الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : والمسح على الجبيرة وخرقة القرحة كالغسل ) أي لما تحتها وليس ببدل والجبيرة كما ذكره المصنف في الطلبة عيدان تربط على الجرح ويجبر بها العظام وفي المغرب جبر الكسر جبرا وجبر بنفسه جبورا والجبران في مصادره غير مذكورة والجبر غير فصيح وجبره بمعنى أجبره لغة ضعيفة ، وإن قل استعمال المجبور بمعنى المجبر وقرحه قرحا جرحه ، وهو قريح ومقروح ذو قرح ا هـ .

                                                                                        وفي القاموس القرحة قد يراد بها الجراحة وقد يراد بها ما يخرج في البدن من بثور . ا هـ . وأياما كان المراد هنا فالحكم المذكور [ ص: 194 ] لا يختلف ثم الأصل في شرعيته على ما ذكر غير واحد من مشايخنا ما عن { علي رضي الله عنه قال انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر } رواه ابن ماجه وفي إسناده عمرو بن خالد الواسطي متروك قال النووي في هذا الحديث اتفقوا على ضعفه وفي المغرب انكسرت إحدى زندي علي صوابه كسر أحد زنديه ; لأن الزند مذكر والزندان عظما الساعد ونقل المصنف في المستصفى خلافا في أنه هل كان الكسر يوم أحد أو يوم خيبر وذكر الزيلعي المخرج أحاديث دالة على الجواز وضعفها ويكفي في هذا الباب ما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مسح على العصابة كما ذكره الحافظ المنذري ، فإن الظاهر أن الموقوف في هذا كالمرفوع ، فإن الأبدال لا تنصب بالرأي والباقي استئناس لا يضره التضعيف إن تم إذا لم يقو بعضه ببعض أما إذا قوي فليستدل به كما قدمناه ولم يذكر المصنف رحمه الله صفة المسح على الجبيرة والملحق بها لوجود الاختلاف في نقل المذهب فاعلم أنه لا خلاف في أنه إذا كان المسح على الجبيرة يضره أنه يسقط عنه المسح ; لأن الغسل يسقط بالعذر فالمسح أولى ، وإنما الخلاف فيما إذا كان لا يضره ففي المحيط ولو ترك المسح على الجبائر والمسح يضره جاز ، فإن لم يضره لم يجز تركه

                                                                                        ولا تجوز الصلاة بدونه عند أبي يوسف ومحمد ولم يحك في الأصل قول أبي حنيفة وقيل عنده يجوز تركه والصحيح أن عنده مسح الجبيرة واجب وليس بفرض حتى يجوز بدونه الصلاة ; لأن الفرضية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به وحديث علي من أخبار الآحاد فأوجب العمل به دون العلم فحكمنا بوجوب المسح عملا ولم نحكم بفساد الصلاة حال عدم المسح ; لأن الحكم بالفساد يرجع إلى العلم ، وهذا الدليل لا يوجبه ويوافقه ما في شرح الطحاوي والزيادات والذخيرة بأن المسح ليس بفرض عنده وكذا ذكر القدوري في تجريده أنه الصحيح وكذا صحح في الغاية كما في المحيط وفي التجنيس الاعتماد على أنه ليس بفرض عنده ، وفي الخلاصة أن أبا حنيفة رجع إلى قولهما بعدم جواز الترك ا هـ .

                                                                                        ويوافقه ما ذكره صاحب المجمع في شرحه من قوله وقيل الوجوب متفق عليه ، وهذا أصح وعليه [ ص: 195 ] الفتوى ; لأن المسح على الجبيرة كالغسل لما تحتها ووظيفة هذا العضو الغسل عند الإمكان والمسح على الجبيرة عند عدمه كالتيمم وكما لا يقال إن الوضوء لا يجب عند العجز عن الماء فلا يجب التيمم كذلك لا يقال إن غسل ما تحتها ساقط فسقط المسح بل هو واجب بدليله كما وجب التيمم بدليله ا هـ .

