الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن زادت من مال أو من دراهم ردت مهرها أو ثلاثة دراهم ) يعني ردت مهرها فيما إذا قالت خالعني على ما في يدي من مال ، ولم يكن في يدها شيء وردت ثلاثة دراهم فيما إذا قالت خالعني على ما في يدي من دراهم ، ولم يكن في يدها شيء لأنها في الأولى لما سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بالعوض ، ولا وجه إلى إيجاب المسمى وقيمته للجهالة ، ولا إلى قيمة البضع أعني مهر المثل لأنه غير متقوم حالة الخروج فتعين إيجاب ما قام به على الزوج كذا في الهداية ، وقيده في الخلاصة بعدم العلم فقال لو خالعها على ما في هذا البيت من المتاع ، وعلم أنه لا متاع في هذا البيت وقع الطلاق ، ولا يلزمها شيء ، وذكر اليد مثال والبيت والصندوق وبطن الجارية والغنم كاليد ، وقوله من مال مثال أيضا ، والمتاع ، والحمل للبطن كالمال فإذا قالت على ما في بطن جاريتي أو غنمي من حمل ردت المهر ، وفي المحيط لو خالعها بما لها عليه من المهر ثم تبين أنه لم يبق عليه شيء من المهر لزمها رد المهر لأنه طلقها بطمع ما نص عليه فلا يقع مجانا فإن علم الزوج أنه لا مهر لها عليه ، وأن لا متاع في البيت في مسألة على ما في البيت من متاع لا يلزمها شيء لأنها لم تطمعه فلم يصر مغرورا . ا هـ .

                                                                                        وفي الثانية ذكرت الجمع ، ولا غاية لأقصاه ، وأدناه ثلاثة فوجب الأدنى كما لو أقر بدراهم أو أوصى بدراهم ، وأورد عليه أن من للتبعيض فينبغي وجوب درهم أو درهمين .

                                                                                        وأجيب بأنها هنا للبيان لأن الأصل أن كل موضع تم الكلام بنفسه ، ولكنه اشتمل [ ص: 86 ] على ضرب إبهام فهي للبيان ، وإلا فللتبعيض ، وقولها خالعني على ما في يدي كلام تام بنفسه حتى جاز الاقتصار عليه ، ولا فرق في الحكم بين ذكر الجمع منكرا أو معرفا ، وأورد عليه إذا كان معرفا أنه ينبغي وجوب واحد فقط لما عرف أن الجمع المحلى كالمفرد المحلى كما لو حلف لا يشتري العبيد أو لا يتزوج النساء ، وأجيب بأنه إنما ينصرف إلى الجنس إذا عري عن قرينة العهد كما في المثالين ، وقد وجدت القرينة هنا على العهد ، وهو قولها على ما في يدي كذا في الكافي ، وأوضحه في فتح القدير فقال لأن قولها على ما في يدي أفاد كون المسمى مظروفا بيدها ، وهو عام يصدق على الدراهم ، وغيرها فصار بالدراهم عهد في الجملة من حيث هو ما صدقات لفظ ما ، وهو مبهم وقعت من بيانا له ، ومدخولها هو المبين لخصوص المظروف ، والدراهم مثال ، والمراد أنها بينت المبهم بجمع كالدنانير ، وينبغي أن يكون قولها على ما في هذا البيت من الشياه أو الخيل أو البغال أو الحمير كذلك يلزمها ثلاثة من المسمى ثم رأيت في المعراج لكن زاد الثياب ، وفيه نظر للجهالة المتفاحشة ، وقيد بقوله ، ولا شيء في يدها لأنه لو كان في يدها مال متقوم كان له قليلا كان أو كثيرا ، ولا يلزمها رد المهر في الأولى ، وأما في الثانية فلا بد أن يكون في يدها جمع مما سمته فلو كان في يدها درهم أو درهمان لزمها تكملة الثلاثة كذا في الخانية والمبسوط .

