الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ، وإن لم يكن عليه نقع وبه بلا عجز ) أي ، وإن لم يكن على جنس الأرض غبار حتى لو وضع يده على حجر لا غبار عليه يجوز وقال محمد لا يجوز لظاهر قوله تعالى { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } قلنا من للابتداء في المكان إذ لا يصح فيها ضابط التبعيضية ، وهو وضع بعض موضعها والباقي بحاله إذ لو قيل فامسحوا بوجوهكم وأيديكم بعضه أفاد أن المطلوب جعل الصعيد ممسوحا والعضوين آلته ، وهو منتف اتفاقا ولا يصح فيها ضابط البيانية ، وهو وضع الذي [ ص: 157 ] موضعها مع جزء ليتم صلة الموصول كما في { اجتنبوا الرجس من الأوثان } أي الذي هو الأوثان كذا في فتح القدير ومثله توضأت من النهر أي ابتداء الأخذ للوضوء من النهر وفي الكشاف ، فإن قلت قولهم إنها لابتداء الغاية قول متعسف ولا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسي من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض قلت هو كما تقول والإذعان للحق أحق من المراء ذكره في تفسير آية النساء واختار ابن أمير حاج تلميذ المحقق ابن الهمام أنها لتبيين جنس ما تماسه الآلة التي بها يمسح العضوين على أن في الآية شيئا مقدرا طوي ذكره لدلالة الكلام عليه كما هو دأب إيجاز الحذف الذي هو باب من البلاغة التقدير والله أعلم امسحوا بوجوهكم وأيديكم مما مسه شيء من الصعيد ، وهذا لا يوجب استعمال جزء من الصعيد في العضوين قطعا ا هـ .

                                                                                        وقوله : وبه بلا عجز أي بالنقع يجوز التيمم بلا عجز عن التراب وعند أبي يوسف لا يجوز إلا عند العجز ( تنبيهات ) :

                                                                                        الأول : أن الصعيد المذكور في الآية ظرف مكان عندنا وعند الشافعي ومن يشترط التراب مفعول به بتقدير حذف الباء أي بصعيد ذكره القرطبي .

                                                                                        الثاني : أن التيمم على التيمم ليس بقربة كذا في القنية وظاهره أنه ليس بمكروه وينبغي كراهته لكونه عبثا الثالث ذكر في الغاية أن هاهنا لطيفة ، وهي أن الله تعالى خلق درة ونظر إليها فصارت ماء ثم تكاثف منه وصار ترابا وتلطف منه فصار هواء وتلطف منه فصار نارا فكان الماء أصلا ذكره المفسرون ، وهو منقول عن التوراة ، وإنما لم يجز التيمم بالمعدن كالحديد ; لأنه ليس بتبع للماء وحده حتى يقوم مقامه ولا للتراب كذلك ، وإنما هو مركب من العناصر الأربعة فليس له اختصاص بشيء منها حتى يقوم مقامه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ومثله توضأت من النهر ) أي مثل قوله تعالى { فامسحوا بوجوهكم } الآية في كون من للابتداء في المكان ( قوله : الأول أن الصعيد المذكور في الآية ظرف مكان إلخ ) أقول : تقدم أن الصعيد اسم لوجه الأرض ترابا كان أو غيره وحينئذ لا يخلو إما أن يراد بقوله تعالى { فتيمموا } المعنى اللغوي أو الشرعي ، فإن كان الأول يكون المعنى اقصدوا وجه الأرض فهو مفعول به لا ظرف نظير قولك قصدت دار زيد ، وإن كان الثاني فهو مفعول به على تقدير الباء كما نسبه إلى الشافعي رحمه الله ولا يجوز أن يكون ظرف مكان ; لأنه مختص بل هو اسم مكان نعم يجوز في اسم المكان النصب ولكن يكون نصبه نصب المفعول به على التوسع في الكلام لا نصب الظرف ; لأن الظرف غير المشتق من اسم الحدث يتعدى إليه كل فعل والبيت والدار مثلا في قولك دخلت البيت أو الدار ليسا كذلك فلا يقال نمت البيت ولا قرأت الدار مثلا كما يقال نمت أمامك وقرأت عندك فهو حينئذ منصوب على التوسع بإجراء اللازم مجرى المتعدي لا على الظرفية ومثله وجه الأرض كما لا يخفى ( قوله : إن التيمم على التيمم ليس بقربة ) قال الرملي أقول : وكذا الغسل على الغسل كما في القنية أيضا .




                                                                                        الخدمات العلمية