الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومنع الرجوع دمع خزقه ) أي ومنع الرجوع في الموهوب الموانع السبعة الآتي تفصيلها ( قوله فالدال الزيادة المتصلة كالغرس والبناء والسمن ) أي حرف الدال إشارة إلى أن الزيادة المتصلة تمنع ولو زالت قبل الرجوع كما إذا شب الصغير ثم شاخ لأنه لا وجه إلى الرجوع فيها دون الزيادة لعدم الإمكان ولا مع الزيادة لعدم دخولها تحت العقد قيد بالزيادة لأن النقصان كالحبل ، وقطع الثوب بفعل الموهوب له أولا غير مانع وقيد بالمتصلة لأن المنفصلة كالولد والأرش والعقر غير مانع من الرجوع في الأصل والزيادة للموهوب له بخلاف الرد بالعيب حيث يمتنع بزيادة الولد ومراده الزيادة في العين الموجبة لزيادة القيمة فدخل الجمال والخياطة والصبغ وزيادة القيمة بالنقل من مكان إلى مكان وإسلام العبد وعفو ولي الجناية عنه وسماع الأصم وإبصار الأعمى وخرج الزيادة من حيث السعر فله الرجوع والزيادة في العين فقط كطول الغلام وفداء الموهوب له لو كان الموهوب جنى خطأ وتعليمه القرآن أو الكتابة أو الصنعة والبناء والغرس إذا كان لا يوجب زيادة في الأرض كبناء تنور الخبز في غير محله وإن كان يوجب في قطعة منها امتنع فيها فقط هذا حاصل ما ذكره الشارح هنا .

                                                                                        وقد ذكر قاضي خان في فتاويه ما يخالف بعضه فذكر أن الزيادة لو ذهبت كان للواهب أن يرجع في هبته ولو علمه القرآن أو الكتابة أو القراءة أو كانت أعجمية فعلمها الكلام أو شيئا من الحروف لا يرجع الواهب في هبته لحدوث الزيادة في العين وذكر في المحيط الأولى بلا خلاف والثانية على خلاف والمسألة الأولى مذكورة في الكافي للحاكم الشهيد ثم قال ولو وهب جارية [ ص: 292 ] في دار الحرب فأخرجها الموهوب له إلى دار الإسلام ليس له الرجوع وقصارة الثوب زيادة بخلاف غسله وفتله إن لم يزد في الثمن ولو قطعت يده وأخذ الموهوب له أرشه كان للواهب أن يرجع ولا يأخذ الأرش ولو مرض عنده فداواه لا يمتنع الرجوع بخلاف ما لو كان مريضا فداواه فإنه يمتنع كذا في المحيط وذكر الشارح أنهما لو اختلفا في الزيادة كان القول للواهب لأنه ينكر لزوم العقد وذكر في فتاوى قاضي خان تفصيلا حسنا وهو أن الزيادة المتولدة ككبر الجارية الصغيرة إذا أنكر الواهب وجودها عند الموهوب له كان القول قوله وأما في البناء والخياطة ونحوها كان القول قول الموهوب له .

                                                                                        وهكذا في المحيط إلا أنه استثنى ما إذا كان لا يبني في مثل تلك المدة قال وكذلك في الصبغ ولت السويق بسمن لأنه ا مما يقبل الانفكاك والمدعي يدعي أنه وهب له هذه الزيادة والموهوب له منكر فيكون القول قوله ونقط المصحف بإعرابه زيادة مانعة من الرجوع وقطع الشجرة من مكانها غير مانع كجعلها حطبا بخلاف جعلها أبوابا وجذوعا وذبحها عن أضحية أو هدي أو غيرهما لا يمنع وفي المحيط وهب ثوبا فشقه نصفين وخلط نصفه قباء له أن يرجع في النصف الباقي لأنه لا مانع في النصف الباقي ولو وهب حلقة فركب فيها فصا إن كان لا يمكن نزعه إلا بضرر لا يرجع وإن كان يمكن بغير ضرر يرجع وإن وهب له ورقة فكتب فيها سورة أو بعض سورة يرجع لأنه لا يزيد في ثمنه وإن قطعه مصحفا وكتب لا يرجع لأنه يزيد في الثمن وإن كانت دفاتر ثم كتب فيها فقها أو حديثا أو شعرا إن كان يزيد في ثمنه لا يرجع وإن نقص يرجع

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لأن النقصان كالحبل إلخ ) قال الرملي وفي السراج الوهاج ولو وهب له جارية فحبلت في يد الموهوب له فأراد الرجوع فيها قبل انفصال الولد لم يكن له ذلك لأنها متصلة بزيادة لم تكن موهوبة لأن الولد يحدث جزءا فجزءا فلا يصل إلى الرجوع فيما وهب إلا بالرجوع فيما لم يهب كالزيادة المتصلة . ا هـ .

                                                                                        وقد ذكر الزيلعي أن الحبل لو لم تزد به فللواهب الرجوع فيها لأنه نقصان فتأمل ما بينهما ا هـ .

                                                                                        قلت وذكر في النهر في باب خيار العيب أن الحبل عيب في بنات آدم لا في البهائم ( قوله وقد ذكر قاضي خان في فتاويه ما يخالف بعضه ) ومنه قوله ولو وهب عبدا صغيرا فشب وصار رجلا طويلا لا يرجع الواهب فيه لأن الزيادة في البدن تمنع الرجوع وإن كانت تنقص القيمة ( قوله ولو علمه القرآن إلخ ) قال في التتارخانية وفي واقعات الناطفي رجل وهب لرجل جارية فعلمها القرآن والكتابة أو المشط ليس له أن يرجع هو المختار .

                                                                                        ( قوله والمسألة الأولى مذكورة في الكافي ) قال في غاية البيان وقال في الكافي رجل وهب لرجل أرضا فبنى فيها الموهوب له بناء ثم أراد الواهب الرجوع فخاصمه إلى القاضي فقال له القاضي ليس لك أن ترجع فيها ثم هدمها الموهوب له كان للواهب أن يرجع فيها قالشيخ الإسلام علاء الدين الإسبيجابي يريد به أن قول القاضي لم يقع قضاء حتى لا ينقض وإنما وقع فتوى بناء على مانع فإذا زال المانع تغير الحكم . ا هـ .

                                                                                        ومثله في التتارخانية عن المحيط [ ص: 292 ] ( قوله وذبحها عن أضحيته إلخ ) وفي الخانية أو بقرة فذبحها فله أن يرجع فيها وهذا بلا خلاف وكذا لو ضحى بها أو ذبحها في هدي المتعة فليس له أن يرجع فيها في قول أبي يوسف وقال محمد يرجع وتجزئة الأضحية والمتعة ولم ينص على قول أبي حنيفة واختلف المشايخ فيه قال بعضهم أنه كقول محمد وهو الصحيح كذا في التتارخانية




                                                                                        الخدمات العلمية