                                                                                        وبهذا علم أن في كلام المصنف مسامحة لأن عدم وجود شيء في يدها شرط لرد المهر في الأولى ، وعدم وجود الثلاثة شرط في الثانية ، وكلامه لا يفيده ، وأفاد بقوله ردت المهر أنه مقبوض فيدل على أنه لو لم يكن مقبوضا برئ منه ، ولا شيء عليها كما ذكره العمادي في فصوله ، وفي الجوهرة ثم إذا وجب الرجوع بالمهر له ، وكانت قد أبرأته منه لم يرجع عليها بشيء لأن عين ما يستحقه قد سلم له بالبراءة فلو رجع عليها يرجع لأجل الهبة ، وهي لا توجب على الواهب ضمانا . ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية ، والحاصل أنه إذا سمى ما ليس بمتقوم لا يجب شيء ، وإن سمى موجودا معلوما يجب المسمى إن سمى مجهولا جهالة مستدركة فكذلك ، وإن فحشت الجهالة ، وتمكن الخطر بأن خالعها على ما يثمر نخلها العام أو على ما في البيت من المتاع ، ولم يكن فيه شيء بطلت التسمية ، وردت ما قبضت . ا هـ .

                                                                                        وقيد بالخلع لأن السيد لو أعتق عبده على ما في يده من الدراهم ، وليس في يده شيء يجب عليه قيمة نفسه لأن منافع البضع غير متقومة حالة الخروج فلا يشترط كون المسمى معلوما بخلاف العبد فإنه متقوم في نفسه ، وبخلاف النكاح حيث يجب مهر المثل لأنه متقوم حالة الدخول كذا في البدائع .

                                                                                        ودلت المسألة الأولى على أنه لو خالعها على عبد بعينه مثلا ، وقد كان ميتا قبل الخلع أنه يرجع عليها بالمهر الذي أخذته منه للغرور بخلاف ما لو مات بعده حيث تجب قيمته كما لو استحق ، وظهور حريته كموته قبل الخلع فيرجع عليها بالمهر عندهما ، وعند أبي يوسف بقيمته لو كان عبدا كالمهر ، وقتله عنده بسبب كان عندها كاستحقاقه فيرجع بقيمته ، وكذا لو قطع يده كذا في المبسوط .

                                                                                        وأشار بقوله ردت المهر إلى صحة الخلع على المهر ، وقد قال في الجوهرة ، وإن وقع الخلع على المهر صح فإن لم تقبضه المرأة سقط عنه ، وإن قبضته استرده منها . ا هـ .

                                                                                        وفي الولوالجية خلعها بما لها عليه من المهر ظنا منه أن لها عليه بقية المهر ثم تذكر أنه لم يبق عليه شيء من المهر وقع الطلاق بمهرها فيجب عليها أن ترد المهر لأنه طلقها بطمع ما بقي عليه فلا يقع مجانا أما إذا علم أن لا مهر لها عليه فلا شيء له . ا هـ .

                                                                                        وفي القنية ادعت مهرها على زوجها فأنكره ثم اختلعت نفسها بمهرها ، وقبل ثم تبين بالشهود أنها كانت أبرأته قبل الخلع فليس له شيء ، ولو اختلعت على عبد ثم تبين أنه عبد الزوج ، ولا يعلم ذلك إلا بالتصادق ينبغي أن لا يلزمها شيء لأن ما هو بدل الخلع مسلم له كما لو علم أنه عبده

                                                                                        [ ص: 85 - 86 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 85 - 86 ] ( قوله وفيه نظر للجهالة المتفاحشة ) قال في النهر ينبغي إيجاب الوسط في الكل ، وبه يندفع ما قال ا هـ .

                                                                                        وفيه نظر لأن إيجاب الوسط في معلوم الجنس كالفرس ، والثوب الهروي بخلاف مجهول الجنس كالدابة والثوب ، ولذا لو سمى مهرا وجب مهر المثل ( قوله وبهذا علم أن في كلام المصنف مسامحة إلخ ) قال في النهر نفي الشيئية فيما إذا لم تسم له شيئا معناه نفي الوجود ، وفيها إذا سمت مالا أو دراهم معناه نفي وجود ما سمته ، وعلى هذا فلا مسامحة أصلا إلا أن مقتضاه أنها لو سمت دراهم فإذا في يدها دنانير أنه لا يجب له غير الدراهم ، ولم أره




                                                                                        الخدمات العلمية