الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وأما شرائط النفاذ فالملك أو الولاية فلم ينعقد بيع الفضولي عندنا . وأما شراؤه فنافذ كما سيأتي والولاية أما بإنابة المالك أو الشارع فالأول الوكالة .

                                                                                        والثاني ولاية الأب ومن قام مقامه بشرط إسلام الولي وحريته وعقله وبلوغه وصغر المولى عليه وأولى الأولياء في المال الأب [ ص: 281 ] ثم وصيه ، ثم وصي وصيه ، ثم الجد أبو الأب ، ثم وصيه ، ثم وصي وصيه ، ثم القاضي ، ثم من نصبه القاضي وليس لمن سواهم ولاية في المال من الأم والأخ والعم ولوصيهم ولاية بيع المنقول للحفظ والعقار لقضاء دين الميت خاصة وليس له التصرف .

                                                                                        وأما وصي المكاتب فلا يملك إلا قضاء دين المكاتب فيبيع له ولا يملك بعده إلا الحفظ في رواية الزيادات وفي رواية كتاب القسمة جعله كوصي الأب هذا إذا مات قبل الأداء .

                                                                                        وأما بعده فوصيه كوصي الأحرار فانعقد بيع الصبي العاقل عندنا موقوفا إن كان محجورا و نافذا إن كان مأذونا الثاني أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع ، فإن كان لا ينفذ كالمرهون والمستأجر واختلفت عبارات الكتب فيها ففي بعضها أنه فاسد والصحيح أنه موقوف ويحمل الفساد على أنه لا حكم له ظاهر أو هو تفسير الموقوف عندنا ويملكان الإجازة دون الفسخ ويفسخه المشتري إن لم يعلم به أولا .

                                                                                        وأما بيع عبد وجب عليه قود فنافذ كبيع المرتد والجاني ومن وجب عليه حد .

                                                                                        وأما شرائط الصحة فعامة وخاصة فالعامة لكل بيع ما هو شرط الانعقاد ; لأن ما لا ينعقد لم يصح ولا ينعكس ، فإن الفاسد عندنا منعقد نافذ إذا اتصل به القبض ، ومنها أن لا يكون مؤقتا ، فإن أقته لم يصح بخلاف الإجارة ، فإن التأقيت شرطها ، ومنها أن يكون المبيع معلوما والثمن معلوما علما يمنع من المنازعة فالمجهول جهالة مفضية إليها غير صحيح كشاة من هذا القطيع وبيع الشيء بقيمته وبحكم فلان ، ومنها خلوه عن شرط مفسد وهو أنواع شرط في وجوده غرر كاشتراط حمل البهيمة واختلفت الروايات في اشتراط حمل الجارية .

                                                                                        ورجح بعضهم أن الشارط له إن كان البائع صح وكان تبريا منه ، وإن كان المشتري ليتخذها ظئرا فسد ، ومنه ما إذا اشترى كبشا على أنه نطاح ، ومنه شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحديهما وسيأتي تفصيله ، ومنه شرط الأجل في المبيع المعين والثمن المعين ، وإنما يجوز في الدين ، ومنه شرط خيار مؤبد ، ومنه شرط خيار مؤقت مجهول ، ومنه شرط خيار مطلق ، ومنه شرط خيار مؤقت معلوم زائد على الثلاثة ، ومنه استثناء حمل الجارية .

                                                                                        ومنه الرضا ففسد بيع المكره وشراؤه ، وكذا البيع تلجئة يملك الأول بالقبض دون الثاني ، ومنها الفائدة فبيع ما لا فائدة فيه وشراؤه فاسد ففسد بيع درهم بدرهم استويا وزنا وصفة ، كذا في الذخيرة .

                                                                                        وأما الخاصة فمنها معلومية الأجل في البيع بثمن مؤجل ففسد إن كان مجهولا ، ومنها القبض في بيع [ ص: 282 ] المشترى المنقول وفي الدين فبيع الدين قبل قبضه فاسد كالمسلم فيه ورأس المال ، ولو بعد الإقالة وبيع شيء بالدين الذي على فلان بخلاف ما إذا كان على البائع ، ومنها أن يكون البدل مسمى في أحد نوعي المبادلة وهي القولية ، فإن سكت عنه فسد وملك بالقبض ، وإن نفاه قيل فسد وقيل بطل فلا يملك بالقبض وفي التتمة باعه بدين عليه وهما يعلمان أن لا دين عليه لم يصح ، ومنها المماثلة بين البدلين في أموال الربا وسيأتي تفصيله في بابه .

                                                                                        ومنها الخلو عن شبهة الربا ، ومنها وجود شرائط السلم الآتية ، ومنها القبض في الصرف قبل الافتراق ، ومنها أن يكون الثمن الأول معلوما في بيع المرابحة والتولية والإشراك والوضيعة .

                                                                                        وأما شرائط اللزوم بعد الانعقاد والنفاذ فخلوه من الخيارات الأربعة المشهورة ويزاد خيار الكمية وخيار الغبن إذا كان فيه غرور وخيار استحقاق بعض المبيع القيمي مطلقا والمثلي قبل القبض وخيار الخيانة في المرابحة وخيار نقد الثمن وعدمه وخيار كشف الحال وخيار فوات وصف مرغوب فيه وخيار إجازة بيع الفضولي وخيار هلاك بعض المبيع فهي ثلاثة عشر ، وقد صارت جملة الشرائط ستة وسبعين فشرائط الانعقاد أحد عشر وشرائط النفاذ اثنان وشرائط الصحة خمسة وعشرون وشرط اللزوم واحد بعد اجتماع الكل فعلى هذا شرائط اللزوم تسعة وثلاثون والكل من غير تداخل ثمانية وسبب شرعيته تعلق البقاء المعلوم فيه لله تعالى على وجه جميل .

