الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( وقبض رأس المال قبل الافتراق ) أي وشرطه قبض رأس المال قبل أن يتفرقا ; لأن السلم ينبئ عن أخذ عاجل بآجل وذلك بالقبض قبل الافتراق ليكون حكمه على وفق ما يقتضيه اسمه كما في الحوالة والكفالة والصرف ، وظاهر كلامه أن القبض شرط انعقاده صحيحا كبقية الشروط وهو قول البعض والصحيح أنه شرط بقائه على الصحة فينعقد صحيحا بدونه ، ثم يفسد بالافتراق بلا قبض وستأتي فائدة الاختلاف في الصرف وأطلقه فشمل ما إذا كان رأس المال مما لا يتعين أو يتعين لما ذكرناه وفي الخلاصة ، ولوأبى المسلم إليه قبض رأس المال أجبر عليه . ا هـ .

                                                                                        وفي الواقعات باع عبدا بثوب موصوف في الذمة فإن لم يضرب للثوب أجلا لا يجوز ; لأن الثوب لا يجب في الذمة إلا سلما فالأجل شرط ، فلو ضرب الأجل جاز لوجود شرطه ، فلو افترقا قبل قبض العبد لا يبطل العقد ; لأن هذا العقد اعتبر سلما في حق الثوب بيعا في حق العبد ويجوز أن يعتبر في عقد واحد حكم عقدين كما في الهبة بشرط العوض وكما في قول المولى لعبده إذا أديت إلي ألفا فأنت حر اعتبر فيه حكم اليمين وحكم المعاوضة . ا هـ .

                                                                                        وأشار المصنف رحمه الله إلى أنه لا يدخله خيار الشرط ; لأنه يمنع تمام القبض قالوا ولا يثبت في المسلم فيه خيار رؤية ويثبت فيه خيار العيب ويثبتان في رأس المال إذا كان مما يتعين وإلا فخيار الرؤية لا يثبت في النقود ودل قوله قبل الافتراق دون أن يقول في المجلس على أن القبض في المجلس ليس بشرط وفي البزازية وإن مكثا إلى الليل أو سافرا فرسخا أو أكثر ، ثم سلم جاز وإن نام أحدهما أو ناما لم تكن فرقة . ولو أسلم عشرة في كر ولم تكن الدراهم عنده فدخل المنزل ليخرجه إن توارى عن المسلم إليه بطل وإن بحيث يراه لا وصحت الكفالة والحوالة والارتهان برأس مال السلم . ا هـ .

                                                                                        وفي البدائع ، ثم إذا جازت الحوالة والكفالة فإن قبض المسلم إليه رأس المال من المحتال عليه أو الكفيل أو من رب السلم فقد تم العقد بينهما إذا كانا في المجلس سواء بقي الحويل أو الكفيل أو افترقا بعد أن كان العاقدان في المجلس وإن افترق العاقدان بأنفسهما قبل القبض بطل السلم وبطلت الحوالة والكفالة وإن بقي المحال عليه والكفيل في المجلس والعبرة لبقاء العاقدين وافتراقهما لا لبقاء الحويل والكفيل وافتراقهما لأن القبض من حقوق العقد وقيام العقد بالعاقدين فكان المعتبر بمجلسهما وعلى هذا الكفالة والحوالة ببدل الصرف ، وأما الرهن برأس المال فإن هلك الرهن في المجلس وقيمته مثل رأس المال أو أكثر فقد تم العقد بينهما وإن كانت قيمته أقل من رأس المال ، ثم العقد بقدره ويبطل في الباقي وإن لم يهلك الرهن حتى افترقا بطل السلم لحصول الافتراق لا عن قبض وعليه رد الرهن على صاحبه وكذا الحكم في بدل الصرف . ا هـ .

                                                                                        وفي إيضاح الكرماني من الرهن ولو أخذ بالمسلم فيه رهنا وسلطه على البيع فباعه بجنس المسلم فيه أو بغير جنسه جاز . ا هـ .

                                                                                        وفي تلخيص الجامع من باب إقرار المريض لوارث آخر والدينين قضاء لأولهما ، فلو أسلم ، ثم استقرض وقعت المقاصصة وفي عكسه لا . ا هـ .

                                                                                        أي لا تقع المقاصة [ ص: 178 ] إلا إذا تقاصا بدليل ما سنذكره عن البدائع ويتفرع على أن القبض شرط ما إذا قبض ، ثم انتقض القبض لمعنى أوجبه أنه يبطل السلم وبيانه أن رأس المال إما أن يكون عينا أو دينا وكل منهما إما أن يوجد مستحقا أو معيبا وكل إما أن يكون قبل الافتراق أو بعده كله أو بعضه ، وكذا بدل الصرف على هذه التفاصيل وإن كان عينا فوجد مستحقا أو معيبا فإن لم يجز المستحق ولم يرض المسلم إليه بالعيب بطل السلم بعد الافتراق أو قبله وإن أجاز المستحق ورضي المسلم إليه بالعيب جاز مطلقا وله أن يرجع على الناقد بمثله إن كان مثليا أو بقيمته إن كان قيميا ، وإن كان دينا فإن وجده مستحقا وأجيز مضي السلم مطلقا ولا سبيل للمشتري على المقبوض ويرجع على الناقد بمثله وإن لم يجز فاستبدل في المجلس صح وإن بعده بطل وإن وجده زيوفا أو نبهرجة أو ستوقة أو رصاصا فإن كانت زيوفا فرضي بها صح مطلقا بخلاف الستوقة ; لأنها ليست من جنس حقه فإن لم يرض فإن كان قبل الافتراق واستبدل في المجلس صح وإن بعده بطل عند الإمام مطلقا سواء استبدلها في المجلس أو لا هذا إذا وجدها زيوفا أو نبهرجة فإن وجدها ستوقة أو رصاصا فإن بعد الافتراق بطل سواء تجوز بها أو لا وإن استبدل في المجلس صح وتمام التفريعات في البدائع وفي الصغرى المسلم إليه إذا أتى بشيء من الدراهم وقال وجدته زيوفا فالقول له . ا هـ .

                                                                                        وفي الإيضاح استحسن أبو حنيفة في اليسير فقال يردها ويستبدل في ذلك المجلس وفي تحديد الكثير روايتان ما زاد على الثلث وما زاد على النصف . ا هـ .

                                                                                        وفيه لو وجد البعض نبهرجة أو مستحقة فاختلفا فقال رب السلم هو ثلث رأس المال وقال المسلم إليه نصفه فالقول قول رب السلم مع يمينه ، ولو كانت ستوقة أو رصاصا فاختلفا في مثل ذلك فالقول قول المسلم إليه وبيانه فيه ا هـ .

                                                                                        [ ص: 177 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 177 ] ( قوله : وفي الواقعات باع عبدا بثوب إلخ ) كان الأولى تقديمه على عبارة الخلاصة لأنه مقابل لما أفاده الإطلاق وفي فتح القدير وإن كان عينا ففي القياس لا يشترط تعجيله وفي الاستحسان يشترط . ا هـ .

                                                                                        فهو مفرع على القياس وفي حاشية أبي السعود عن الحموي ما في الواقعات مشكل ومقتضى جواب الاستحسان أن يبطل وما ادعاه يمكن إجراؤه في كل عين جعلت رأس مال السلم [ ص: 178 ] ( قوله : وله أن يرجع على الناقد ) أي على الدافع . ( قوله : استبدلها في المجلس ) قال الرملي أي مجلس الرد .




                                                                                        الخدمات العلمية