                                                                                        فحاصله أنه قد اختلف التصحيح في افتراضه أو وجوبه ولم أر من صحح استحبابه على قول وقد جنح المحقق في فتح القدير إلى تقوية القول بوجوبه حيث قال ما معناه وغاية ما يفيد الوارد في المسح على الجبيرة الوجوب فعدم الفساد بتركه أقعد بالأصول وحكم على قول الخلاصة الماضي بأنه اشتهر عن أبي حنيفة شهرة نقيضه عنه ولعل ذلك معنى ما قيل إن عنه روايتين . ا هـ .

                                                                                        وهذا مبني على ما ذكره في المحيط من أن حكم بالفساد يرجع إلى العلم فلا يثبت بدليل ظني وفيه بحث ، فإن الكلام في الصلاة مفسد لها مع أن ترك الكلام فيها ثابت بخبر الواحد ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام { إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس } فلا يكون الحكم بالفساد من باب العلم فيجوز ثبوته بظني كذا في التوشيح وقد يقال إن الحكم بالفساد بسبب الكلام ليس ثابتا بالحديث ; لأنه إنما أفاد كونه محظورا فيها والاتفاق على أنه حظر يرتفع إلى الإفساد ، فهو إنما ثبت بالاتفاق لا بالحديث ولا يخفى أنه على القول بوجوبه لا الفساد بتركه إذا لم يمسح وصلى ، فإنه يجب عليه إعادة تلك الصلاة لما عرف من أن كل صلاة أديت مع ترك واجب وجبت إعادتها هذا وقد ذكر الشيخ أبو بكر الرازي تفصيلا على قول [ ص: 196 ] أبي حنيفة فقال إن كان ما تحت الجبيرة لو ظهر أمكن غسله فالمسح واجب بالأصل ليتعلق بما قام مقامه كمسح الخف

                                                                                        وإن كان ما تحتها لو ظهر لا يمكن غسله فالمسح عليها غير واجب ; لأن فرض الأصل قد سقط فلا يلزم ما قام مقامه كالمقطوع القدم إذا لبس الخف قال الصريفني ، وهذا أحسن الأقوال ويؤيده ما ذكره المصنف في المصفى أن الخلاف في المجروح أما المكسور فيجب عليه المسح بالاتفاق كذا في السراج الوهاج فمبنى ما في المصفى على تفصيل الرازي لا كما توهمه في فتح القدير من أنه مبني على أن خبر المسح عن علي في المكسور . ا هـ .

                                                                                        وهذا كله بإطلاقة شامل لما إذا كانت الجراحة بالرأس وقد صرح به في البدائع فقال ولو كانت الجراحة على رأسه وبعضه صحيح ، فإن كان الصحيح قدر ما يجوز عليه المسح ، وهو قدر ثلاث أصابع لا يجوز إلا أن يمسح عليه ; لأن المفروض من مسح الرأس هذا القدر ، وهذا القدر من الرأس صحيح فلا حاجة إلى المسح على الجبائر ، وإن كان أقل من ذلك لم يمسح ; لأن وجوده وعدمه بمنزلة واحدة ويمسح على الجبائر ا هـ .

                                                                                        وفي المبتغى بالغين المعجمة ومن كان جميع رأسه مجروحا لا يجب المسح عليها ; لأن المسح بدل عن الغسل ولا بدل له وقيل يجب ا هـ .

                                                                                        والصواب هو الوجوب وقوله المسح بدل عن الغسل غير صحيح ; لأن المسح على الرأس أصل بنفسه لا بدل كما لا يخفى وفي شرح الجامع الصغير لقاضي خان والمسح على الجبائر على وجوه إن كان لا يضره غسل ما تحته يلزمه الغسل

                                                                                        وإن كان يضره الغسل بالماء البارد ولا يضره الغسل بالماء الحار يلزمه الغسل بالماء الحار ، وإن كان يضره الغسل ولا يضره المسح يمسح ما تحت الجبيرة ولا يمسح فوقها ا هـ .

