الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله : ( أنا منك طالق لغو ، وإن نوى وتبين في البائن ، والحرام ) يعني إذا قال أنا منك بائن أو عليك حرام فإنها تبين بالنية ، والفرق أن الطلاق لإزالة الملك الثابت بالنكاح أو القيد فمحل الطلاق محلهما وهي محلهما دونه فالإضافة إليه إضافة الطلاق إلى غير محله فيلغو وأما حجره عن أختها أو خامسة فليس موجب نكاحها بل حجر شرعي ثابت ابتداء عن الجمع بين الأختين وخمس لا حكما للنكاح ولهذا لو تزوجها مع أختها معا أو ضم خمسا معا لا يجوز بخلاف الإبانة لأن لفظها موضوع لإزالة الوصلة ووصلة النكاح مشتركة بينهما فصحت إضافتها إلى كل منهما عالما بحقيقتها وبخلاف التحريم لأنه لإزالة الحل وهو مشترك قيدنا بقولنا منك وعليك لأنه لو قال أنا بائن أو أبنت نفسي ولم يقل منك أو حرام ولم يقل عليك لم تطلق ، وإن نوى لأن البينونة متعددة كما في المعراج بخلاف ما إذا قال : أنت بائن أو حرام ولم يزد عليه حيث تطلق إذا نوى لتعيين إزالة ما بينهما من الوصلة بخلاف الأول وأشار إلى أنه لو ملكها الطلاق فطلقته لا يقع لما قدمناه .

                                                                                        وفي القنية أنت حرام أو أنت علي حرام يقع الطلاق بدون النية ولا يحتاج إلى كلمة " علي " مت وكذا في سن فقال لو قال لها : أنا بائن ولم يقل منك أو أنا حرام ولم يقل عليك فهذا ليس بشيء بخلاف ما إذا قال أنت بائن أو أنت حرام قال رضي الله عنه ، وفي خزانة الأكمل ع لو قال لها : أنت حرام أو بائن ولم يقل مني فهو باطل وهذا سهو منه حيث نقله من العيون ، وفي العيون ذكر ذلك من جانب المرأة فقال لو جعل أمر امرأته بيدها فقالت للزوج أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو حرام أو أنا عليك حرام أو بائن وقع ولو قالت أنت بائن أو حرام ولم تقل مني فهو باطل ووقع في بعض [ ص: 303 ] نسخ العيون ولو قال بغير تاء التأنيث وظن صاحب الأكمل أنها مسألة مبتدأة وظن أنه لو قال ذلك الرجل لامرأته فهو باطل ، وقال رضي الله تعالى عنه وعند هذا ازداد سهوا شيخنا نجم الأئمة البخاري فزاد فيها لفظة لها فقال لو قال لها أنت حرام أو بائن فهو باطل ، والمسألة مع تاء التأنيث مذكورة في الواقعات الكبرى المدنية وغير المدنية في مسائل العيون فعرف به سهوهما ا هـ .

                                                                                        والحاصل من جهة الأحكام أنه إذا أضاف الحرمة أو البينونة إليها وقع من غير إضافة إليه ، وإن أضاف إلى نفسه لا يقع من غير إضافة إليها ، وإن خيرها فأجابت بالحرمة أو البينونة فلا بد من الجمع بين الإضافتين أنت حرام علي أنا حرام عليك أنت بائن مني أنا بائن منك والله سبحانه وتعالى الموفق وقد حكي في المعراج في مسألة أنا منك طالق أن امرأة قالت لزوجها لو كان إلي ما إليك لرأيت ماذا أصنع فقال جعلت ما إلي إليك فقالت طلقتك فرفع ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال خطأ الله نوءها هلا قالت طلقت نفسي منك وروى خط الله وصوبه النسفي وقال لا يجوز خطأ وصاحب الفائق عكسه ، والنوء كوكب تستمطر به العرب ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وفي خزانة الأكمل ع ) قال الرملي : أي معزيا إلى العيون كما صرح به في النهر ا هـ .

                                                                                        واعلم أن خزانة الأكمل اسم كتاب في ست مجلدات تصنيف أبي عبد الله يوسف بن علي بن محمد الجرجاني ونسب لأبي الليث ، والصحيح أنه لهذا كذا في تاج التراجم للعلامة قاسم

                                                                                        [ ص: 303 ] ( قوله : وروي خط الله ) قال في النهر : الخط من الخطيطة وهي أرض لم تمطر كذا في الدراية .




                                                                                        الخدمات العلمية