الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والقراءة ) لقوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } وحكى الشارح الإجماع على فرضيتها وهكذا في غاية البيان حتى ادعى أن أبا بكر الأصم القائل بالسنية خرق الإجماع ، وهو دليل على انعقاد الإجماع قبله ، واختلف في كونها ركنا فذهب [ ص: 309 ] الغزنوي صاحب الحاوي القدسي إلى أنها ليست بركن والجمهور إلى أنها ركن غير أنهم قسموا الركن إلى أصلي ، وهو ما لا يسقط إلا لضرورة ، وزائد ، وهو ما يسقط في بعض الصور من غير تحقق ضرورة ، وجعلوا القراءة من هذا القسم فإنها تسقط عن المقتدي بالاقتداء عندنا وعن المدرك في الركوع بالإجماع وقد تعقب كون الركن يكون زائدا فإن الركن ما كان داخل الماهية فكيف يوصف بالزيادة وأجاب الأكمل في شرح البزدوي بأنهما باعتبارين فتسميته ركنا باعتبار قيام ذلك الشيء به في حالة بحيث يستلزم انتفاؤه انتفاءه ، وتسميته زائدا فلقيامه بدونه في حالة أخرى بحيث لا يستلزم انتفاؤه انتفاءه والمنافاة بينهما إنما هي باعتبار واحد وهذا لأنها ماهية اعتبارية فيجوز أن يعتبرها الشارع تارة بأركان وأخرى بأقل منها ، فإن قيل : فيلزمهم على هذا تسمية غسل الرجل ركنا زائدا في الوضوء فالجواب : أن الزائد هو ما إذا سقط لا يخلفه بدل والمسح بدل الغسل فليس بزائد ا هـ .

                                                                                        وبهذا خرج الجواب عن بقية أركان الصلاة فإنها تسقط مع أنها ليست بزوائد لوجود الخلف لها ، وذكر في التلويح أن معنى الركن الزائد هو الجزء الذي إذا انتفى كان حكم المركب باقيا بحسب اعتبار الشرع وهذا قد يكون باعتبار الكمية كالإقرار في الإيمان أو باعتبار الكمية كالأقل في المركب منه ومن الأكثر حيث يقال : للأكثر حكم الكل ا هـ وقد علم مما ذكرناه أن القيام ركن أصلي والقراءة ركن زائد مع أن القراءة أقوى منه بدليل الفرع الذي ذكرناه عنهم في بحث القيام ، وقد يقال : إنما أوجبوا عليه القعود مع القراءة ; لأن القيام له بدل ، وهو القعود ، والقراءة لا بدل لها ، وقد خالف ابن الملك في شرح المجمع الجم الغفير وجعل القراءة ركنا أصليا ، وحد القراءة تصحيح الحروف بلسانه بحيث يسمع نفسه على الصحيح وسيأتي بيان الخلاف فيه وقدر الفرض في الفرض ، وفي النفل في فصل القراءة إن شاء الله تعالى .

                                                                                        [ ص: 309 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 309 ] ( قوله إلى أنها ليست بركن ) عبارة ابن أمير حاج في شرح المنية إلى أنها فرض وليست بركن ( قوله وهو ما يسقط في بعض الصور من غير تحقق ضرورة ) قال في النهر لقائل أن يقول : لا نسلم أنه يسقط بلا ضرورة ليلزم كونه زائدا وسقوطه فيما مر لضرورة الاقتداء ، ومن هنا ادعى ابن الملك أنه أصلي ولو سلم فلا تلزم زيادته ، ألا ترى أن غسل الرجلين يسقط بالمسح بلا ضرورة فالأولى أن يقال : الزائد هو الساقط في بعض الأحوال بلا خلف بخلاف الأصلي . ا هـ .

                                                                                        وقد يقال عليه : إن قراءة الإمام خلف عن قراءة المؤتم لما سيأتي من أن قراءة الإمام له قراءة إلا أن يجاب بما قاله بعض الفضلاء بأن المراد بالخلف خلف يأتي به من فاته الأصل وههنا ليس كذلك ويرد على كلا التعريفين القعود الأخير فإنه سيأتي أن الصحيح أنه ليس بركن أصلي وظاهره أنه ركن زائد مع أنه لا يسقط إلا عند الضرورة وإذا سقط سقط إلى خلف كالاضطجاع أو الاستلقاء إلا أن يقال إنه شرط لا ركن .

                                                                                        والحاصل أن لابن مالك شبهة قوية في مخالفته للجم الغفير في أن القراءة ركن أصلي ( قوله وقدر الفرض في الفرض ) بجر قدر عطفا على الخلاف المضاف إلى بيان .




                                                                                        الخدمات العلمية