                                                                                        قالوا ينبغي أن يحفظ هذا ، فإن الناس عنه غافلون ولكن قال في السراج الوهاج : ولو كان لا يمكنه غسل الجراحة إلا بالماء الحار خاصة ولا يمكنه بما سواه لم يجب عليه تكلف الغسل الحار ويجزئه المسح لأجل المشقة . ا هـ .

                                                                                        والظاهر الأول كما لا يخفى ; ولهذا اقتصر المحقق في فتح القدير عليه ولم ينقل غيره وقيده بأن يكون قادرا عليه ، وهو ظاهر وقد قدمنا أن المسح على الجبيرة ليس ببدل بخلاف المسح على الخفين ; ولهذا لا يمسح على الخف في أحد الرجلين ويغسل الأخرى ; لأنه يؤدي إلى الجمع بين الأصل والبدل

                                                                                        ولو كانت الجبيرة على إحدى رجليه ومسح عليها وغسل الأخرى لا يكون ذلك جمعا بين الأصل والبدل ; ولهذا أيضا لو مسح على خرقة المجروحة وغسل الصحيحة ولبس الخف عليها ثم أحدث ، فإنه يتوضأ وينزع الخف ; لأن المجروحة مغسولة حكما ولا يجتمع الوظيفتان في الرجل وعلى قياس ما روي عن أبي حنيفة إن ترك المسح على الجبائر ، وهو لا يضره يجوز ينبغي أن يجوز ; لأنه لما سقط غسل المجروحة صارت كالذاهبة هذا إذا لبس الخف على الصحيحة لا غير ، فإن لبس على الجريحة أيضا بعدما مسح على جبيرتها ، فإنه يمسح عليها ; لأن المسح عليها كالغسل لما تحتها كذا في الخلاصة ، وهذا كله ظاهر في أن هذا المسح ليس ببدل عن الغسل وظاهر ما في الهداية أنه بدل وتعقبه بعض الشارحين بأنه ليس ببدل بدليل ما ذكرنا من الفرق بينه وبين مسح الخف فكان أصلا لا بدلا .

                                                                                        وأجيب بأنه في نفسه بدل بدليل أنه لا يجوز عند القدرة على الغسل لكن نزل منزلة الأصل لعدم القدرة عليه فكان كالأصل بخلاف المسح على الخفين ، فإنه لم يعط له حكم الغسل بل هو بدل محض ; ولهذا لو جمع بينه وبين الغسل أو بين المسح على الجبيرة يلزم الجمع بين الأصل والبدل حقيقة أو حكما

                                                                                        [ ص: 194 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 194 ] ( قوله : ويوافقه ما ذكره صاحب المجمع في شرحه إلخ ) أقول : ظاهر كلامه حمل عبارة المجمع على أن المراد بالوجوب الفرضية بدليل ذكره أياها بعد نقل القول برجوع الإمام إلى قولهما أي وهما يقولان بالفرضية لكن صاحب المجمع ذكر في شرحه ثلاثة أقوال فقال ثم المسح مستحب على قول أبي حنيفة وواجب عند هما وقيل إن الوجوب متفق عليه وقيل المسح واجب عنده فرض عندهما ا هـ .

                                                                                        والذي يفهم منه أن لهما قولين قولا بالوجوب وقولا بالفرضية كما أن له قولا بالاستحباب وقولا بالوجوب فعلى هذا فرجوعه إلى قولهما رجوع عن الاستحباب إلى الوجوب بدليل جعله الأصح الذي عليه الفتوى هو أن الوجوب متفق عليه فيكون موافقا لما في شرح الطحاوي والزيادات والذخيرة وغيرها من أن الإمام قائل بالوجوب فحمل الوجوب على الفرضية بعيد لما قلنا ; ولأنه غير الظاهر من كلامه ; لأن المفهوم من قوله أولا وواجب عندهما أن المراد بالواجب غير الفرض كما هو الأصل ويدل عليه ذكره قولهما بالافتراض آخر فقوله إن الوجوب متفق عليه يكون المراد به الوجوب الأول ; لأن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأول غالبا ولا يقال تعليله بقوله ; لأن المسح على الجبيرة إلخ يوهم أن المراد بالوجوب هنا الافتراض ; لأن دليل مسح الجبيرة من الآحاد فغاية ما يفيد الوجوب كما قرره المحقق ولما كان دليل التيمم قطعيا كان الثابت به الفرضية فالتشبيه بالتيمم من حيث إن مسح الجبيرة قائم مقام غسل العضو عند الضرورة كما يشعر به قوله وكما لا يقال إلخ ولا يلزم أن يعطي المشبه ما للمشبه به من كل وجه ويدل على ما قلناه من الحمل المذكور قول الإمام الزيلعي المسح على الجبيرة واجب عندهما لا يجوز تركه لحديث علي رضي الله عنه وعند أبي حنيفة رحمه الله ليس بواجب حتى يجوز تركه من غير عذر

