الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله : ( كل عبد بشرني بكذا فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون ) ( عتق الأول ) ; لأن البشارة اسم لخبر سار صدق ليس للمبشر به علم عرفا ويتحقق ذلك من الأول دون الباقين ، وأصله ما روي { أنه صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود ، وهو يقرأ القرآن فقال عليه السلام من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد فابتدر إليه أبو بكر ، وعمر رضي الله عنهما فسبق أبو بكر عمر فكان يقول بشرني أبو بكر ، وأخبرني عمر } ، ولو كتب إليه أحدهما كتابا بالبشارة يعتق إلا إذا نوى المشافهة ; لأن البشارة قد تكون بالكتابة ; لأن الكتابة من الغائب بمنزلة الخطاب من الحاضر ، وكذا لو أرسل إليه رسولا فإنه يعتق في البشارة والخبر بخلاف الحديث لا يحنث إلا بالمشافهة ولو حلف لا يدعو فلانا فكتب إليه يدعوه [ ص: 373 ] حنث كما في الذخيرة ، وقيدناها بالصدق ; لأنه لو بشره كذبا لا يقع ; لأنه ، وإن ظهر في بشرة الوجه الفرح والسرور باعتبار الظاهر لكنه قد زال لما تبين له خلافه بخلاف من أخبرني أن فلانا قدم فكذا فأخبره واحد كذبا فإنه يعتق ; لأنه ينطلق على الكذب والصدق بخلاف ما إذا قال من أخبرني بقدومه فلا بد من الصدق كما قدمناه ففي البشارة لا فرق بين أن يأتي بالباء أو لا بخلاف الخبر ، وقد علم الفرق في بحث الباء من الأصول والكتابة كالخبر فلو قال إن كتبت أن فلانا قدم فكذا فكتب كذبا عتق ; لأنها جمع الحروف وقد وجد بخلاف إن كتبت بقدومه فلا بد من قدومه حقيقة فلو كتب بقدومه غير عالم به ، وقد قدم حقيقة عتق بلغ الخبر إلى الحالف أو لا لوجود الشرط كما في المحيط ، وأما الإعلام فلا بد فيه من الصدق ; لأن الإعلام إثبات العلم والكذب لا يفيده كذا في البدائع ، ولا فرق فيه بين أن يأتي بالباء أو لا كما في الذخيرة وخرج الخبر الضار فليس ببشارة عرفا ، وإن سماه الله بشارة في قوله تعالى { فبشرهم بعذاب أليم } ; لأنه بشارة لغة ، والكلام في العرف .

                                                                                        وفي المحيط لو قال أول من بشرني بقدوم فلان من عبيدي فهو حر فأرسل بعض عبيده عبدا آخر فقال قل للمولى إن فلانا يقول لك قد قدم فلان فأبلغه ذلك العبد قال يعتق المرسل دون الرسول ، وهو بمنزلة الكتابة ، ولو قال الرسول إن فلانا قد قدم ، ولم يقل أرسلني إليك فلان عبدك بكذا عتق الرسول دون المرسل ( قوله : وإن بشروه معا عتقوا ) لتحققها من الجميع قال تعالى { وبشروه بغلام عليم } .

                                                                                        [ ص: 373 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 373 ] ( قوله : ففي البشارة لا فرق إلخ ) هذا مخالف لما قدمه قبل هذا الباب في شرح قول المصنف لا يكلمه فناداه وهو نائم ، وكذا قوله : وأما الإعلام مخالف لما مر كما نبهنا عليه ، وفي تلخيص الجامع الكبير لو قال إن أخبرتني أن زيدا قدم فكذا حنث بالكذب كذا إن كتبت إلي ، وإن لم يصل ، وفي بشرتني أو أعلمتني يشترط الصدق وجهل الحالف ; لأن الركن في الأوليين الدال على المخبر وجمع الحروف ، وفي الأخريين إفادة البشر والعلم بخلاف ما إذا قال بقدومه ; لأن باء الإلصاق تقتضي الوجود ، وهو بالصدق ويحنث بالإيماء في أعلمتني وبالكتاب والرسول في الكل قوله : { فبشروه بغلام عليم } كذا في التبيين والفتح والنهر والتلاوة وبشروه بالواو .




                                                                                        الخدمات العلمية