الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وتمم نفقة اليسار بطروه وإن قضى بنفقة الإعسار ) ; لأن النفقة تختلف بحسب اليسار والإعسار وما قضى به تقدير لنفقة لم تجب فإذا تبدل حاله فلها المطالبة بتمام حقها وزعم الشارح الزيلعي أن هذه المسألة تستقيم على قول الكرخي حيث اعتبر حال الرجل فقط ولم يعتبر حال المرأة أصلا وهو ظاهر الرواية ولا يستقيم على ما ذكر الخصاف من اعتبار حالهما على ما علمه الاعتماد فيكون فيه نوع تناقض من الشيخ ; لأن ما ذكره أول الباب هو قول الخصاف ، ثم ثنى الحكم على قول الكرخي ا هـ .

                                                                                        وأقره عليه في فتح القدير وهو مردود ، بل هو مستقيم على قول الكل ; لأن الخلاف إنما يظهر فيما إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا وكلام المصنف هنا أعم من ذلك فلو كانا معسرين وقضي بنفقة الإعسار ، ثم أيسرا فإنه يتم نفقة اليسار اتفاقا ، وإذا أيسر الرجل وحده فإنه يقضي بنفقة يساره ، ونفقة يساره في حال إعسارها عند الخصاف هي الوسط ، وكذا إذا أيسرت المرأة وحدها قضي بنفقة يسارها وهي الوسط عنده فصار كلامه شاملا للصور الثلاث بهذا الاعتبار ; لأنه لم يقيد بيسار الزوج وإن قلنا إنه المراد كما وقع التصريح به في الهداية فهو محمول على يسارها أيضا ومتى أمكن الحمل فلا تناقض وأشار المصنف إلى أن القاضي إذا فرض النفقة للمرأة فغلا الطعام أو رخص فإن القاضي يغير ذلك الحكم هذا في الظهيرية وفي الذخيرة ، وإذا فرض القاضي لها ما لا يكفيها فلها أن ترجع عن ذلك ; لأنه ظهر خطأ القاضي حيث قضى بما لا يكفيها فعليه أن يتدارك الخطأ بالقضاء لها بما يكفيها ، وكذلك إذا فرض على الزوج زيادة على ما يكفيها فله أن يمتنع عن الزيادة ا هـ .

                                                                                        وفي الخلاصة لو صالحته على أكثر من حقوقها في النفقة والكسوة إن كان قدر ما يتغابن الناس في مثله جاز وإن كان قدر ما لا يتغابن الناس فالزيادة مردودة ويلزمه نفقة مثلها ولا يبطل القضاء فلو أن القاضي فرض لها النفقة [ ص: 203 ] والسعر غال ، ثم رخص تسقط الزيادة ، وهذا يدل على أنه لا يبطل القضاء وتبطل الزيادة ا هـ .

                                                                                        يعني لا يبطل أصل التقدير بزيادة السعر أو نقصانه حتى لو مضت مدة لا تسقط النفقة إذ لو بطل أصله لسقطت بمضي الزمان وسيأتي في مسائل الصلح عن النفقة قريبا إن شاء الله تعالى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : بل مستقيم على قول الكل إلخ ) قال في النهر ما ذكر مبني على أن نفقة الوسط تسمى نفقة يسار وهو ممنوع ، وقال العيني ، بل هو مستقيم على قول الخصاف أيضا ; لأن المعتبر على قوله عند إعسار أحدهما النفقة المتوسطة فبعد يساره يتم نفقة الموسرين . ا هـ .

                                                                                        لكن يرد عليه أن العبارة صادقة بما إذا كانا معسرين فأيسرت وعكسه فإنه لا يتم لها نفقة الموسرين على قول الخصاف فيهما ويتم على قول الكرخي فيما إذا أيسر هو حينئذ فأل في اليسار بدل من المضاف إليه أي يسار الزوج كما فهمه الشارح وجرى عليه في فتح القدير كما قد علمت ، وهذا لأن الكلام السابق فيه أعني قوله ولا يفرق بعجزه عن النفقة ، وكذا قوله وإن قضى عليه بنفقة الإعسار والله تعالى الموفق




                                                                                        الخدمات العلمية