الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي القنية دفع إلى بقال ثمنا ليشتري به شيئا فوزنه فضاع منه شيء قبل الفراغ منه ، فإن وزنه بإذن الدافع ضاع من مال الدافع وما وزنه ضاع من مال البقال الشراء بالحنطة لا يصح ما لم يبين أنها جيدة أو وسط أو رديئة بعتك عبدي بمنافع دارك سنة لا يجوز ، ثم رقم هذا بيع في حق العبد إجارة في حق الدار ، فإنه جائز باع ضيعة بأربعين فقبض خمسة وثلاثين واشترى بالخمسة الباقية من المشتري شيئا محقرا قيمته قليلة ، ثم تبين بطلان البيع أو ردها المشتري بعيب أو شرط أو خيار ليس له أن يطلب الخمسة التي باع ذلك الشيء بها ، ولو باع بسدس متاعا ، وقال للمشتري هذا سدس وهو زيف وتجوز به البائع وأخذه يجوز اشتراه بسدس وزاد في الزيوف بقدر شعيرة بما يدخل بين الوزنين لا يجوز ا هـ .

                                                                                        وفي الولوالجية من الشفعة الزيوف من الدراهم بمنزلة الجياد في خمس مسائل : الأولى مسألة الشفعة إذا اشترى بالجياد ونقد الزيوف أخذ الشفيع بالجياد .

                                                                                        الثانية الكفيل إذا كفل بالجياد ونقد للبائع الزيوف يرجع على المكفول عنه بالجياد . الثالثة إذا اشترى شيئا بالجياد ونقد البائع الزيوف ، ثم [ ص: 300 ] باعه مرابحة ، فإن رأس المال هو الجياد .

                                                                                        الرابعة حلف ليقضينه حقه اليوم وكان عليه جياد فقضاه الزيوف لا يحنث . الخامسة له على آخر دراهم جياد فقبض الزيوف وأنفقها فلم يعلم إلا بعد الإنفاق لا يرجع عليه بالجياد في قولهما خلافا لأبي يوسف ا هـ .

                                                                                        ويزاد سادسة هي ما نقلناه عن تلخيص الجامع استقرض دراهم وقبضها ، ثم اشترى ما في ذمته بدنانير مقبوضة في المجلس ، ثم وجد دراهم القرض زيوفا لم يرجع بشيء ففيها الزيوف كالجياد وفي القنية عن أبي يوسف عبدان لرجلين لم يعرف كل واحد منهما عبده من عبد صاحبه فباعهما أحد الموليين بإجازة الآخر وأحدهما أكثر قيمة من الآخر فالثمن بينهما نصفان .

                                                                                        وكذا البيوت ، فإنما أنظر إلى عددها لا إلى فضل بعضها على بعض اشترى بما في هذا الكيس من الدراهم فإذا فيه دنانير جاز البيع ; لأنها جنس في حق الزكاة وعليه ملء هذا الكيس من الدراهم نقد بلده ، وكذا عند تفاوت النقدين ا هـ .

                                                                                        وقد ظهر بهذا الفرع الأخير أن قول العمادي في فصوله إن الدراهم أجريت مجرى الدنانير في سبعة مواضع : الأولى بيع القاضي دنانيره لقضاء دينه الدراهم وعكسه .

                                                                                        الثانية يصرفها المضارب إذا مات رب المال أو عزل لتصير كرأس المال . الثالثة لو كان رأس المال في يد المضارب دراهم فاشترى بدنانير كان للمضارب . الرابعة باعه بدراهم ، ثم اشتراه قبل النقد بدنانير أقل قيمة لم يجز . الخامسة لو شراه بدراهم فباعه بربح ، ثم شراه بدنانير لا يرابح . السادسة أخبر الشفيع أنه شراه بألف درهم فسلم ، ثم ظهر أن البيع بدنانير أقل قيمة أو أكثر بطلت .

                                                                                        السابعة أكره على البيع بدراهم فباع بدنانير مساوية يصير مكرها ا هـ . مختصرا .

                                                                                        ليس للحصر وفي جامع الفصولين برقم ( قش ) لو جعل الكيلي أو الوزني ثمنا بأن جعل العنب مثلا ثمنا فانقطع يفسد البيع ، ثم رقم ( ط ) قولهم بأنه يفسد بانقطاعه ليس بصحيح ، فإن من اشترى شيئا بقفيز رطب في الذمة فانقطع أو أنه لا ينتقض البيع ، ولو جعل الكيلي أو الوزني ثمنا في الذمة يشترط بيان محل الإيفاء حتى لو باع قنا بكر بر في الذمة ، فإنه يشترط بيان محل إيفائه عند أبي حنيفة وهو الصحيح وعندهما يتعين محل العقد للإيفاء وما يصلح ثمنا يصلح أجرة وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وما وزنه ضاع من البقال ) كذا في النسخ ، وهذا قول آخر رمز إليه بقوله عك وهو لعين الأئمة الكرابيسي فكان الصواب ذكر الرمز أو يقول ، ثم رقم ما وزنه إلخ كما قال في تلوه . ( قوله وزاد في الزيوف بقدر شعيرة ) كذا في عامة النسخ وفي بعضها وزاد في الوزن بدل قوله في الزيوف وهو الموجود في القنية [ ص: 300 ] ( قوله لو جعل الكيلي أو الوزني ثمنا إلخ ) قال في التتارخانية كل ما يكال أو يوزن إذا كان ثمنا بغير عينه ، وقد انقطع عن أيدي الناس أن الطالب بالخيار إن شاء أخره إلى الجديد ، وإن شاء أخذ قيمته مبيعة فقد حكم بفساد العقد حتى أوجب قيمة المبيع ، وقال أبو يوسف إن شاء أخره إلى الجديد ، وإن شاء أخذ قيمة الثمن قبل الانقطاع بلا فصل ولأبي يوسف في هذا قول آخر أن عليه قيمة الثمن يوم دفع المبيع وهو قوله الآخر وعليه الفتوى ، وكذلك الدراهم والفلوس إذا انقطع عن أيدي الناس قبل القبض فللبائع قيمة الدراهم والفلوس يوم وقع البيع في قول أبي يوسف الآخر وعليه الفتوى .




                                                                                        الخدمات العلمية