                                                                                        وقال في الغاية والصحيح أنه واجب عنده وليس بفرض حتى تجوز صلاته بدونه ا هـ .

                                                                                        وظاهر أن المثبت أولا والمنفي ثانيا هو الوجوب الاصطلاحي كما هو صريح كلام الغاية وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة واختلف في المسح هل هو فرض أو واجب أو مستحب ففي البدائع أنه مستحب عنده وليس بواجب وعندهما واجب وقيل في التوفيق الوجوب المنفي عنده بمعنى الفرض وعندهما المراد بالوجوب وجوب العمل دون العلم ونقل عنه ثلاثة أقوال الاستحباب والوجوب والجواز وقيل هو فرض عندهما واجب عنده ا هـ .

                                                                                        وحاصله أن الوجوب المثبت عندهما في القول الأول والثاني على حقيقته دون الثالث ، وأما المنفي عنده ففي القول الأول على حقيقته دون الأخيرين ثم المراد على الأول الاستحباب فقط وعلى الثالث الوجوب فقط وعلى الثاني أحد هذين أو الوجوب

                                                                                        وفي فتح القدير قيل واجب عندهما مستحب عنده وقيل واجب عنده فرض عندهما ا هـ .

                                                                                        ومثله في إمداد الفتاح فانظر كيف نسبوا إليها تارة القول بالفرضية وتارة [ ص: 195 ] القول بالوجوب المقابل للمستحب وللفرض ولم ينسبوا إليه القول بالفرضية فثبت بهذا أنه على قوله إما واجب أو مستحب أو جائز وعلى قولهما إما واجب أو فرض والصحيح من الثلاثة عنده القول بالوجوب كما ذكره المؤلف عن غير ما كتاب ، وإذا حملنا ما في الخلاصة من رجوعه إلى قولهما على رجوعه عن الاستحباب أو الجواز إلى الوجوب كما يشعر به تعبيرها بعدم جواز الترك ; لأن الواجب هذا شأنه بخلاف المستحب والجائز تتفق كلمتهم على شيء واحد فلا يكون ما فيها غير ما صححوه كما يشهد به ما نقلناه وما ذكره ابن الشحنة من التوفيق السابق وعليه يحمل كلام المجمع على ما هو الظاهر من كلامه كما بيناه لك فالحاصل أنه ليس للإمام قول بالفرضية إذ لم يصرح أحد به بل صرحوا بنفيه قولا له فضلا عن تصحيحه وبهذا ظهر لك ما في كلام المؤلف وكلام أخيه في النهر حيث وافقه بل زاد عليه ومشى على الفرضية وتابعه أيضا صاحب المنح فقال بعد نقله قول المؤلف فحاصله أنه قد اختلف التصحيح في افتراضه أو وجوبه

                                                                                        أقول : يجب أن يعول على ما وقع في المجمع وشرحه من أن الوجوب بمعنى الافتراض متفق عليه ; لأنه بلفظ الفتوى ، وهذا آكد في التصحيح من لفظ الأصح أو الصحيح أو المختار كما ذكره بعض أهل التحقيق ولما ذكره صاحب الخلاصة من رجوع الإمام قدس سره إليه لما فيه من الاحتياط في باب العبادات ومن ثم عولنا عليه في المختصر حيث قلنا ، وإلا لا يترك والله تعالى أعلم وفي شروح الوقاية المسح على الجبيرة إن ضر جاز تركه ، وإن لم يضر فقد اختلف الروايات عن أبي حنيفة رحمه الله في جواز تركه والمأخوذ أنه لا يجوز تركه ا هـ .

