الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله لو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره ففعل أجزأه ) ; لأنه طلب منه التمليك معنى والفقير قابض له أولا ثم لنفسه فيتحقق تملكه ثم تمليكه كهبة الدين من غير من عليه الدين إذا سلطه على القبض ولما كان طلب التمليك متنوعا إلى هبة وقرض والأصل البراءة لا رجوع على الآمر في ظاهر الرواية ، وفي التتارخانية إن قال الآمر على أن لا رجوع للمأمور فلا رجوع وإن قال على أن ترجع علي رجع عليه وإن سكت الآمر ففي الدين يرجع اتفاقا ، وفي الكفارة والزكاة لا يرجع عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يرجع ا هـ .

                                                                                        والحاصل أنهم فرقوا بين الأمر بقضاء [ ص: 118 ] الدين وبين الأمر بأداء الزكاة والتكفير مع أن الكل واجب على الآمر وقد رأيت الفرق في السراج الوهاج من كتاب الوكالة معزيا إلى الإمام الكرخي بأنه لو رجع بلا شرط رجع بأكثر مما أسقط عن ذمة الآمر ، ألا ترى أن الوجوب كان من أحكام الآخرة دون الدنيا ، ولو ثبت الرجوع بمطلق الآمر لرجع بحق مضمون في الدنيا والآخرة ولا يجوز أن يرجع بأكثر مما أسقط عن ذمته ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية من كتاب الوكالة ذكر ضابطا حسنا لما يرجع بلا شرط وما يرجع بشرط الرجوع فانظره ثمة قيد بالإطعام ; لأنه لو أمر أجنبيا أن يعتق عنه فأعتق لا يجزئه عندهما خلافا لأبي يوسف والفرق على قولهما أن التمليك بغير بدل هبة ولا جواز لها بدون القبض ولم يوجد القبض في الإعتاق ووجد في الإطعام والكسوة في كفارة اليمين كالإطعام كذا في البدائع وإن كان بجعل سماه أجزأه اتفاقا وإن أعتق عنه بغير أمره لم يجز اتفاقا لوقوعه عن المعتق كذا في الولوالجية وخرج الصوم أيضا فلو أمره أن يصوم عنه فصام لا يجزئه كذا في غاية البيان وقيد الإطعام بالأمر ; لأنه لو أطعم عنه بلا أمره لا يجزئه لعدم ملكه ولعدم النية ، وأما تكفير الوارث عن الميت ففي كفارة اليمين يجوز الإطعام أو الكسوة ، وفي كفارة الظهار بالإطعام ولا يجوز التبرع عنه في كفارة القتل ; لأن التبرع بالإعتاق غير جائز كذا في المحيط .

                                                                                        [ ص: 118 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 118 ] ( قوله وقد رأيت الفرق في السراج إلخ ) قال في النهر مقتضاه إنه لا يرجع ، ولو شرطه وقد علمت أنه يرجع ا هـ .

                                                                                        وأجاب بعض الفضلاء بأنه لما قبل الشرط فقد التزمه باختياره ( قوله : وفي البزازية من كتاب الوكالة إلخ ) عبارتها أمر غيره بأن ينفق عليه أو يقضي دينه ففعل يرجع بلا شرط الرجوع ولو قال عوض عن هبتي أو أعطه عن كفارتي أو أد زكاة مالي أو هب لفلان عني ألفا لا يرجع بلا شرط الرجوع ففي كل موضع ملك المدفوع إليه المال المدفوع مقابلا بملك المال فمأمور يرجع بلا شرط الرجوع ، وفي كل موضع ملك المدفوع إليه غير مقابل بملك المال لا يرجع بلا شرط ; لأن الدافع يملك المدفوع عن الأمر ولا في ضمن التمليك من المدفوع حتى تقضى الزكاة والتعويض والكفارة فإذا ملكه المدفوع إليه مقابلا بالملك كان الملك ثابتا للآمر أيضا مقابلا للملك فرجع عليه المأمور ; لأن بذلك الملك يجب على من يجب له الملك أما إذا ملك المدفوع إليه المدفوع لا مقابلا بالملك فالآمر يملكه أيضا لا مقابلا بالملك فيكون متبرعا فلا يرجع بلا شرط الضمان .




                                                                                        الخدمات العلمية