                                                                                        وأما أحكامه فالأصلي له الملك في البدلين لكل منهما في بدل وهو في اللغة القوة والقدرة وشرعا ما قدمناه والتابع وجوب تسليم المبيع والثمن ووجوب استبراء الجارية على المشتري وملك الاستمتاع بالجارية وثبوت الشفعة لو كان عقارا وعتق المبيع لو كان محرما من البائع . وأما صفة ذلك الحكم فاللزوم عند عدم خيار فليس لأحدهما فسخه فالبيع عند عدم الخيار من العقود اللازمة والعقود ثلاثة لازم من الطرفين وهو البيع والسلم والإجارة ، وإن قلنا بفسخها بالأعذار والصلح والحوالة والمساقاة والوصية بعد القبول بعد موت الموصي والنكاح والصداق والصدقة المقبوضة والهبة المقبوضة إذا وجد مانع من الموانع السبعة الآتية ولازم من أحد الجانبين وهو الرهن ، فإنه لازم من جهة الراهن بعد التسليم دون المرتهن وجائز من الطرفين فلكل منهما فسخه وهو الشركة والوكالة والعارية لغير الراهن والمضاربة الوديعة والقضاء والوصاية قبل قبول الوصي .

                                                                                        وأما بعده فلازمة والوصية قبل موت الموصي .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله فلم ينعقد بيع الفضولي عندنا ) صوابه فلم ينفذ إلا أن يريد بيع الفضولي لنفسه ، فإنه باطل لكن قد علمت مما قدمناه عن الرملي أنه على الرواية الضعيفة والصحيح خلافها ( قوله وصغر المولى عليه ) يرد على التقيد المجنون [ ص: 281 ] ( قوله الثاني أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع ) أي الثاني من شرائط النفاذ والأول هو قوله الملك أو الولاية ( قوله كالمرهون والمستأجر ) قال الرملي قال في الخانية ، فإن أراد المستأجر أن يفسخ البيع اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يملك الفسخ وفي الزيلعي في بيع المرهون وفي أصح الروايتين لا ينفسخ بفسخه ومثله في الكافي والهداية والجوهرة وأكثر الكتب المعتبرة فكان عليه المعول ، وعبارة الكافي صريحة في أن القاضي لا يملك الفسخ بدون طلب المشتري قال بعد ذكر ما تقدم من عدم جواز فسخ الراهن والمستأجر والمشتري بالخيار إن شاء صبر حتى يفتك الرهن ، وإن شاء رفع الأمر إلى القاضي ليفسخ بحكم العجز عن التسليم إذ ولاية الفسخ للقاضي لا إليه ( قوله ولا ينعكس ) أي بأن يقال ما لا يصح لم ينعقد ; لأن ما لا يصح منه منعقد كالفاسد ، ومنه غيره كالباطل وفي قوله منعقد نافذ نظر ، فإن بيع المكره من الفاسد كما قدمه وهو منعقد موقوف وكان الظاهر أن يقول منعقد مملوك تأمل . ( قوله : ومنه شرط الأجل في البيع المعين والثمن المعين إلخ ) قال الرملي أقول : في جواهر الفتاوى رجل له على آخر حنطة غير السلم فباعها منه بثمن معلوم إلى شهر لا يجوز ; لأن هذا بيع الكالئ بالكالئ ، وقد نهينا عنه ، وإن باعها ممن عليه ونقد المشتري الثمن في المجلس جاز فيكون دينا بعين ا هـ .

                                                                                        وقد ذكر المسألة في منح الغفار في باب القرض قبل باب الربا نقلا عن البزازية وسيأتي في شرح قوله ويباع الطعام كيلا وجزافا نقلا عن البزازية له عليه حنطة أكلها فباعها منه نسيئة لا يجوز أقول : ومثله الزيت وكل مكيل وموزون ومثل البيع الصلح قال في الفصل الثلاثين من جامع الفصولين ، ولو غصب كر بر فصالحه وهو قائم على دراهم مؤجلة جاز ، وكذا الذهب والفضة وسائر الموزونات ، ولو صالحه على كيل مؤجل لم يجز إذ الجنس بانفراده يحرم النساء ، ولو كان البر هالكا لم يجز الصلح على شيء من هذا نسيئة ; لأنه دين بدين إلا إذا صالح على بر مثله أو أقل منه مؤجلا جاز ; لأنه عين حقه والحط جائز لا لو على أكثر للربا والصلح على بعض حقه في الكيلي والوزني حال قيامه لم يجز ا هـ .

                                                                                        وذكر في البزازية الحيلة في جواز بيع الحنطة المستهلكة بالنسيئة أنه يبيعها بثوب ويقبض الثوب ، ثم يبيعه بدراهم إلى أجل أقول : وتجري هذه الحيلة في الصلح أيضا وهي واقعة الفتوى ويكثر وقوع ذلك فاستفده ا هـ .

                                                                                        [ ص: 282 ] ( قوله ستة وسبعين ) فيه نظر ; لأن شرائط الانعقاد والنفاذ والصحة ثمانية وثلاثون وشرائط اللزوم هذه المذكورات مع زيادة الخلو من الخيارات فصارت سبعة وسبعين لكن علمت أن الصواب أن شرائط الانعقاد تسعة فيسقط منها اثنان ، ومن شرائط الصحة اثنان أيضا ، ومن شرائط اللزوم أربعة فتبقى الجملة تسعة وستين ( قوله والكل من غير تداخل ثمانية ) لم يظهر لي مراده فتأمل . ( قوله لو كان محرما من البائع ) صوابه من المشتري .




                                                                                        الخدمات العلمية