلو تزوج مسلم كتابية ) تفريع على أن المراد بالتباين التباين حقيقة وحكما وهو ظاهر على ما مر من تفسيرهما ، وفي الفتح عن المحيط مسلم تزوج حربية في دار الحرب فخرج بها رجل إلى دار الإسلام بانت من زوجها بالتباين فلو خرجت بنفسها قبل زوجها لم تبن لأنها صارت من أهل دارنا بالتزامها أحكام المسلمين إذ لا تمكن من العود ، والزوج من أهل الإسلام فلا تباين ا هـ .

                                                                                        ووجهه في الفتح بأن المراد في الصورة الأولى إذا أخرجها الرجل قهرا حتى ملكها لتحقق التباين بينها وبين زوجها حينئذ حقيقة وحكما أما حقيقة فظاهر وأما حكما فلأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الإسلام حكما فإن في النهر عن الحواشي السعدية ، وفي قوله : وأما حكما . . . إلخ بحث ا هـ .

                                                                                        قال : ولعل وجهه ما مر من أن معنى الحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار وهي هنا كذلك إذ لا تمكن من الرجوع قال : ثم راجعت المحيط الرضوي فإذا الذي فيه ما لفظه وساق المسألة عنه بنحو ما ساقه المؤلف ثم قال : وهذا لا غبار عليه ، والظاهر أن ما وقع في نسخة صاحب الفتح تحريف ، والصواب ما أسمعتك .




                                                                                        الخدمات العلمية