الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : والترتيب المنصوص ) أي كما ذكر في النص في أصله الوافي ، وهو سنة مؤكدة عندنا على الصحيح ويكون مسيئا بتركه وعند الشافعي فرض ومنهم من بنى الخلاف على الاختلاف في معنى الواو وليس بصحيح ، فإن الصحيح عندنا وعنده كما هو قول الأكثر أن الواو لمطلق الجمع ولا تفيد الترتيب ومن زعم من أئمتنا بأنها له لمسائل استدل بها فقد أجيب عنها في الأصول ومن زعم من الشافعية أنها له فقد ضعفه النووي في شرح المهذب فلم يوجد دليل بالافتراض فنفاه أئمتنا وقد علم من فعله عليه الصلاة والسلام فقالوا بسنيته وأما ما استدل به النووي بأن الله تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات والأصل جمع المتجانسة على نسق واحد ثم عطف غيرها لا يخرج عن ذلك إلا لفائدة ، وهي هنا وجوب الترتيب فقد أجيب عنه بأن الفائدة التنبيه على وجوب الاقتصاد في صب الماء على الأرجل لما أنها مظنة الإسراف كما في الكشاف وغيره

                                                                                        وقد روى البخاري كما في التوشيح وأبو داود كما في السراج الوهاج أنه عليه الصلاة والسلام { تيمم فبدأ بذراعيه قبل وجهه } فلما ثبت عدم الترتيب في التيمم ثبت في الوضوء ; لأن الخلاف فيهما واحد ، وأما ما استدل به الشارحون للشافعي من أن الله تعالى عقب القيام بغسل الوجه بالفاء ، وهي للترتيب بلا خلاف ، ومتى وجب تقديم الوجه تعين الترتيب إذ لا قائل بالترتيب في البعض وما أجابوا به من أن الفاء إنما تفيد ترتيب غسل الأعضاء على القيام إلى الصلاة لا ترتيب بعضها على بعض فقد قال النووي : إنه استدلال باطل عن الشافعي وكأن قائله حصل له ذهول واشتباه فاخترعه ، وأما ما استدل به الزيلعي عن الشافعي من الحديث { لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه فيغسل يديه ثم يغسل وجهه ثم يغسل ذراعيه } فقد اعترف النووي بضعفه فلا حاجة إلى الاشتغال بجوابه ، وأما ما استدل به في المعراج وغيره من أنه صلى الله عليه وسلم { نسي مسح رأسه ثم تذكر فمسحها ولم يعد غسل رجليه } فقد قال النووي إنه ضعيف لا يعرف .

                                                                                        والحاصل أنه لا حاجة إلى إقامة الدليل على عدم الافتراض ; لأنه الأصل ومدعيه مطالب به ( قوله : والولاء ) بكسر الواو ، وهو التتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضو مع اعتدال الهواء كذا في تقرير الأكمل وغيره وفي السراج مع اعتدال الهواء والبدن بغير عذر ، وأما إذا كان لعذر بأن فرغ ماء الوضوء أو انقلب الإناء فذهب لطلب الماء وما أشبهه فلا بأس بالتفريق على الصحيح وكذا إذا فرق في الغسل والتيمم . ا هـ .

                                                                                        وظاهر الأول أن العضو الأول إذا جف بعدما غسل الثاني ، فإنه ليس بولاء وذكر الزيلعي وغيره أن الولاء غسل العضو الثاني قبل جفاف الأول ، وهو يقتضي أنه ولاء ، وهو الأولى وفي المعراج عن الحلواني تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين بالمنديل لا يفعل ; لأن فيه ترك الولاء ولا بأس بأن يمسح بالمنديل واستدل في المعراج على عدم فرضية الولاء بأن ابن عمر رضي الله عنهما توضأ في السوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعي إلى جنازة فدخل المسجد ثم [ ص: 29 ] مسح على خفيه ا هـ .

                                                                                        قال النووي في شرح المهذب ، وهو أثر صحيح رواه مالك عن نافع عن ابن عمر والاستدلال به حسن ، فإن ابن عمر فعله بحضرة حاضري الجنازة ولم ينكر عليه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : أي كما ذكره في النص ) أي في الآية وفيه إشارة إلى رد ما قاله الزيلعي أي الترتيب المنصوص عليه من جهة العلماء ا هـ .

                                                                                        فإنه خلاف الظاهر مع أن صاحب المتن صرح بما يدل على مراده ( قوله : وظاهر الأول ) ينبغي إسقاط لفظة الأول والإتيان بالضمير بدله أو تأخير هذا الكلام عن قوله وذكر الزيلعي .




                                                                                        الخدمات العلمية