                                                                                        وبه جزم منلا خسرو ا هـ كلام المنح وتابعه الشيخ علاء الدين الحصكفي .

                                                                                        وأقول : أما ما نسبه إلى المجمع من أن الوجوب بمعنى الافتراض فليس الموجود فيه كذلك بل ظاهر كلامه خلافه كما علمت ، وأما عبارة الخلاصة فقد عملت تأويلها ، وأما ما استشهد به من كلام شروح الوقاية ومنلا خسرو من عدم جواز الترك فلا يلزم منه الفرضية ; لأن المراد لا يحل تركه والواجب كذلك لما مر وليس المراد بعدم الجواز عدم الصحة لإسنادهم إياه إلى الترك ولا يقال لا يصح تركه فتعين أن المراد به عدم الحل ; ولذا عطف في المحيط قوله ولا تجوز الصلاة بدونه على قوله لم يجز تركه بناء على قولهما بالفرضية ثم قال وقيل عنده يجوز تركه أي يحل بناء على قوله بالاستحباب أو الجواز ; ولذا قال بعده والصحيح أنه عنده واجب أي فلا يجوز تركه فقول شراح الوقاية لا يجوز تركه هو ما عبر به في المحيط بقوله والصحيح أنه واجب فظهر أن مرادهم تصحيح الوجوب لا الفرضية ويتفرع عليه أنه لو ترك المسح فصلاته صحيحة اتفاقا على الصحيح ، وهو الذي اعتمده المؤلف في الفروق من كتاب الأشباه والنظائر هذا ما ظهر لفهمي القاصر في هذا المقام ولا تقتصر عليه بل ارجع أيضا إلى رأيك منصفا وابحث مع ذوي الأفهام والله تعالى أعلم

                                                                                        ( قوله : وقد جنح المحقق إلخ ) قال في النهر وما في فتح القدير من اختيار القول بالوجوب إلخ ففيه نظر إذ الفرائض العملية تثبت بالظن والاشتهار في الرجوع بعد ثبوت أصله غير لازم ا هـ .

                                                                                        وفيه أن الفرض العملي يثبت بالظن القوي لا مطلقا لما قال المؤلف في الكلام على فرائض الوضوء أن المفروض على نوعين قطعي وظني هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفوته وعند الإطلاق ينصرف إلى الأول لكماله والفرق بين الظني القوي المثبت للفرض وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام ا هـ . فليتأمل .

                                                                                        ( قوله : وقد ذكر الشيخ أبو بكر الرازي إلخ ) قال في الشرنبلالية ويتعين [ ص: 196 ] حمل قوله لو ظهر أمكن غسله إلخ على ما إذا لم يقدر على حل الجبيرة كما سيذكره عن قاضي خان ، وإلا فلا يصح المسح عليهما ( قوله : لا كما توهمه في فتح القدير إلخ ) قال في النهر وغير خاف أن التفصيل مبني أيضا على أثر علي رضي الله عنه بناء على أن المكسور لا يضره الغسل فما في الفتح أوجه ( قوله : والصواب هو الوجوب ) مفاده أن خلافه خطأ وقد علمت ما فيه من الخلاف بين الإمام وصاحبيه فكان المناسب في التعبيران يقول والصحيح هو الوجوب وفي قوله وقوله المسح بدل عن الغسل غير صحيح نظر ظاهر ; لأن مراد المبتغى المسح على الجبيرة أي أن المسح عليها بدل عن الغسل والمسح لا بدل له ; لأن الواجب في الرأس إنما هو المسح فإذا كان على الرأس جبيرة لزم أن يكون المسح عليها بدلا عن المسح على الرأس والمسح لا بدل له .




                                                                                        الخدمات العلمية